فسانيا : نجوى برزويل
أصبح هذا المشهد من السيناريوهات يتكرر كل عام مع اختلاف المكان والطريقة ولكن النتيجة واحدة وهنا تبرز أهمية إيقافه أو الحد منه، فتهرب المسؤولين وزراء كانوا أم مديري المدارس من المسؤولية بحجة سوء استخدام بعض الطلبة للممتلكات داخل المدرسة يمثل ذلك من وجهة نظرهم هدراً للمال العام، وهذا غير صحيح البتة فعندما تتوفر بيئة ترتقي بطموح الطالب فأنت هنا ترتقي بالمستوى التعليمي ككل.
رداءة دورات المياه في المدارس الحكومية
بين التربية والصحة حول تحديد المسؤولية فغياب الصيانة الدورية ونقص وضعف الإشراف الصحي يفاقم المشكلة، إغفال نظام المرافق الصحية في المدارس أمر ليس مقبولا بتاتاً فالأمر ليس مقتصرا فقط على المدارس الحكومية بل وحتى الخاصة منها، فالحمامات يعاف الطالب نفسياً استخدامها لقلة النظافة وخاصة الفتيات.
فبالرغم من تحمل بعض الأسر تكاليف تعليم أولادها في المدارس الخاصة إلا أن غياب الرؤية وإدارة ملف التعليم يعد إهداراً لقيمة هذا المستوى التعليمي أي أن البيئة الصحية لا تُعطَى أولوية وإن كانت في المدارس الخاصة أقل ضرراً. (أم محمد) أنبه ابني يوميا وهو ذاهب للمدرسة ” رد بالك تخش لحمام المدرسة” محمد وغيره الكثير من الطلبة يقضون حوالي ستة ساعات يتجنبون استخدام مرافق المدرسة وهذا على المدى البعيد يتسبب بأذى للكلى وغيرها من الأمراض سببها قصور النظافة والتهاون في شروطها.
مصدر خاص ينتقد جهود وزارتي (التربية والتعليم والصحة) ويصفها بالضعيفة في معالجة السلبيات والأخطاء وإهمال وزارة الصحة دورها في رصد ومتابعة الحالات المرضية ورفع مستوى الوعي الصحي لدى الطلبة، ويؤكد أن مراقبة الطلبة تتم من خلال مشرف الصحة المدرسية والمرشد التربوي الغائبيْن عن أداء عملهم في معظم المؤسسات التعليمية.
لا نتنصل من المسؤولية ولكن المسؤول المباشر هو الطاقم الإداري بالمؤسسة التعليمة
الأستاذ سالم البرغثي، مدير مكتب التعليم المتوسط بوزارة التعليم، في حديثنا معه قائلاً ” الوزارة تشرف على أكثر من 4000 مؤسسة تعليمية على مستوى ليبيا وهي دائماً بحاجة للصيانة الدورية وهي تحظى باهتمام الوزارة بشكل خاص فهناك ميزانية تشغيلية سنوية بسيطة مخصصة لصيانة المرافق، سابقاً كانت تعطى ميزانية لمراقبة التعليم مقيدة تحت بند النظافة أو المصروفات التي تخص هذا الجانب أما هذه السنة أعطيت الصلاحيات لصرفها وفق احتياجات المؤسسة، إضافة إلى أن معظم المؤسسات التعليمية توجد بها هوائيات ليبيانا والمدار وإيجاراتها تسلم لإدارة المدرسة وهي التي من المفترض أن تصرف القيمة على الصيانة والتجهيزات والاهتمام بها، ولا نتغاضى عن عدد الطلاب داخل المدرسة فله دور كبير في عملية الاهتمام”.
هذا وأكد وزير التربية والتعليم بحكومة الوحدة الوطنية في تصريح له” بأن ميزانية العام الماضي 2021 الخاصة بالوزارة وزعت وفق آلية الصرف على 117 من مراقبات التعليم على مستوى ليبيا في شكل ميزانية تشغيلية موضحاً أنه جرى استخدامها لإجراء صيانات وتجهيزات لـــ 4700 مؤسسة تعليمية”.
العبث بالممتلكات العامة وغياب الرقابة
الأستاذة حليمة شحات نائب مدير مدرسة بمدينة سبها :”لدي 385طالبا في المرحلة الابتدائية من التعليم الأساسي، المدرسة ثلاثة طوابق وكل طابق يحتوي على دورات مياه بسبب قلة الصيانة الدورية دورات المياه في الطابق الثالث مغلقة ولا تعمل وبسبب وجود تصريف وتشبع الجدران بالمياه في الدور الثاني أدى لتشوه عميق في المبنى، وهنا نواجه ضغطا كبيرا من نسبة عدد الطلبة ودورات المياه القابلة للاستخدام.
إدارة المدرسة جداً متعاونة في توفير صيانة للمدرسة بالقدر المستطاع وتعاونت مع عدة شركات في صيانة دورات المياه وأصبحت بحالة ممتازة ولكن عند انتهاء العام الدراسي تم اقتحام المدرسة من قبل مخربين وتم سرقة المواد الصحية وكل المعدات وتكسير ما تبقى منها وتكررت هذه الحادثة أكثر من مرة علماً بأنه لا يوجد غفير يحرس المدرسة، أما من حيث النظافة فموظفات النظافة التابعات للمدرسة وتغيبهن المتكرر وقلة توفر المياه يساهم في سوء الوضع.
