التأخر في الفصل في الدعاوى نوع من الظلم ؟ وهل يقود هذا التأخير إلي استيفاء المواطنين حقوقهم بالذات ؟ 

التأخر في الفصل في الدعاوى نوع من الظلم ؟ وهل يقود هذا التأخير إلي استيفاء المواطنين حقوقهم بالذات ؟ 

بقلم  :: عبد الحفيظ مناع

إن فكرة الفصل في النزاع في آجال معقولة، وهو ما يسميه البعض “الوقت القضائي” ترتبط بأربعة مفاهيم أساسية هي، وقت العمل، الوقت “الضائع” ، تسيير الوقت و جودة العمل. فوقت العمل” هو الحيز الزمني الذي تتم خلاله المعالجة  الفعلية  للقضية : سماع الخصوم  أو الشهود، إدارة الجلسة ، تحرير الحكم ، تسجيل الاستئناف…إلــخ.   بمعنى آخــر، يمكن اعتبار هذا الحيز الزمني بمثابة فترات الحركة التي تنتاب الملف القضائي.

على النقيض من ذلك، يشكل “الوقت الضائع” فترات السكون التي  يمر بها الملف القضائي، حيث تتوقف الإجراءات إما بسبب الخصوم  (غياب الخصم ) أو بسبب تعطل الإجراءات (عدم إجراء الخبرة في الوقت المحدد أو لتخلف حضور الشهود ) أو بسبب مرتبط بمرفق القضاء في حد ذاته ( انشغال القاضي  بدراسة  قضايا أخرى  والعطلة القضائية )  إن الوجود الفعلي للحيزين الزمنيين المذكورين  يستدعي من النظام القضائي الليبي  السهر على  ضمان تسيير حقيقي للوقت  من خلال وضع معايير واضحة  للوقت المطلوب للفصل في القضايا والعمل على توزيع الموارد المتوفرة  بطريقة عادلة على كل القضايا العالقة. و من ثمة فإن إعادة  تنظيم وقت الدعوى من شأنه التأثير إيجابا على  جودة العمل القضائي، بما يضمن  حسن سير مرفق القضاء على العموم ويحقق مصالح الناس بإعطائهم حقوقهم  ويمنع استيفاء الحق بالذات  .

إلا أن هذه المعالجة   ليست بالأمر الهين من الناحية العملية ,  إذ يتمسك القضاة بضرورة حمايتهم من كل الضغوط  و من بينها تلك المتعلقة  بالوقت . فالوقت يسمح  له ( القاضي )  بالتفكير بعمق و إجراء الموازنات  و المقارنات و التأكد من مدى مطابقة الحلول القانونية المختارة  والمستندات المرفقة  للوقائع المعروضة  للضفر في الأخير بحظوة  كتابة وتحرير الحكم  وهذه سلطة  ضرورية  لحسن  أداء مهامهم النبيلة .

من جهة أخرى لا يمكن فصل العمل القضائي عن الواقع الاجتماعي لأن العمل القضائي  من شأنه وضع الضوابط التي تحكم الواقع الاجتماعي. و بما أننا نعيش في زمن تسارعت أحداثه وضعفت فيه  أجهزة الدولة الرقابية والضبطية والانقسام السياسي وتعدد السلطات والحكومات ، أصبح مجتمعنا  يبحث في الحاضر عن الحلول التي ربما كان في الماضي  يتعين عليه انتظارها في المستقبل,  بل وأكثر من ذلك  أصبحت الحلول السريعة حاجة ملحة  للمواطنين في ظل غياب قوة القانون حالياً  و أن أي إخلال بهذه الحاجة  بات يخلق أزمة  ثقة في العدالة و مؤسساتها  وفي العمل القضائي و في القضاة أنفسهم مما قد يقود استيفاء الحق بالذات عند البعض .

هذا من الناحية النظرية ,, ولكن فعلياً  كيف يمكن الحصول على عدالة  تضمن للمتقاضي  حقوقه  في أقصى الآجال و في نفس الوقت توفير الظروف الملائمة  للقضاة حتى يفصلوا  في القضايا المسندة إليهم  بكل هدوء و طمأنينة ؟ ؟ إنها لمعادلة صعبة و لكنها ليست بالمستحيلة متى وجدت عزيمة  و إرادة حقيقية .

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :