سالم أبوظهير
تعصب بعض الناس الذي أتناوله هنا ، هو ذلك الاتجاه النفسي المشحون بانفعالية زائدة عن حدها ، وغير صحية، لدرجة تحولها من مجرد اتجاه طبيعي لشخص واحد ، إلى مشكلة نفسية واجتماعية خطيرة تضر بالشخص والمحيطين به، وتعيق تقدمهم في بناء المجتمع.
وقد يكون هذا ( التعصب) لرأي معين ، أو لعقيدة ما ، أو لحكم مسيق يتخده فرد واحد أو مجموعة أفراد مستندين في تعصبهم على أسس وقواعد يتبنونها، ويتشبتون بها بشدة ،ويصرون على أنها الأصح والانسب ، رافضين الاستناد الى االتحليل المنطقي السليم ، بل يتم اللجوء للإستعانة بتوابث متفق عليها ، يتم تعديلها وفقا لما يلائم أمزجتهم وهواهم ، وتتحول هذه التوابث الى (تابوات) وعوائق يمنع الاقتراب منها أو مناقشتها .
وبحسب علماء النفس الأجتماعي، والمتخصصين في دراسة سلوك الافراد والمجتمعات، فالتعصب له أشكال ودرجات وأنواع، فهناك التعصب الطبقي الذي ينشأ غالبا بين مجموعة واحدة من الافراد في مجتمع واحد ، يتحول فيه المجتمع الى طبقات ، مثل طبقة الأغنياء وطبقة الفقراء ، أو طبقة الرؤساء وطبقة المرؤوسين ، أو طبقة العسكريين وطبقة المدنيين وتكمن خطورة التعصب الطبقي نشوء علاقة تبعية ، فيها بعض حالاات الخوف والتعالي والحقد والتسلط.
وهناك التعصب العنصري بسبب العرق ، الذي ينشأ بسبب لون البشرة أو النوع ، وقد أبتليت روندا بهذا التعصب العرقي الذي خلف مجازر بشعة ، كما أشتهرت به امريكا في تاريخها حين مورس هذا التعصب ضد الزنوج السود وضد الهنود الحمر. كما يمكن أن ينشأ هذا التعصب بين الافراد متمثلاً في كره الاجنبي أو الوافد ، وتمييزه عن غيره ومعاملته بشكل يسىء لكينونته وادميته .
والتعصب الديني ، وفيه يتم التعصب بشكل مفرط لدين معين او مذهب او طريقة في ممارسة شعائر وطقوس وعبادات ، فيتم منعه او محاربته بشكل متعصب ، كما حدث تاريخيا في مايعرف بمحاكم التفتيش المسيحيه وماخلفته من مذابح ، وكذا ماحدث ويحدث من تعصب بعض حكومات العالم ضد الاسلام والمسلمين . اما التعصب السياسي المبني على ايديولوجيات معينة فقد ينشا داخل افراد مجتمع متماسك ومترابط فيفتك به ويضر بالعلاقات السليمة بين أفراده . ,ايضا التعصب الجنسي المبني على التفريق بين المرأة والرجل ومايخلفه هذا التعصب من أضرار بالمرأة وسلب لحقوقها أو ظواهر النسوية وماينتج عنها .
وختاما فان للتعصب أثاراً سيئة تضر بالفرد والمجتمع ، تستدعى ضرورة مقاومته ومنع حدوثه واتخاذ كل مايلزم لتجنبه والتخفيف من حدته والعمل بشكل منظم ومدروس للتقليل من مخاطرة ، عبر اجراء البحوث والدراسات ، ونشر مبادى التاخي الاجتماعي والتعاطف والتسامح منذ مرحلة الطفولة ، حفظ الله بلادنا من شر التعصب بكل أنواعه وأشكاله.