أستطلاع :: سلمى عمر :: تصوير :: عبد الله سليمان
نعاني من انعدام المسئولين كما نعاني من انعدام البنزين !
تتراصف الأكواخ الصغيرة فوق معظم الطرقات في مدينة سبها ولا يستثنى من ذلك الشوارع الرئيسية ولا حتى الفرعية ، فالكل في بيع الوقود المهرب سواء ، الجميع يرتاد هذه الأسواق الكبير والصغير ، رجل الأمن والمسئول ، المعلم والطالب ، فمع تفاقم أزمة البنزين في المنطقة الجنوبية صار أحد أولويات المواطن الذي يقضي جل وقته في رحلة البحث عنها ، لانعدام وجودها في المحطات الرسمية وكثرتها على الطرقات العامة وفي الشوارع الرئيسية وحتى الفرعية لدى باعة السوق السوداء ، وبأسعار مضاعفة جدا تصل إلى دينارين فما فوق للتر الواحد ، شبة تضع المسئولين عامة في خانة الاتهام ، سواء كانوا المسئولين عن توزيعها أو الأجهزة الأخرى المختلفة في المدينة والدولة الليبية ، خاصة وأن كثيرين استبشروا خيرا بعمل لجنة أزمة الوقود والغاز التي حاربت التهريب للخارج لتحافظ على قوت ووقود , لكن بعض هؤلاء الكثر وهم سكان سبها خاصة ومدن الجنوب عامة لم يتوقعوا أن يكون ضمن نطاق المعاقبين فيحرمون من الحصول على حقهم كبقية إخوتهم .
تحت إلحاح المواطنين الدائم وسؤالهم الذي لا ينتهي عن حل جذري لهذه الأزمة المتجذرة يوماً بعد يوم قامت فسانيا بإجراء هذا التحقيق الصحفي , برصد معاناة المواطنين في الحصول على الوقود ، أماكن بيعه ، وأسعاره ، وجودته من عدمها ، وما قامت به الجهات المختصة من مجلس بلدي ولجنة أزمة ومستودع نفطي والقوة المكلفة بحماية المستودع وما يدور في الخفاء من صراعات محاولين وضعها هنا أمام القارئ الكريم .
الكتيبة المكلفة بالحماية والتي تتدخل في كل صغيرة وكبيرة بالمستودع
قال : أمحمد الشريف طالب جامعي أقوم بشراء البنزين بخمسين دينار من السوق السوداء ، وأن كان حظي جيد وكان التاجر معرفة قد أشتريه بسعر أقل مثلا خمسة وأربعين أو أربعين هذا السعر لكمية ( 20 لتر ) وهو الذي يباع في المحطة بسعر ( ثلاثة دينار ) وقد تعرضت سيارتي للعطل بسبب هذا البنزين أكثر من مرة وأدخلتها الورشة وصرفت عليها أكثر مما اشتريت به البنزين التي دائما ما يكون مغشوش لكن لا بديل ولا مفر في ظل شح الوقود بالمدينة ، والحقيقة أنني لا أرى حل قريب لهذه الأزمة لأننا ببساطة نعاني من انعدام المسئولين كما نعاني من انعدام البنزين وأخيرا كما تعلمون تم تعليق الدراسة بسبب عدم وجود بنزين بالمدينة ولأنني طالب سوف يضيع عليا هذا السمستر يعني سوف التأخر عن التخرج فصل دارسي كامل .
الإعلامي بقناة الوطن :: عبد القادر أبو اشناف يوضح : أتحصل على البنزين من السوق السوداء مع الأسف فمستودع سبها النفطي عاجز عن إمداد المحطات بالوقود بسبب الأوضاع الأمنية وعدم الرقابة والغياب تام لحرس المنشآت النفطية التي يفترض بها توفير الأمن لتوفير البنزين بالتالي .
وأضاف : في الفترة الأخير أصبحت اشتري لتر البنزين بسعر دينارين ونصف إلى ثلاثة دينار والحقيقة أنني حريص جدا في عملية شراء الوقود أتعامل مع تاجر واحد فقط واشترط عليه وقود نظيف ومن المصدر فلست مستعد لدخول في خسائر إضافية أن تعطلت سيارتي لا قدر الله أمام التكلفة المرتفعة في كل شيء وكأن المواطن الليبي خارج وطنه ، ولا تنسي أن الجهات التي يفترض بهاء معالجة أزماتنا في سبات عميق أو غيبوبة دائما الحقيقة عجزنا عن مخاطبتهم أو التواصل معهم ولا أستثني منهم أحد .
