- محمود السوكني
إنتهت قمة القاهرة ولم تنتهِ فصولها بعد ، فرغم أن القادة العرب قالوا كلمتهم (الكلمة الفصل) التي ردوا بها على مقترح ترامب ، إلا أنهم لم يتمكنوا من إقناع بعض القادة المؤثرين على الحضور ، ولا فازوا بمباركة البيت الأبيض على القرارات التي أصدروها !
قالت القمة أن القادة يرفضون رفضاً قاطعاً أي شكل من أشكال تهجير الشعب الفلسطيني ، وفي هذا القول رد واضح وصريح ضد الرغبة الملحة لساكن البيت الأبيض الذي يسعى إلى ترحيل سكان غزة المنكوبة إلى دول عربية وغير عربية بدعوى أن غزة (غير صالحة للسكن ) وأن أمريكا ستتعهد بإعادة إعمارها على أحدث النظم العصرية حتى تكون قبلة للزائرين كمنتجع سياحي وفضاء تجاري ضخم قل مثيله ! إذن ، فإن القمة إستجابت (إلى حد ما) إلى مطالب الجماهير العربية بعدم الموافقة على تهجير الفلسطينيين ، وهي في هذا قد اغضبت الإدارة الأمريكية التي لم ترضى بمخرجات القمة الطارئة وأعلن المتحدث الرسمي بإسم البيت الأبيض رفضه لها فور إنتهائها !
سيظل الرئيس ترامب متمسكاً بمقترحه المستفز والخبيث الذي يعكس عقلية إستعمارية نتاج هذا العصر ، وما على القادة العرب سوى التمسك برفضهم للمخطط الصهيوني الأمريكي ، وعلى من تخلف عن حضور القمة من قادتنا ، أن يجاهر بالموافقة علناً على ما جاء في بيانها الختامي ولا يعتمد في ذلك على حضور ممثلاً عنه ، أنها شهادة للتاريخ ، وموقف واضح من القضية الفلسطينية يجب أن يسجل ويحفظ للزمن .
غير ذلك ، تضمن البيان حزمة من الإدانات حول ما يقترفه الإحتلال من قمع وتجويع وتشريد للسكان الأصليين ومنع دخول المساعدات الإنسانية بالإضافة إلى غلق المعابر المستخدمة في أعمال الإغاثة ، هذا غير ما دأب عليه الإحتلال من هدم للمنازل وإعتقال لأصحابها والزج بهم في السجون حيث يتم تعذيبهم حتى الموت .
إعتمدت القمة خطة الإعمار المقدمة من الشقيقة الكبرى مصر ، لكن الممولين الفاعلين لم يحضروا ولم يقولوا كلمتهم بعد !! كما شددت القمة على حل الدولتين الذي لا يوافق مزاج المتربع على المكتب البيضاوي ولم تعد عصابة تل أبيب تعترف به !! وهذا ليس أمراً مفاجئاً ، فقد نقض العدو إتفاقية فض الإشتباك المبرمة بينه وبين النظام السوري عام 1974 من جانب واحد في إستغلال فاضح للوضع الأمني المربك الذي تشهده الأراضي السورية بعد الإطاحة بنظام الأسد .
لن يضيع المحتل وقته في التفكير كثيراً ، فرصة وجود حاكم بقوة وعنجهية ترامب المتصهين لن يتكرر كثيراً ، وهو وسفاح تل أبيب ينطبق عليهم المثل القائل (وافق شن طبقه) وعلينا أن نتوقع من الآن سنوات أربع عجاف لا نضمن ما يخبئه لنا القدر في ثناياها .
الأيام حبلى بالمفاجآت .