كتب :: د.سعد الأريل
نحن مثلنا مثل الدول النامية فى العمل على شخصنة المؤسسة وخاصة المؤسسة العامة .. هؤلاء القابضون على إدارة المؤسسة العامة يعتبرون أنفسهم ملاّكا لهذه المؤسسة أيما كانت هذه المؤسسة سياسية أو اقتصادية أو خدمية ..و نرى رؤساء دول فى هذه البلدان يورثونها أبناءهم .. آخرون يهيئون لهم السبيل للاستيلاء على مقدرات الشعب ..ونراهم يقحمون أنفسهم فى كل صغيرة و كبيرة .. بامتياز إنهم أبناء الرئيس ..إذا كنت تعلم أن المواطن الأمريكي لا يعرف من هو رئيسه ؟ عندما نرى كوادر الإدارة العامة نرى المسؤولية في يد المدير فهو هو وأختامه تبقى حكرا عليه أما باقي الموظفين فهم أداة في يد المدير فهو في يده الحل و الربط ؟؟ أي أن المسؤولية تتجاوز صغار الموظفين .. كل ذلك بعدم تقسيم العمل الذي أشار إليه ( آدم سميث ) ..وعدم وجود أرضية قانونية لهذا التقسيم .. نحن فى بلادنا نرى أبناء المسؤولين يستولون على إدارة الأعمال بلا وظيفة .. و هذا يحدث في بلادنا ..نحن نجعل من قادتنا آلهة أينما حلّوا وأن أبناءهم حور .. هذه سمة من سمات المجتمع المتخلف .. أن لا وجود لتقسيم العمل .. و لازلنا نركن إلى حضرة السلطان .. ( الصديق الكبير ) هو وليد ظاهرة تجذرت في الكيان الليبي منذ زمن ..و هي الاختيار لأي مؤسسة وفق الولاء و ليس وفق الكفاءة ..و لا نريد أن نظلم هذا الرجل كيف جاء على أكبر مؤسسة في البلاد ..لنترك ذلك للتاريخ .. فهذا الرجل مجرد وريث لسياق حكومات سابقة دأبت على هذا المسلك من الاختيار ففي وقت مّا رأس المصرف المركزي شخصٌ يافعٌ لم تكن له الخبرة المصرفية في شيء.. في الدول الحضارية لا تتغير الإدارات بل رؤساء الإدارة وهو دأب حضاري أنا أعرف موظفا في الإدارة الأمريكية تحول مكتبه إلى غابة من النباتات لطيلة المدة التي قضاها في الوظيفة العامة .. نحن في كل الوظائف العامة ليس لدينا مؤسسة بالمفهوم الممكن للإدارة بل لدينا نجع ؟؟ اليوم المصرف المركزي ليس مؤسسة يديرها القانون الوظيفي وهي ظاهرة في شتى وظائفنا العامة فالمصرف المركزي فنيا هو مصرف المصارف و هو ملك للدولة و ليس الحكومة .. وهذا المفهوم غائب كلية عن مصرفنا المركزي .. في الدول الأكثر تجربة محافظ المصرف المركزي يختاره رئيس الدولة بعد عرضه على البرلمان .. فمصرفنا المركزي لا يملك الاستقلالية فى إدارة شؤون البلد المالية فهو ظلّ تابعا للإدارة الحكومية وهي التي تملي عليه الأوامر بالصرف من عدمه .. تقليديا لدى المصرف حساب للحكومة للإيرادات و الصرف مثلها مثل أي حساب لمواطن و لا يجب اجتيازه إلا بسياسات ممكنة .. لقد تحول ( الصديق الكبير ) إلى نجم في سماء ليبيا حتى الصغير ينطق باسمه .. اليوم المسألة التي يعاني منها الشعب الليبي في غياب السياسات التي قصمت ظهر الشعب الليبي وهي : – مسألة نقص السيولة : و تمحور حول عجز المصارف التجارية عن الإيفاء لزبائنها .. و مسألة نقص السيولة ترجع ألى إصدار قانون رقم ( 1 ) لعام 2013 الذي قصم ظهر السياسة التجارية في ليبيا فاختفت كل وظائف المصارف التجارية و مات سوق المال .. – عدم حرية فتح الاعتمادات : هذا العامل أوجد الأسواق السوداء في بلادنا و من ثمة مرونة سعر الصرف وفق موازنة الحساب الجاري وهي مختفية بشكل كلي – غياب نظام الضريبة على الواردات خاصة للسلع الهامشية و السلع المرفهة مما يعد ثقلا على موازنة النقد الأجنبي – الترشيد الحصصي للسلع الغذائية و الطاقة : و هذا لن يتأتى إلا بإصدار ( كوبونات ) الغذاء و استهلاك الوقود و عدم تسربه خارج الحدود ..