: Giovanni Pascoli” جيوفاني باسكولي. عن مجلة ديوان العرب

: Giovanni Pascoli” جيوفاني باسكولي. عن مجلة ديوان العرب

 

ترجمة :: د.نور الدين محمود سعيد الورفلي

٢٧ شباط (فبراير) ٢٠١٠

ولد الشاعر جيوفاني باسكولي سنة 1855 م، في مدينة سان ماورو دي رومانيا (تسمى اليوم سان ماورو دي باسكولي) تيمناً بإسمه، يعد من ابرز الشعراء الرومانتيكيين الطليان في القرن التاسع عشر، توفي في مدينة بولونيا 1912. شغل منصب أستاذاً للأدب الإيطالي في جامعة بولونيا، وكان مقترناً جداً بعائلته، أمه و أختيه، نظراً لوفاة والده الذي مات مقتولاً دون معرفة قاتله، حين كان الشاعر لايزال في صباه، ولم ييتزوج إطلاقاً ً لهذا السبب تحديداً، كتب قصيدة في وفاة والده، وعنونها، بـ العاشر من أغسطس، وعاش حياته كاملة مع ذكرى الموت، أحب في صباه فتاة من الريف وجدها بالصدفة جالسة امام بيتها تحيك، إنقطع عن بلدته لمدة ثلاثون عاماً، وعند رجوعه مر بنفس الطريق الذي يؤدي إلى ذالك المنزل، أستحضر صورتها في مخيلته، فوجدها وقد أصبحت إمرأة، جالسة في نفس المكان، تحيك بنفس الطريقة، على الرغم من سماعه بخبر وفاتها. فأنشد قصيدته، التي سماها الحائكة1.

شِعر باسكولي ينحو إلى ذلك التيار المعقد الذي أثر في عصره على الثقافة والفن، وهو ما عرف في أوروبا، وفي إيطاليا على وجه الخصوص، بـ تيار السقوطية، المهتم بالإفراط في إبراز الشكل الجمالي، غير أن باسكولي، كان محسوباً على هذا التيار، كما يراه النقاد، نظراً لإنجذابه لذالك النوع من الشعر الغنائي، (ليريكا) المكون من مقاطع قصيرة سريعة تحتوي على الومضات الشعرية، وهو بهذا إنما أراد الإنسحاب والإنطواء بألم داخل ذاته، ميلاً منه لإثارة الأحاسيس برهافة موحية بعذوبة عواطفه، ومن هنا فإن باسكولي يختلف بشكل واضح عن بعض الشعراء المنتمين لهذا التيار، أولئك الميالين لإطلاق الأحاسيس في الإنتشاء بالنماذج الفاسدة والمريضة من الشعر حد النزق والظلال.

وكان باسكولي أكد على شاعريته تلك في مجموعته الشعرية “ما يريكايا”، من خلال رسمه المترجم في شخصية “صبي” بمعنى أن الشاعر إنما أراد بذلك إضهار ذاته متمثلة في ذالك الصبي الذي يفتح عيناه على الحياة، ويتلمس كل شىء حوله بغرابة، حينما يتعرف على الأشياء الجديدة التي تحيط به في طبيعتها الخلاّبة المدهشة، فيعجب بها إلى حد الأفتتان، لذا فالقصيدة الباسكولية، بإتجاهها وإنغماسها في إثارة الحس الطبيعي، تخلق عالماً جديدأً بالكامل، وتخلق فوق كل ذالك، لغة جديدة، شعرية، نفسية، ونادرة، وهى عند هذا الحد سوف تمتلك تأثيراً كبيراً على الشعر الإيطالي في القرن العشرين: سواءً في المصطلحات التقنية، أو في الكلمات القديمة المهجورة والشعبية [2]

العاشر من أغسطس X agosto

نص لـ جيوفاني باسكولي
ترجمة، د. نورالدين  محمود سعيد

سان لورينسو،
أنا أعرف
لماذا الكثير من النجوم
في سكون الظلام تحترق
ثم تنتثرْ ؟
لماذا الدمع الهاطل
ينهمرْ..؟
من السماء التي
أشاحت بوجهها
وتقعرت
لفرط ما اغضبتها
شرور البشر!.

وفيما سنونوة عائدة الى عشها
قنصوها،
فتهاوت بين شوك
تخضب بدمائها
لقد كانت
في منقارها حشرة
عشاء صغارها

والآن، هي هناك،
كمن في الصلب،
تجنح للحشرة،
وذاك الفضاء البعيدْ
وصغارها الجوعى
في العش الظليل
ينتظرونها،
يئنون بأغنياتهم الطفولية الهادئة.

وكذا عاد انسان الى عشه
عشية
قتلوه دونما أي عذر
فطلب الصفح لمن غدر
وفي عينيه الفاغرتين

بقايا صراخ لا يصل
يحمل دميتين لبنتيه،

هديهْ

هناك، في البيت المهجور
في تلك الآونة
انتظروه..
انتظروه بلا جدوى
فيما أعتلى محياه صمت القبور،
يشير بأصبعه
الى الدميتين في السماء البعيدة

فيا أنتِ يا سماء ،
يا عليّة العوالم الجلية،
اللامتناهية، والخالدة
يا للدمع حين تسفحه النجوم السخية،
على مثقال ذرة من الشر…. حاقدة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
X agosto
San Lorenzo, io lo so perché tanto
di stelle per l’aria tranquilla
arde e cade, perché sì gran pianto
nel concavo cielo sfavilla.
Ritornava una rondine al tetto:
l’uccisero: cadde tra spini:
ella aveva nel becco un insetto:
la cena de’ suoi rondinini.
Ora è là, come in croce, che tende
quel verme a quel cielo lontano;
e il suo nido è nell’ombra, che attende,
che pigola sempre più piano.
Anche un uomo tornava al suo nido:
l’uccisero: disse: Perdono;
e restò negli aperti occhi un grido:
portava due bambole in dono…
Ora là, nella casa romita,
lo aspettano, aspettano in vano:
egli immobile, attonito, addita
le bambole al cielo lontano.
E tu, Cielo, dall’alto dei mondi
sereni, infinito, immortale,
oh! d’un pianto di stelle lo inondi
quest’atomo opaco del Male!

[1] محاضرة في الأدب الإيطالي، للبروفيسور جينو تيليني، جامعة فلورنسا، كلية الآداب والفلسفة، 20.01.2007 ـ1

[2] معجم بومبياني للشعر، كتاب كل العصور، وكل الآداب، باسكولي، ص222، ميلانو، 1983. باللغة الإيطالية..

[3] العاشر من اغسطس ذكرى وفاة والد الشاعر، وهو تاريخ مأساة عائلته، أحاله الشاعرهنا الى تاريخ مأساة الإنسانية بأكملها

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :