- محمود علي الطوير
إلى الموت أو الغرق أو السجن مهاجرون، أطفال فى عمر الزهور لم ينالوا نصيبهم بعد من الحياة، دفعتهم ظروف أسرهم الاقتصادية أو الحرب للهجرة إلى أوروبا ، استغلتهم عصابات التهريب تداعبهم بأحلام الثراء فى نفوسهم ونفوس ذويهم ، زيّنت لهم فكرة الهجرة فكان الموت فى انتظارهم ، أطفال تتراوح أعمارهم بين 12 و17 ربيعا ، أصبحوا زبائن سوق الهجرة غير الشرعية بعد أن تبين لهم أن القانون الإيطالى الذى يقوم بترحيل المتسللين من الشباب إلى أراضيها ، يرفض تسليم الصغار ، ومن ثم وجدت ظاهرة بيع الأطفال فيما يشبه أسواق النخاسة سوقًا رائجة، حيث تبيع الأسر الفقيرة كل ما تملك لتوفير مبلغ لركوب البحر يحصل عليها المهرب مقابل تسفيرهم، إلا أن الموت غالبًا ما يتربص بهم فمنهم من يموت غرقًا فى البحر أو يُفقد ولا تعرف الأسرة لجثته طريقًا، ومن يصل يتعرض لاستغلال عصابات المافيا الإيطالية، أو يقبع داخل دور رعاية إيطالية وغالبا ما يكون هؤلاء الأطفال متعددي الجنسيات الأفريقية والآسيوية وهناك معلومات بوجود 4 آلاف طفل مصري وهناك أرقام مرعبة لجنسيات أفريقية مختلفة فى دُور رعاية إيطالية ، أكدت منظمات حقوق الطفل تعرضهم لمخاطر جمة هناك ، و منذ اندلاع أحداث فبراير في ليبيا و حلقات مسلسل كوارث الهجرة غير الشرعية تزداد وتتأزم وأصبح الملف شائكا بأجندات سياسية، ترك الصغار كتبهم وألعابهم و ذهبو يبحثون عن الثراء فى بلاد لا ترحم ، إلا أن مصيرهم أصبح مجهولاً لتظل أسرهم تبكي دمًا عليهم، فلا هم وصلوا إيطاليا مثل غيرهم، ولا ماتوا ودفنوا «وبردت نارهم». حالة من الحزن والأسى تخيم على أرجاء بيوت عديدة بسيطة يطحنها الفقر ، إلا أن الفاجعة الأخيرة في أغسطس من هذا العام والذي تحطم فيه قارب مهاجرين غير شرعيين وراح ضحيته أكثر من 150 مهاجرا بينهم أطفال ونساء . وأكدت وزارة الداخلية الإيطالية أكبر تدفق لقوارب المهاجرين المسجلة خلال 12 شهرًا كانت من تونس تليها ليبيا، وفق تقريرها السنوي، ووصل المهاجرون على متن قوارب من تونس بنسبة (36.8%) وليبيا (22.3%) وتركيا (21%) واليونان (10.8%) والجزائر (9.1%)، وكلف استقبالهم حوالي 500 مليون يورو خلال الاثنا عشر شهرًا الماضية، مقابل 1.2 مليار يورو في الفترة بين أغسطس 2017 ويوليو 2018 تظل مواجهة الأسباب والعوامل الدافعة للأطفال القُصّر للهجرة غير الشرعية هي حائط الصد الأول في استراتجية تعتمدها الدولة خاصة بأن تردي الأوضاع المعيشية وتعثرها أمام الشباب المتعلم من ناحية وانسداد البحث عن حياة عملية أمام طموحاتهم خاصة مع تزايد البطالة المقنعة و ازدياد وتيرة الصراع في الوقت الراهن يشجعهم على الخوض في مغامرة بائسة فاشلة نتائجها وخيمة على طاقة شبابية يفترض أن تعول عليها دولة طاقتها فتية ، و بالإرشاد والتوعية و إيضاح الصورة الحقيقية لهؤلاء الأطفال ننقذ العديد منهم . و من هذا المنطلق على منظمات المجتمع المدني المحلية و المنظمات الدولية المعنية بملف الهجرة تحمل مسؤولياتها اتجاه هؤلاء القُصّر بحمايتهم وإيجاد الحلول المناسبة لهم .