- محمد عثمان
استطيع القول بان جل المقاربات . التى كانت ولازالت تتعاطى بمجهودها ومحاولاتها لتفكيك الاستعصاء . الذى يكتنف جغرافية شرق وجنوب حوض المتوسط . والتى كانت تراه وتتعامل معه دائما . بانه ليس غير صراع فلسطينى – صهيونى مسّرحه الجغرافية الفلسطينية . وبهذا – فى تقديرى – كانت كل الجهود ودائما تنتهى الى ذات المكان . الذى سيحافظ على ما كان سائد . قبل كل محاولة ورغبة فى تفكيك التأزم . تماما كما يحدث الان . مع انفجار الاحداث بغزة 7 اكتوبر . والتعاطى معه كعارض من اعراض التأزم الفلسطينى – الصهيونى .
فالواقع الموضوعى يقول بمفردات أحداثه غير ذلك . بان الصراع الفلسطينى – الصهيونى ليس غير عارض لاستعصاء مزّمن . لم يتمكن شرق وجنوب حوض المتوسط من مغادرته . جاعلا من هذا الفضاء بيئته اجتماعية غارقة فى تخلف وبؤس قارب قفل قرن من الزمان . مُمسكا بخناق هذه البيئة الاجتماعية . التى تتمدد مُستلقية على اتساع جغرافية شرق وجنوب حوض المتوسط . وبه صارت بيئة مُحّبطة مُحّتقنه غاضبة . جاهزة للتأطير والكوّدرة والانخراط فى اجسام باى صيغة كانت . ولا يهم حتى وان جاءت رديكالية متشنجة . عسى وربما قد يتمكن بها هذا لفضاء من مُغادرة بؤس ثقيل يُرهق ويُربك الحياة على جغرافيات شرق وجنوب المتوسط . ويُحيلها مصّدر ومُصدّر لنوبات من قلاقل تعصف بالأمن والاستقرار المحلى والاقليمى القريب والدولى البعيد .
وهذا يرجع – فى تقديرى – الى التغافل عن واقع موضوعى ظاهر للعيان فى حاضرنا ووقتنا هذا . يقول . من خلال بارجاته الملكيّة وغير الملكية برفقة حاملة للطائرات مع غواصة بمحركات ذات دفع نووي . بحمولات حربية ذات قدرة تدمرية هائلة . وفى زحف هذا الموكب ذا الشوكة . من فضاء الاطلسى نحو شواطى شرق وجنوب حوض المتوسط . ليقول من على شواطئه . بمفردات ولسان شاك سلاحا . بانه ثمت فضاء موازى بديل لفضاء شرق وجنوب حوض المتوسط تحت مسمى الشرق الاوسط . له ارباب وسدنة ونظم وتنّظيمات وظيفيّة واتباع ومستوطنين حاجات واحتياجات ومن ثم اولويات .
ومن الطبيعى . ما كان لهذا الموازى البديل ان يكون لو لم تكن له اولوياته . غير اولويات مواطنى شرق وجنوب المتوسط . وفى ثنائية هذه الاولويات يكمن التعارض و التضارب فى ما بينها . فأولويات شرق وجنوب المتوسط فى مواطنيه وساكنته . والتى كانت ترى فى استمرار اشتعال فتيل الحرب ما بين الفلسطينى و الصهيونى وفى احتياجات هذا الصراع تحديدا على جغرافية فلسطين . من الاسباب الرئيسية التى اغرقت واركست بارتداداتها . هذا الفضاء الجغرافى فى زمن من بؤس وتخلف قارب قفل قرن من الزمان . كان فيه شرق وجنوب المتوسط . ليس غير بيئة لا تفرخ الا بؤس يغلف حياة الناس بانعدام الخدمى التنموى الانمائى الحقوقى . الذى يمتل الاس التى تنهض عليه كل حياة كريمة تُليق بان يحيياها الادمى الذى كُرّم على كثير من الخلق .
وفى المقابل . وكما نتابع فى الحاضر المُتلفز والمقّروء والمسّموع بعد احداث (غزة 7اكتوبر) . كان ارباب وسدنة الفضاء الموازى البديل الموسوم بمسمى الشرق الاوسط بنُظمه وتنظيماته الوظيفيّة . قد كانوا يتعاطوا مع الحدث . كصراع فلسطينى- صهيونى على جغرافية فلسطين وفقط . وظهر ذلك عبر زياراتهم المكوكية لفضاء شرق وجنوب المتوسط الحيوى . وفى ملتقياتهم ومقابلتهم وتصريحاتهم . وقد كانوا يسعون نحو محاصرة الحرب وحرّصهم على عدم تمددها الى خارج الجغرافية الفلسطينية . وليس الى انهاء مسبباتها واطفاء فتيلها . وكأن شرق اوسطهم لا يتنفس الحياة . الا من خلال ديمومة اشتعال فتيل الصراع الفلسطينى- الصهيونى . وبقول اخر . كان هؤلاء حريصون على مقاربة الحدث والتعاطى معه . من زاوية ومنّظور شرق اوسطى . وهو وفى خاتمته. سينتهى الى اعادة ما كان سائد .
وهذا التضارب فى الاولويات . ما بين الفضاء الطبيعى والاخر الموازى البديل . كان دائما – فى تقديرى – المادة المغذية للصراع على فضاء شرق وجنوب المتوسط . وما غيرها الا اعراض جانبية له . ولكى يثم تخطّى كل ارتدادات الصراع السلبية على جغرافيات الاقليم ومحيطه . لا يجب التغافل عن هذا التضارب فى الاولويات . بل يجب ان يكون حاضرا وبقوة فى المنطلق والمرتكز لكل مشروع يسعى للتعاطى مع كل ما يدور من تأزم على فضاء شرق وجنوب المتوسط . من خلال – مثلا- اشراك ومشاركة هذا الفضاء والتفاعل معه بمستوى ارتفاع منسوب الوعّي . الذى احدثه التطور العلمى خاصتا فى مجال الاتصالات . واصبحت بذلك المعرفة متاحة امام الجميع . وبالتالى الكف عن التعاطى مع شرق وجنوب المتوسط . وفق سياسة وضع اليد عبر نُظم وتنظيمات وظيفيّة . او استدعاء صلاحيات البند السابع من ميثاق الهيئة الاممية كما يحدث على الجغرافية لليبية . ليكون الآمر الناهي على امتداد ساحاته الجغرافية . وهو وفى الواقع . ليس غير عباءة تمكن الموازى البديل الموسوم بمسمى الشرق الاوسط . من نسّجها داخل اروقة مجلس الامن . ليتمكن من تحتها وباسم الشرعية الدولية من وضع اليد على ادارة الشأن العام الليبيى وتصّريفه بما يخدم مصالح الموازى البديل الموسوم بالشرق الاوسط . بعيد عن حاجة المواطن الليبيى الملحة للخدمى الانمائى التنموى االحقوقى . الذى تحتاجه كل حياة تليق بالادمى . وبدل كل هذا يجب الذهاب بالجميع الى شراكة بين الجميع يكون فيها الربح للجميع . كما السائد بين الدول الناضجة .
امّا مقاربة احداث غزة 7 اكتوبر واختزالها فى ممثلي الشرق الاوسط . كما هو جارى الان . سينتهى بالجميع الى ما كان سائد . من بؤس وتخلف يضرب ويعصف بساكنة ومواطنى شرق وجنوب المتوسط . جاعلا من هذا الفضاء بؤرة لانتاج وزرع القلاقل والخوف بمحيطها الاقليمى والدولى . وهذا ليس ما تريده الحياة . كى تخطو بالجميع نحو الامام .