يوجد بالمدرسة حالات من مرضى السكري والمسالك وحتى التبول اللا إرادي ونحن مراعون جدًا للحالات وتتم معاملتهم حسب وضعهم الصحي ولا توجد مشاكل من هذا الجانب المرشد النفسي والاجتماعي يقومان بدورهما على أكمل وجه من توعية الطالب والاهتمام بالمرافق وبالنظافة العامة جهود مبذولة من الجميع والنتيجة مرضية لنا كمشرفات وإدارة وأولياء أمور. أشدد وأؤكد على أهمية الصيانة بداية كل عام للمحافظة على الهيكل المدرسي فتراكم الخراب وعدم الصيانة هو ما ينتج عنه هذه المشاكل، تتعدد زوايا المشكلة والأسباب ولكنها تصب في ذات القضية وهي حماية أطفالنا من الأمراض وتوعيتهم
نسعى وسنسعى جاهدين لنوفر لهم ملاذاً آمنا للدراسة والتربية”
القشور تلمع واللب والأساس يئن ويتوجع. الأختان فاطمة وحنان طفلتان في المرحلة الابتدائية تعانيان من تشوه في المجاري البولية نظراً لحالتهما الصحية طلب والدهما من المدرسات السماح لابنتيه باستخدام دورة مياه المعلمات نظراً لحالة وسوء دورات المياه التي يستخدمها الطلبة وللأسف وُوجِه بالرفض من قبل إدارة المدرسة علماً بأنه أحضر تقريراً صحيا يوضح حالة الطفلتين، اضطر لأن ينقل الطفلتين إلى مدرسة خاصة علماً بأن التكاليف كانت باهظة عليه. المفارقة هي أن شروط النظافة وتأمين مستلزماتها تنطبق على الحمامات الخاصة بالمعلمين وإقفال الأبواب فيها ليست معطلة ولا ينقصها معقمات ولا تنقطع عنها المياه. “من أدنى حقوق الإنسان وجود دورات مياه صحية وملائمة ومجهزة ولكن معظم المؤسسات التعليمية تفتقر إلى هذا الأمر والمطالبة بها أصبح كأنه نوع من الكمالية وللأسف هناك الكثير ممن يعانون جسدياً من هذا الأمر مثل المسالك وهناك من لديهم سكري.
ومن جانب آخر حتى في الهيكل الوظيفي للمؤسسة نجد أن عمال النظافة غالباً ما يكون اختيارهم من كبار السن الذين لا يكونون قادرين على القيام بمهامهم بالشكل الصحيح.
لا نعمم ولكن أغلب المؤسسات التعليمية تعاني من ذات الإشكالية وغياب الدور التوعوي يفاقم المشكلة (مؤسسات المجتمع المدني قطاع الصحة، المعلمين الأخصائيين، مراقبة التعليم) يجب ألا يستهان بهذه المشكلة فهي تعد انتهاكا لحقوق الإنسان فيما يتعلق بحق الإنسان في أن يعيش في بيئة نظيفة
الأستاذة فاطمة درباش مستشارة قانونية العودة للمدرسة أصبحت أمرا مربكا عند البعض. الأستاذة خديجة عمر معلمة في المرحلة الابتدائية من التعليم الأساسي بمنطقة المنشية سبها :”أدرس في القطاعين العام والخاص والوضع سيئ جداً لكليهما، غير أنه في المدرسة العامة لا يوجد حمام خاص بالمعلمات مما يضطرهن إلى الخروج لأقرب منزل علماَ بأن هناك من يعاني من السكري والضغط فهن يحتجن الدخول بشكل مستمر والمشكلة هنا ليست في نظافة دورة المياه بل بعدم وجود مياه أساساً وهذا ما يضطر الطلبة والمعلمات إلى إحضار قنينة مياه من المنزل ليتمكن من دخول الحمام وقد ساهمت بعض المنظمات و المتبرعين في حل هذا الأمر ولكن باقي الحال على وضعه.
لدي طالبتين أصبن بالصفرة وكان السبب مقاعد الحمامات التي كانت تنقل العدوى بين الطلبة، أيضاً هناك من يعاني من السكري والمسالك وكانت المساعدة الوحيدة التي باستطاعتنا كمعلمات أن نقدمها لهم هي السماح لهم بالذهاب لدورة المياه أثناء الدرس حتى وإن تجاوز الأمر الأربع مرات وأكثر.
ومع ازدياد الأمر سوءاً قدمنا شكوى للإدارة بإلزام حل هذه المشكلة وكان الحل هو جلب خزان مياه احتياطي في حالة انقطاع المياه، ولم يحل الأمر المشكلة نظراً للانقطاع المتكرر للكهرباء”. إلى متى ستظل هذه العقبة في المراقبة والإشراف والتخاذل في القرارات التي تمس سلامة وصحة الإنسان، وكيف نهمل هذا المرفق الهام؟
ولماذا لا تطبق بعض المشاريع الاستثمارية في مجال الخدمات العامة؟ كشركات خاصة تتولى صيانة دورات المياه والإشراف عليها وتوفير عمالة مختصة لتنظيفها. فهل ممكن أن تسعى الجهات المعنية لتوفير مثل هذه المشاريع والأمور الضرورية؟
ولنقي أبناءنا خطر الأمراض المعدية والمناظر المؤذية. وهذه دعوة جدية إلى التشدد في تقارير الصحة المدرسية التي ترفع إلى وزارة التربية والتعليم وعدم التهاون في تصويب أوضاعها أو الاستهانة بتخصيص موارد مالية كافية للصيانة وأمور النظافة.