أضاف :: جمعة سنوسي أعلامي من مدينة القطرون الواقعة في أقصى الجنوب الليبي البنزين متوفر في سوق السوداء حيث نتحصل عليه بكل يسر و سهولة وبدون ازدحام أو انقطاع ولكن بثمن باهظ يصل اللتر الواحد إلى 2 دينار ، وسيارتي تكلفتني في كل عملية تعبئة 80 دينار ، وللعلم أقوم بتعبئة البنزين من محطات شبيها بالمحطات الحكومية ولكنها سوداء !
محطات شبيها بالمحطات الحكومية ولكنها سوداء !
أكد : رمضان الحضيري معلم نعاني من أزمة حقيقة في ظل عدم وجود البنزين بل في ظل احتكاره من تجار الأزمات وبيعه بأسعار خيالية في السوق السوداء .. تتفاوت الأسعار عند شرائي وتتراوح ما بين 50 د.ل ويصل إلى 70 د.ل أحيانا ل 20لتر واشتريه مضطرا لتلبية الحاجات الضرورية للأسرة والذهاب إلى العمل وغيرها ومع هذا تكون الحركة محدودة للحفاظ بقدر الإمكان على قطرة ورغم كل هذا الحرص كلفني البنزين حتى هذه اللحظة ما يقارب عن 700 د.ل أو أكثر .
وتسأل : الحضيري أين هي الجهات المسئولة حتى نخاطبها بالخصوص فلولا غيابها المتعمد ما حصلت كل هذه الأزمات في الأصل .. وفي ظل هذا الواقع المرير الذي نعاني منه أنا وأمثالي الكثير في هذه المدينة وفي المنطقة بشكل عام لا اخفي عليكم أنا اعتبر الأزمة أزمة أخلاق وليس أزمة بنزين ..
وختم حديثه معنا بقوله : الحمد لله بالنسبة لي لم تتعرض سيارتي للعطل إنما اعرف أصدقاء تعرضت سياراتهم للعطل نتيجة للبنزين الذي يباع على الطرقات وكلفتهم الكثير .
يقول : إدريس حمدون من على الطرقات ومن داخل الأكواخ الصغيرة المنتشرة على بالشوارع وكمعظم المواطنين المغلوبين على أمرهم أتحصل على الوقود لتعبئة خزان سيارتي والأسعار بالأمس فقط وصلت إلى 60 دينار لكمية 20 لتر مبلغ خيالي في ظل الظروف الراهنة وفي ظل المقارنة بين السعر الأصلي وسعر السوق السوداء .
ونوه يا ليت الأمر وصل عند شراء البنزين بسعر مرتفع لقد تعرضت سيارتي للعطل بسبب البنزين المغشوش وأصبحت “تقطع” .. وفي نظري المسئول الأول عن ما حصل لي هي الجهات المسئولة ومستودع سبها النفطي على رأسها .
يقول : عثمان القدم طبعا الحال لا يخفي عني وعنك وعن أي مواطن جنوبي إلا من ذوي الاختلاس وأصحاب السوق السوداء !
أنا اسكن في حي سكني فيه محطة وقود تباع فيه اللتر بدينارين علما بأنها تصل للمحطة بالسعر المدعوم !!
أليس الأمر مدعاة للتعجب كثرت الأسئلة وقلت الإجابات وكثرت السلبيات وقلت الايجابية أيضا انعدمت الوطنية وكثر دواعش المال العام أو بالأحرى دعس المواطن الغلبان ، وخاصة المواطن الجنوبي
وأكد : القدم خاطبنا عدة جهات من ضمنهم السيد عبد القادر احد منتسبي مستودع سبها النفطي وسرح في خطابه انه ملعوب تشترك فيه جهات عدة منها مستودع سبها والقوة المكلفة بحمايته بالاشتراك مع أصحاب المحطات فكل جهة لها يد في ألازمة حتى المجلس البلدي له يد فيما يحصل و كذلك لجنة الوقود والغاز بالمنطقة الجنوبية .
أزمة أخلاق وليس أزمة بنزين !
بأسف تتحدث عزيزة محمد :: موظفة بوزارة الثقافة سبها بالنسبة لي كموظفة لدي أكثر من شهرين منقطعة عن وظيفتي بسبب نقص البنزين الحاد جدا وعن نفسي استغرب بشدة هذا النقص هل يعقل ذلك منذ شهرين والأزمة مستمرة ! لماذا في سبها بالذات أين تذهب كمية الوقود التي تأتي لها ؟ فالدولة الليبية تشتري الوقود باليورو وتخصم القيمة من مرتب المواطن ، فباي حق يستولي عليها لصوص محطات الوقود الجشعين .
وتضيف :: ما يحدث سرقة منظمة ومستمرة على المدى الطويل الموجع في الأمر أنك كلما اضطربت للخروج لقضاء حاجة ضرورية لن تجد تاكسي أقل من 20 دينار ، لكن السؤال الذي لا أجد له متى ينتفض المواطن الخان أبدا ولماذا الفساد لا يكون إلا في الجنوب .
