قراءة :: منى هيبة
استطاع الشاعر صالح بن مسكين المتسابق في برنامج شاعر ليبيا في الموسم الثاني أن ينافس بقوة ويجلس في المقعد الأمامي وأن يحصد بذرة النجاح بفوزه الباهر بالمرتبة الثانية في البرنامج الذي جمع شمل الجنوب وأذاب كل الخلافات الاجتماعية حيث وحد الليبيين أمام شاشة واحدة يبتلعون ريق الأمل بنجاح واحد لشاعر واحد وقصيدة واحدة.
( مافي العيد عيد.. دام العين فاقدة البعيد.. غير الدمع).
هذه الكلمات التي خرجت كالزلزال العنيف يغرف ألم البعد ويجرف آهات الفقد.. حيث اهتزت قلوب الملايين لما تفجرت تلكم الأبيات فكانت كالدمعة بل هي بعينها التي انحدرت تشق خدود اليتامى.
هو الشاعر/صالح علي عبد الحفيظ بن مسكين من شباب الجنوب الطيب بمنطقة زويلة وهو الابن الأكبر للشاعر المرحوم/ علي عبد الحفيظ أبوغرارة بن مسكين أحد أبرز وأهم الشعراء الذين مروا على تاريخ زويلة وصاحب القصيدة الشهيرة: ناس واجدة كانت احنا واياها وناس في المقابر حاطها مولاها.. فضلا عن كونه حفيد لعدد كبير من الشعراء الذين كانوا أجدادا له من أمه، وهو واحد من شباب الجنوب الطامحين مواليد 1981 ولد في زويلة وعاش فيها ودرس المراحل الأولى في مدراسها وكان من الطلاب المتفوقين دائماً ثم أكمل تعليمه الجامعي في كلية الزراعة بسبها واكتشف هناك موهبته الشعرية من خلال توليه عدد من المراكز الإدارية بالكلية حيث برز اسمه وتميز بين أقرانه بنشاطه الدائم ،ترأس الشؤون الطلابية بالكلية ثم على مستوى الجامعة ثم كلف بإدارة المسرح الجامعي وقبل تخرجه تم الدفع به لتولي إدارة المنتدى الجامعي بالجامعة وانفرد بتقديم كل ماهو رائع ومميز، وشارك في عديد الأمسيات الشعرية على مستوى جامعة سبها آنذاك ثم انقطع عن الكتابة الشعرية وتفرغ لمواصلة تعليمه العالي في طرابلس ومن أكاديميتها تحصل على درجة الماجستير في مجال الهندسة الزراعية وهو يعمل حالياً مهندسا في وزارة الزراعة بطرابلس، لم يخطر بباله أن يعود للشعر يوماً ولكن بفضل أصدقائه ممن يحبون الشعر استطاع العودة مجدداً للكتابة الشعرية. وكان أبرزهم عبدالسلام ارحيم الحسناوي وقرارة وآخرين .. حيث قاموا بري عروق الشعر بدواخله مجدداً من خلال الدفع به للتسجيل في برنامج شاعر ليبيا هذا الموسم فقبل المشاركة فقط إرضاء لرغبة أصدقائه فلم يكن يطمح إلى الفوز ولا حتى الوصول إلى مرحلة المباشر، ولكنه استطاع أن يقنع لجنة التحكيم وأساتذة الشعر الشعبي سريعاً من خلال مشاركته بقصيدة:
لو كان مابا يبرا.. انواكيه موسي وننجفه بالهبرا.. قديم الجرح..
حيث كان عدد المتسابقين قرابة ال 20 أو يزيد فأقنع.. وأبهر.. نافس فتقدم وأذهل جمهوره بتقدمه الرائع وتطوره الملفت وبشعره الجميل حيث كان أشبه بفنان يضرب بريشته الصور ويمزج الألوان.. نقش الحرف وكتب الكلمة ورسم الوطن.
امتازت قصائده بالحكمة والفن والأدب الأصيل..فاستطاع أن ينافس إلى آخر المراحل وأن يقدم للجنوب الفرحة الكبرى بنجاحه بالمرتبة الثانية فخرجت الجموع الهادرة تغني فرحتها وتهتف وتردد: ياصالح مليون تهاني.. كيف الأول كيف الثاني..حيث كان هو الفائز باللقب في أعينهم.. وهو بالنسبة للملايين شاعر ليبيا وفخر الجنوب.. وليس بالغريب على أرض الجنوب الطيبة أن تقدم للوطن هذه الفسيلة الرائعة فهي الأم التي أنجبت الروائي العالمي إبراهيم الكوني وأنجبت الفنانين والشعراء والمبدعين في شتى ضروب الإبداع حيث أرضعت من أثدائها الأصالة فسكبت في أحداق أبنائها كوثر العطاء.