إبراهيم :: فرج
كثير الظواهر التي لم يكن التخيل أنها قد تحدث في ليبيا أصبحت على مرأى ومسمع كل منا … هذه الظواهر أفرزتها الأزمات المتتالية التي تعاني منها البلاد والمواطن على وجه الخصوص … ومنها :
- تجميع الخردة بأنواعها من مكبات القمامة والشوارع وبيعها وقد أصبحت هذه الحرفة إن صح التعبير رائجة في البلاد
-
تجميع أغطية القوارير البلاستيكية وبشكل ملفت للنظر في الآونة الأخيرة وبيعها
الظاهرتان وإن كانتا محمودتان في جانب إلا أنه لم يكن متعارف عليها بشكلها الحالي وأن السبب وراء ظهورها هو الوضع الاقتصادي المزري الذي وصلت إليه سبل المعيشة في البلاد وتعكس مدى الفاقة التي وصل إليها المواطن وفي سبيل البحث عن مصادر استثنائية للدخل فقد لفت انتباهي قيام أحد المواطنين وهو برتبة عقيد في الجيش ولازال يعمل كمشرف لمعرض سيارات يقوم أيضاً بتجميع المغاطي البلاستيكية في قوارير المياه من الحجم الكبير … وأنا أستعرض عليكم هذه الحالة ليس للتشهير ولكن لعكس ما يعانيه المواطن فهذا الرجل موظف بالمؤسسة العسكرية وبحكم فراغ المؤسسة العسكرية بحث عن عمل آخر كمشرف لمعرض سيارات بالإضافة إلى ما يقوم به من عمل بتجميغ المغاطي .. وهنا تساؤل يفرض نفسه على هذه الحالة والتي تشابهها حالات كثيرة في المجتمع وعلى نفس السياق … ما سبب قيامه بذلك ؟ .. الإجابة ليست صعبة في ظل هذه الظروف الصعبة المركبه التى أحاطت بالمجتمع … ربما تجد المبرر لما يفعل ولكن هل من المنطق أن يقوم رجل مهني عسكري بهذا العمل؟
أجد له المبرر في أنه يبحث عن مصدر قوته بعد أن حجز على مرتبه في المصارف وتعطل جهة عمله عن أداء مهامها .. فوجد الفراغ والفاقه فامتهن ما امتهن. … ولكن في الاتجاه الآخر أليس ذلك خسارة للدولة بأن يتعطل عمل هذا الرجل بالرغم من تقاضي مرتبه … أليست مهنة هذا الرجل خطيرة على أمن الدولة عندما تفرغ هذه الطاقات وجعلها في الشارع مهددة أمن الدولة فمثل هذا الرجل سيكون مهددا بأن يستغل من أي جهة تريد أن تستهدف أمن الدولة … ويبقى ضميره من يحدد ذلك … كما تهدده الظروف المعيشية … ومن الظواهر الأخرى التي أصبح من المعتاد رؤيتها وبشكل كبير هو انتشار ظاهرة التسول في الطرقات العامة والمساجد والمقاهي التي أصبح العنصر النسائي هو من يمتهنها وبنسبة كبيرة جداً … إن ذلك من الظواهر السلبية التي فرضها واقع الحال للبلاد فكان أن لجأ هؤلاء إلى استجداء قوت يومهم بل امتهنوا ذلك كمصدر للدخل. ولهذه الظاهرة التي نراها إنسانية فرضتها الظروف إلا أنها أيضاً لها مساوؤها الكبرى على المجتمع ككل فضعاف النفوس كثيراً ما يستغلون من يقومون بذلك بمساومات غير شريفة تنال من عفاف أصحاب الحاجة ومن لا حاجة لهم .!!! ونضيف على هذه الظاهرة ظاهرة تسول أخرى ولكنها ترقى عن الأولى وهي قيام بعض الأطفال والنساء ببيع المناديل الورقية على الطرقات والمفترقات. والإشارات الضوئية والهدف هو مصدر رزق من التسول بطريقة تحفظ ماء الوجه قليلاً … وكثير من الظواهر الأخرى التي تستوجب الوقوف عليها ولا يمكن سردها في مقال واحد … ولكن يجب التنويه إلى أن استشراء مثل هذه الظواهر في المجتمع لها انعكاسات سلبية على أخلاقيات المجتمع عندما تكون الحاجة هي السبب الرئيسي فيها ويبقى المجتمع مهدد من قبل أصحاب النفوس الضعيفة ليمتهنوا التصيد مستغليين هذه الحاجة في الإطاحة بمن يستهدفونهم … إن مجتمعنا الذي يعاني من التردي الاقتصادي والمعيشي أصبح الآن مهددا أيضاً بانتشار ظواهر تفسخ أخلاقي ناتج عن هذه الظواهر .. وأن غياب مؤسسات الدولة السياسية والاجتماعية واﻻقتصادية والأمنية سيوقع هذا البلد في معاناة معالجة ما يترتب عن مثل هذه الظواهر في المستقبل وما تخلفه من ضرر كبير نتيجة انتشار واستغلال هذه الظواهر … هنا وجبت الإشارة إلى ذلك وندق جرس التحذير لمن يهمه ومن لايهمه الأمر .. والقصد من ذلك توعية المجتمع إلى المخاطر التي قد تواجه كل أسرة تمارس أو تفكر أن تمارس مثل هذا العمل ولعل غياب الدولة ومؤسساتها يفرض علينا أن نقوم ولو بجزء بسيط ألا وهو توعية المجتمع إلى ذلك … وأخيراً أتمنى على جناب الساسة اﻻنتباه وإن كان لا ننتظر انتباههم في ظل استشراء مرض الرمد السياسي لديهم فهم أيضاً مهددون .. نسأل الله أن يحفظ البلاد والعباد … حفظ الله ليبيا وشعبها