خديجة حسن
سئل رسول الله «صل الله عليه وسلم» هل يسرق المسلم؟ قال: نعم، وهل يزنى؟ قال: نعم، وهل يكذب؟ قال لا.
تلك الآفة التي حذر منها القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، والتي حملت لنا الشريعة الإسلامية الكثير من الضوابط التي تحض المسلم على أن يكون صادقا مع نفسه ومع المجتمع،ويشير إلى أن الرسول «صلى الله عليه وسلم» حذر من الكذب وقال في الحديث الشريف «آية المنافق ثلاث، إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا أؤتمن خان»، وهذا يدل على أن الإسلام حرم وجرم الكذب وجعل العذاب الشديد لمن يفعله، فما بالنا أن صفة الكذب من أكثر ما حذر الله منه في القرآن الكريم، فقد جاء بالقرآن الكريم توضح العاقبة الوخيمة للكذب، وأوضح أن هذه الصفة الذميمة تثير غضب وسخط الله عز وجل معلقا بأن الكذب محرم على المسلم قولا وفعلا ضاحكا به أو جادًا أو مخادعا.
إن الله تبارك وتعالى إذا أراد بعبده خيرا وفقه للصلاح والعمل الصالح والخلق الكريم فكان أحسن المخلوقين ، وإذا أراد بعبده سوءًا أوكله إلى نفسه بما كسبت يداه فظهر فاسدا مفسدا ذا خلق سيئ وطبع فاسد ولقد حرص وشدد الإسلام على أتباعه ليتحلوا بالأخلاق الكريمة ويحذروا من الأخلاق السيئة التي تودي بمروءة المرء وشيمته ودينه وتسقط آدميته وإنسانيته.
قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان، فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر(.
ومما حذر الله تعالى منه عباده ورسوله صلى الله عليه وسلم خلق الكذب، وكفى بالمرء خسة أن يكون كذابا يُشار إليه من بعيد وإذا ذكر الكذب تذكروا المتصف به.
فهو مذموم محرم على المسلم قولا وفعلا ضاحكا به أو جادًا ومخادعا أو محتالا.
وقد يكون اختراعا لقصة لا أصل لها أو زيادة في القصة أو نقصانا يغير المعنى أو تحريفا أو إخبارا عما لا وجود له في الواقع بقصد التحايل واجتلاب النفع أو دفع الضر وحب الظهور والبروز وثقل المراتب المزيفة من رتب هذه الدنيا من الثناء والمدح والوصف بالمعرفة والثقافة أو التشفي من إنسان بوصفه بأقبح الأوصاف أو حب الترؤس أو لسوء أو لقلة الأدب حتى صارت عادة له ومنهجا .
وقال جل وعلا «يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون».
يكفي خسة بالكذب انه يتصف به أشرار الخليقة المنافقون والشياطين واليهود والكفرة والمفسدون،
يقول الله تعالى ” والذين كفروا يفترون على الكذب وأكثرهم لا يعقلون”.
ويقول سبحانه « والله يشهد إن المنافقين لكاذبون».
وإن المتتبع لآيات الله تعالى يجد كل الوعيد والتهديد للكاذبين
«ويل لكل أفاك أثيم»
والأفاك هو الكذاب في أقواله، والأثيم في أفعاله.
وقال سبحانه «قتل الخراصون» أي لعن وقبح الكذابون.
قال المريخي: لقد أفتى البعض بأن الكذب أبيض وأسود ولقد افتروا على الله الكذب ” ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون”.
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك به القوم ويل له ثم ويل له “
ولا صحة لما يسمى بالكذبة البيضاء بل الكذب كله أسود، ككذبة أبريل، يضحك بعضهم بعضا ويتعمد الكذب ، مزحة يمازح بها أصدقاءه وزملاءه ورفقاءه فيقول هذا مزاح أو هذه كذبة بيضاء والبعض يحاول أن تكون الكذبة قوية جدا جهلا منهم وغفلة عما يسببه الكذب من مآس ومحن.
لقد تسببت «كذبة أبريل» في مصائب ومشاكل ومحن فمن أخبر بوفاة عزيز عليه أو حدوث حادث لحبيب إليه أو نزول مرض بصديق له. وأصيب البعض بأمراض السكر وضغط الدم بسبب شدة الصدمة بالخير المكذوب وفقد البعض صوابه ورشده وعقله وتقاطع البعض بسبب الكذب واللعب بدين الله والاستهتار بحدود الله والاستهزاء بزجر الله ورسوله.
” فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين”.
فاتقوا الله عباد الله ولا تبطلوا أعمالكم ولا تفسدوا أخلاقكم ولا تهدموا بنيانكم فالكذب كله حرام وهو سيئات وأوزار وآثام وخسة للعبد في دنياه وبين الناس وصغار له، وقد يفقد المرء الثقة فلا يصدقه الناس أبدا لكثرة كذبه عليهم.