مبروكة فتحي من سكان منطقة غدوة تقول :يقيدني الوقود بشكل كبير جدا ، فأنا اقطن خارج مدينة سبها وأتي لعملي من منطقة غدوة واحتاج لكمية كبيرة من الوقود في كل مرة وبمجرد انقطاع الوقود على سبها فانه بطبيعة الحال ينقطع على ضواحيها ، وسيكون سعره في السوق السوداء مضاعفاً .
قال : صالح أبو زهوة أستاذ جامعي تفاقمت أزمة نقص الوقود في الفترة الأخيرة بسبب إيقاف توريد الوقود إلى مستودع سبها النفطي وهذا يعود لعدم تأمين الشاحنات القادمة من مصراتة إلى المنطقة الجنوبية بسبب انعدام الأمن مما ساهم في تفاقم الأزمة وبالإضافة إلى بيع الوقود من قبل أصحاب المحطات والشركات التابعة للمستودع جملة أمور أثرت على المواطن بشكل جدا فعل يعقل أن يصل سعر برميل الوقود 20 لتر إلى 50 دينار لليبي في ظل انعدام الوقود وعرقلة وصوله .
أكد :: خالد أحمد عمر أحد أعيان مدينة سبها ككل مواطن في المدينة أشتري الوقود من السوق السوداء بأسعار متفاوتة تتراوح ما بين 50او55دينار ل.20لتر ، والحقيقة أضع يدي على قلبي وأنا اشتري البنزين من السوق السوداء حيث لا اضمن سلامته فمن قال أن مصير سياراتي لن يكون كمصير سيارة صديقي الذي تعطلت سيارته منذ أيام ومن منطلق موقعي كأحد العيان المدينة الساعين لحل هذه الأزمة أرى أن الأمر صعب للغاية لأن الجهات المسئولة ترفض التعاون مع لجنة أزمة الوقود وأولها إدارة المستودع النفطي سبها وكذلك الكتيبة المكلفة بالحماية والتي تتدخل في كل صغيرة وكبيرة بالمستودع مع إن مهمتها الحماية فقط وللعلم الكتيبة عندها حصة في الوقود والغاز ولا تريد أن تتخلى عنها مهما كانت الأسباب ومع ذلك تعرقل العمل ، والبلدية عملت جهدها لتوفير الوقود والغاز ولكن لا يريد أحد التعاون معها.
مؤسسات المجتمع المدني بالمنطقة أيضا لها رأيها في هذه الأزمة
يقول : بالقاسم الناجم رئيس اتحاد مؤسسات المجتمع المدني فزان أتحصل علي الوقود بالشراء طبعا ككل المواطنين في المدينة وفي الجنوب عامة و أحيانا وبالوقوف صدفة في محطة وقود عندي علم بها مسبقا اشتريت ب 20 دينار وأحيانا 35 أما عن دورنا كمؤسسات مجتمع مدني في هذه المدينة فكلما خاطبنا من يطلق عليه عميد البلدية يتفاعل معنا في الأول وبمجرد قفل الهاتف أو تفرقنا يرمي كل ما قيل له على جنب ، لذلك لا يوجد في سبها مجلس بلدي بل هو مجلس قطاع خاص ولكننا نعد لبرنامج سيظهر للوجود قريبا .
أما السائح علي أبو درباله :: رئيس شبكة الجنوب للوفاق والمصالحة بالمدينة لا يختلف حاله عن بقية السكان في شيء فهو يعاني ذات الأزمة معهم إلا انه يختلف من حيث تعامله مع السوق السوداء كما أكد لنا .
قائلا :: أقوم بالاقتصاد في استخدام البنزين ولا استخدم السيارة إلا في قضاء الأشياء الضرورية والملحة وأنتظر حتى يأتي الوقود للمدينة وأقوم بالتعبئة بعد مشقة طويلة جدا ، ولم أشتري حتى اللحظة بنزين من السوق السوداء خشية أن تتسبب عطل لسياارتي كما سمعت من الكثيرين ، وفي ظل شح وانعدام الوقود وازدحام المحطات دائما ما استخدم علاقاتي الشخصية الجيدة لأتمكن من ملء خزان سياراتي مثلا الأسبوع الماضي فتحت ثلاثة محطات بالمدينة هي محطة حي الإذاعة ، ومحطة المنشية ، ومحطة الزراعي ، كان الازدحام شديد جدا ، وصل إلى 13 ساعة لكن هنا يلعب الحظ دوره فأحيانا نبيت في المحطة وأحيانا نعبئ خلال ساعات معدودة وفق الحظ مع استخدام العلاقات الشخصية وأحيانا نقف في المحطة يوم كامل ولا تستطيع أن نعبئ
وعن دورهم كمؤسسات مجتمع مدني فيما يخص الحراك المدني لسعي في بحث سبل هذه الأزمة .
أوضح : لقد شاركنا في وقفة احتجاجية نظمها عدد من شباب الجنوب بالخصوص أمام المجلس البلدي سبها مقر رئاسة لجنة الأزمة على مستوى المنطقة الجنوبية ، وعبرنا عن استياء المواطنين ومنظمات المجتمع المدني من أزمة نقص الوقود الحاد وطالبناهم بالعمل على تصحيح الإجراءات المتبعة في توزيع الوقود وعقدنا اجتماعات عدة ، وطرحنا جملة أفكار لحل الأزمة لكن هناك حسابات أخرى لمافيا بيع الوقود وتهريبه ، وهي تحتاج لقوة رادعة وحقيقية حتى تقف في وجهها ، المافيا مشتركة بين مستودع سبها والمحطات و الشركات الوسيطة وملاك المحطات
جهات تعلق عملها على خلفية الأزمة
علقت عدة جهات في مدينة سبها عملها على خلفية هذه الأزمة متعللة بصعوبة التنقل والوقود منعدم في المدينة خاصة وأن جل المواطنين يقطنون في أماكن بعيدة عن محل أعمالهم ويستحيل عليهم الحضور مشيا على الأقدام في ظل وضع أمني متردي وبائس ومن أمثلة تلك الجهات المركز الطبي سبها الذي صرح الناطق الإعلامي باسمه ، أسامه الوافي ( أنه في ظل المعاناة التي يعيشها سكان الجنوب عامة وسبها خاصة من نقص في الوقود بصنفيها البنزين والنافته وهذا فإن غياب هذه المادة يهدد بشكل عام إلى توقف تقديم الخدمات العامة والخاصة ، وذلك لعدم إمكانية حضور العاملين بهذه المرافق إلى أماكن عملهم بسبب عدم توفر الوقود في المحطات واختصار تواجدها في السوق السوداء حيث بلغ سعر اللتر الواحد للبنزين 3 دينار ليبي ، في ظل عدم توفر السيولة النقدية وعدم إمكانية شراء النفط من السوق السوداء بسبب عدم توفر السيولة النقدية وهذا الأمر أصبح يهدد المرافق الصحية والتي هي من ضمن المرافق العامة التي يهدد غياب موظفيها توقف العمل ، نفيدكم نحن مركز سبها الطبي بأن العاملين من عناصر طبية وطبية مساعدة وإدارية ، أصبحت تعجز عن الوصول إلى أماكن عملها علما بأن اغلب العاملين من العنصر النسائي وعليه في حالة عدم تدارك هذا الأمر بشكل عاجل سنجد الخدمات الطبية بالمركز سوف تتوقف بالتدريج لعدم إمكانية وصول العاملين إليه وتسعى إدارة مركز سبها الطبي جاهدة للحصول على هذه المادة للعاملين ، ولكن
دونما جدوى بسبب المضاربة بالسوق السوداء )
جامعة سبها أيضا سارت على خطى المركز الطبي سبها وأصدرت بيان مفتوح لتعليق بداية العام الدراسي حيث قال رئيس جامعة سبها، الدكتور مسعود الرقيق، إن مجلس الجامعة حدد موعدًا لاجتماع في السادس والعشرين من الشهر الجاري؛ لمناقشة استمرار تأجيل الدراسة أم استئنافها، خاصة مع استمرار الأسباب التي أدت إلى تأجيل الدراسة في وقت سابق، وأعاقت العملية التعليمية، مثل ارتفاع أسعار المحروقات وقلة السيولة في المصارف هذا وقد أصدرت إدارة الجامعة في وقت سابق بيانًا أكدت فيه تأجيل الدراسة لحين تحسن الأوضاع التي قد تعيق العملية التعليمية وأشارت الجامعة، في بيانها، إلى العديد من المعوقات التي تواجه بدء العام الجامعي 2017-2018، ومنها عدم توفر المحروقات بالمنطقة الجنوبية وارتفاع أسعارها بالسوق الموازية، وقلة السيولة في المصارف، وكذلك الوضع الأمني المتردي، وهو ما قد يعيق الطلاب والموظفين وأعضاء هيئة التدريس من الوصول إلى كلياتهم رغم جاهزية كليات الجامعة لبدء الدراسة حسب زعم الجامعة .
أخيرا ::
تحترق أعصاب و جيوب المواطنين عن الوقود اليومي في مدينة تصفر بحثا الريح في محطاتها المفرغة عمدا .. بينما ، تعج طرقاتها العامة برائحة البنزين المنهوب فهل من أمل بنهار أفضل للمواطن الكادح يلوح في أفق هذا الوطن المحترق بأبنائه وٍ نفطه؟ لهذا التحقيق جزء ثان ترقبوه قريبا ً.