- قراءة :: علي إسبيق
الشاعر الشاب صلاح الوافي و الملوح لاشك أن تشابه المواقف وتكرار التجارب تصنع تشابها كبيرا بين الشعراء ، على اختلاف الأزمنة ، ولعلي أجد في صورة ابن الملوح خير تشبيه حين أقرأ لشاعرنا الشعبي الشاب صلاح الوافي ، حكايات عشق ابطالها رجال ، عرفوا قيمة المرة الأولى فتشبثوا بها بأسنان شعرهم ، وانامل ايديهم الوفية ، غير أن الملوح هام على وجهه وصلاح هام على شعره ، أعرف تفاصيل كثيرة تجبرني على ربط كلا الشاعرين ببعضهما البعض ، لكني اخترت من شعر صلاح قصيدة تتحدث عن المرار الناجم عن سوء الفهم ، والحكم من جانب واحد ، لاعداوة صريحة ولا جفاوة مبررة يقول الوافي : ﻳﺎﺍﻟّﻠﻲ ﺟﻔﺎﻙ ﺃﻣﺮﺍﺭ .. ﻟﻮ ﺃﺳﻤﻌﺖ ﻣﻨّﻲ ﺑﻴﻨّﻨﺎ ﻣﺎﺻﺎﺭ .. ﻣﺎﺻﺎﺭ ﺑﻴﻨّﻨﺎ … ﻳﺎﺍﻟﻠﻲ ﺟﻔﺎﻙ ﺃﻣﺮﺍﺭ .. ﻳﺎﺍﻟّﻠﻲ وهنا دعوة للمواجهة والمصارحة من قبل الشاعر الواثق من نفسه ، والمعاتب لمجافيه ، ملحا على ضرورة تقديم ملفات للمصارحة والقتراب وكما نقول ( حمرة في العين ولا غصة في الخاطر ) ﺟﻔﺎﻙ ﺃﻣﻄـﺎﺭﺡ .. ﺃﺧﻄﺎﻱ ﺑﺎﻟﺤﺴﺎﻳﻒ ﻓﻲ ﺧﻼ ﺍﻟﻤﻄﺎﺭﺡ .. ﺑﺎﺭﺡ ﺃﻧﻬﺎﺗﻴﺒﻚ ﻭﻋﻘﻠﻲ ﺑﺎﺭﺡ .. ﺃﻣﻌﺎ ﺃﺩﻳﺎﺭ ﺗﻤّﻦ ﻟﻠﻜﺪﺍﺭ ﺃﻭﻛﺎﺭ .. ﻓﻴﻬﻦ ﺃﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﻦ ﺧﻴﺎﻟﻲ ﺳﺎﺭﺡ .. ﻭﻣﺎﻋﺪ ﺃﺭﺗﺎﺣﻦ ﻓﻲ ﺃﻭﻋﺎﻩ ﺃﻓﻜﺎﺭ .. ﻭﺃﺑﻤﺎ ﻓﻲّ ﻏﻴﺮﻙ ﻣﺎﺃﻧﺮﻳﺪ ﺃﻧﺼﺎﺭﺡ .. ﺍﻟﺒﻴﻊ ﻉ ﺍﻟﺸﺮﺍ ﻭﺍﻟﺤﻠﻢ ﻉ ﺍﻟﻔﺴﺎﺭ .. ﺍﻟﻠﻲ ﺻﺎﺭ ﺻﺎﺭ ﺇﻧﻘﻮﻝ ﻛﺒﻮﺕ ﻗﺎﺭﺡ .. ﻧﻬﺎﺭ ﻭﻧﻬﺎﺭ ﺃﻧﺪﻳﺮ ﻓﻴﻪ ﻧﻬﺎﺭ .. وهنا يرسل للمحبوب دلائله مقترنة بالحجج والدلائل مؤكدا الشاعر على استعداده للمواجهة التي تفند كل الإدعاءات لترحع المياه لمجاريها . ﻳﺎﺍﻟّﻠﻲ ﺟﻔﺎﻙ ﺃﻣﺮﺍﺭ .. ﻳﺎﺍﻟّﻠﻲ ﺟﻔﺎﻙ ﺍﻟﻠﻴﻠﻪ .. ﻓﻴﻪ ﺑﺄﻟﻒ ﻟﻴﻠﻪ ﻳﺎﻋﺰﻳﺰ ﻭﻟﻴﻠﻪ .. ﻳﺎﺑﻞ ﻏﻼ ﻣﺎﻓﻴﻪ ﺑﺎﺏ ﺭﺯﻳﻠﻪ .. ﺍﻟﺠﺎﺭ ﻗﺎﻳﻠﻴﻦ ﺃﺳﻼﻓﻨﺎ ﻟﻮﺟﺎﺭ .. ﻭﺍﻟﺸﻴﻠﻪ ﺛﻘﻴﻠﻪ ﻭﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﻃﻮﻳﻠﻪ .. ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻭﻣﺎﻧﺎ ﻳﺎﻋﺰﻳﺰ ﺃﺻﻐﺎﺭ .. ﺇﻥ ﺭﻳﺖ ﻓﺮﻕ ﺑﻴﻦ ﺃﻧﻴﺎﻩ ﻭﺃﻣﻔﺎﻋﻴﻠﻪ .. ﺃﻓﺪﺍﻙ ﻧﻠﺘﻤﺴﻠﻚ ﻋﺎﻟﻔﺮﺍﻕ ﻋﺬﺍﺭ .. ﺧﺎﻃﺮ ﺃﺷﻘﻲ ﺃﺑﻐﻼﻙ ﻭﺃﻣﺼﺒﻴﻠﻪ .. ﻣﺼﺒﺎ ﻭﻟﺪ ﺍﻷﺟﻮﺍﺩ ﻟﻠﺨﻄّﺎﺭ .. ﺍﻟﻠﻲ ﻻ ﺇﻳﺬﻝ ﻭﻻ ﺇﻳﻬﻴﻦ ﻧﺰﻳﻠﻪ .. ﻭﺩﺍﻳﺮ ﺃﺣﺴﺎﺏ ﻟﻄﻮﻟﺖ ﺍﻟﻤﺸﻮﺍﺭ .. ﺃﺷﻘﺎﺑﻪ ﺻﺤﻴﺢ ﺇﻧﻜﺎﻥ ﻣﺎﺗﺠﺮﻳﻠﻪ .. ﻋﻠﻲ ﺩﺍﺭ ﻣﺎﻓﻴﻬﺎ ﻏﻮﺍﻟﻲ ﺩﺍﺭ …. يسترسل الشاعر في وصف معاناته وآلامه وراء جفاء لا يد له فيه ، ولا حجة مقنعة ، مما يزيد الطين بلة ، ويلهب الأشواق ويدخل الحزن والكدر على نفسه المتطلعة للقاء والمصالحة . ﻳﺎﺍﻟّﻠﻲ ﺟﻔﺎﻙ ﺃﻣﺮﺍﺭ .. ﻳﺎﺍﻟﻠﻲ ﺃﻓﺮﺍﻗﻚ ﺭﻫﺒّﻪ .. ﺧﺬﺕ ﻋﻘﻞ ﻧﺎﺳﻴﺒﻚ ﺣﻴﺎ ﻣﻨﺸﻬﺒﻪ .. ﺧﻄّﺎﺑﻪ ﺇﻳﻄﻴّﺢ ﻓﻲ ﺃﺑﻨﺎ ﺑﻮﻟﻬﺒﻪ .. ﻭﺯﻳﺮﻩ ﺇﻳﺪﻭّﺭ ﻓﻲ ﻃﺮﻳﻖ ﻋﻤﺎﺭ .. ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻋﻠﻲ ﺭﻭﺣﻚ ﺃﺭﺿﺎﻙ ﺃﻛﺮﻫﺒﻪ .. ﺟﻤﻴﻊ ﻣﺎ ﺇﻳﻐﻴّﺮﻟﻪ ﻋﻠﻴﻚ ﻣﺴﺎﺭ .. ﺣﺮﺍﻡ ﻭﺃﻧﺖ ﻋﺎﺭﻑ ﺷﻴﺮﺗﻪ ﻣﻨﺬﻫﺒﻪ ﻭﺭﺍﻩ ﻣﺎﻟﻌﻴﺎﻁ ﺃﺗﺴﻴّﺒﻪ ﻓﻲ ﻧﺎﺭ .. ﺯﻋﺰﺍﻋﺖ ﺧﻄﺎ ﺷﺎﻟﺖ ﻏﻼ ﺷﺎﺭﻫﺒﻪ .. ﺷﻴﻠﺖ ﺣﻠﻴﻢ ﺃﻏﻀﺐ ﺃﻋﺜﺮ ﻓﻲ ﺟﺎﺭ .. يعاتب في مقطعه هذا محبه ، الذي رضي بالبعد دون تعليل تاركا نفسا تحترق كل يوم متحسفة على قرار لا داعي له وإجراء تعسفي ظالم . ﻳﺎﺍﻟّﻠﻲ ﺟﻔﺎﻙ ﺃﻣﺮﺍﺭ .. ﻳﺎﺍﻟّﻠﻲ ﺃﻏﻴﺎﺑﻚ ﺣﺎﻳﻞ .. ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺪﻭﺍ ﺩﻭﻧﻚ ﺃﻟﻬﺎ ﺍﻟﻌﻼﻳﻞ .. ﺧﻠّﺎﺹ ﺍﻟﻮﺣﺎﻳﻞ ﺣﺎﺱ ﺑﻴﻦ ﻭﺣﺎﻳﻞ .. ﻭﻏﺎﻟﻴﺔ ﺿﺮﻳﺒﺖ ﺣﻮﺳﺖ ﺍﻟﺪّﺑﺎﺭ .. ﻣﺎﻟﻚ ﻋﻠﻲ ﺣﻜﻢ ﺍﻻﻓﺮﺍﻕ ﺩﻻﻳﻞ .. ﻋﺎﺭﻓﻚ ﺃﻣﻐﻴﺮ ﺃﻣﺤﻮﺳﻚ ﺳﻄّﺎﺭ .. ﺑﺎﺕ ﺃﻣﻐﻠﻮﺏ ﻭﻻ ﻋﻠﻴﻚ ﺃﻣﺤﺎﻳﻞ .. ﺃﺻﺤﺎ ﺃﺗﻐﺮّﺑﻚ ﺣﻮﺣﺎﻳﺖ ﺍﻟﺴﻤﺼﺎﺭ .. ﻭﻣﺎﻧﻚ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻳﺎ ﺍﻟﺨﺎﻳﻞ ﺧﺎﻳﻞ .. ﺍﻟﻐِﻴﺒﻪ ﻭﻣﺎﻫﻦ ﺳﺎﻳﺮﺍﺕ ﺃﻛﺒﺎﺭ .. ﺍﻟّﻠﻲ ﻣﺎﺇﻳﻬﻠّﺐ ﻣﺎﺇﻳﺪﻳﺮ ﻋﺰﺍﻳﻞ .. ﻭﺑﻴﺖ ﺍﻟﻜﺒﺎﺭﻩ ﺟﺒّﺮﻩ ﻟﻘﺪﺍﺭ .. ﺧﻄﺎﻩ ﻓﻲ ﺯﻋﻠﻨﺎ ﻟﻮّﻟﻲ ﻟﻚ ﻗﺎﻳﻞ .. ﺍﻟﻠﻲ ﻉ ﺍﻟﻤﺴﺎﻣﻊ ﺷﺮ ﻣﺎﻟﺴﺤّﺎﺭ .. ﻳﺎﺍﻟّﻠﻲ ﺟﻔﺎﻙ ﺃﻣﺮﺍﺭ … ﻳﺎﺍﻟﻠﻲ ﺟﻔﺎﻙ ﻭﺟﻴﻌﻪ .. ﺃﺭﻭﺍﻕ ﺣﻤﻠﺘﻲ ﻗﺪﺭﺕ ﻋﻠﻲ ﺗﻤﺰﻳﻌﻪ .. ﻛﺎﻳﺪﺍﺗﻨﻲ ﺩﻧﻮﻙ ﺃﺷﺮﺍﻩ ﻭﺑﻴﻌﻪ .. ﻻ ﺃﺻﺪﺍﺭ ﺟﻴﺖ ﻭﻻ ﺃﺗﺮﻳﺪ ﻣﺼﺎﺭ .. ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻤﻄﺎﺭ ﺍﻟﺤﺮ ﻟﻪ ﺗﺒﻮﻳﻌﻪ .. ﻭﺭﺍ ﺍﻟﺨﺎﺭﻣﻪ ﻭﺍﻟﺮﻙ ﻋﺎﻟﺒﺰﺍﺭ .. ﻭﻋﻘﻠﻚ ﺗﺒﺎﻋﺪ ﻓﺎﻟﻐﻼ ﺗﺸﺮﻳﻌﻪ ﻧﻴﻦ ﺭﺍﺡ ﺭﻳﺤﺖ ﺧﻮﺟﺖ ﺍﻟﻘﻤّﺎﺭ .. ﻭﺩﻳﻌﻪ ﻭﺭﺍﻫﺎ ﻃﺎﻣﺮﻩ ﺗﻮﺩﻳﻌﻪ .. ﻭﻧﺎﺻﺒﻪ ﺍﻟﻄّﺎﺭ ﺃﺗﻜﻴﺪ ﻓﺎﻟﻄﻤّﺎﺭ .. ﺧﻠّﺎﻧﻲ ﺟﻔﺎﻙ ﺃﺷﺮﺑﺖ ﻧﺎﺭ ﺧﺪﻳﻌﻪ .. ﻭﺭﻳﺖ ﻛﻞ ﺷﺎﻣﺖ ﻓﻲّ ﻧﺎﺯﻝ ﺩﺍﺭ .. ﻗﻠﻴﺪ ﻓﻲ ﺳﺮﻳﺘﻪ ﻛﺎﺑﺮﻩ ﺍﻟﻘﻄﻴﻌﻪ .. ﻭﻛﺎﺑﺮ ﻋﻠﻲ ﻗﻮﻟﺖ ﺃﺭﺩﻭﺩﻙ ﻋﺎﺭ .. ﻳﺎﺍﻟﻠﻲ ﺟﻔﺎﻙ ﺃﻣﺮﺍﺭ .. ﻟﻮ ﺃﺳﻤﻌﺖ ﻣﻨّﻲ ﺑﻴﻨّﻨﺎ ﻣﺎﺻﺎﺭ ﻣﺎﺻﺎﺭ ﺑﻴﻨّﻨﺎ يعدد الشاعر المواقف التي تعرض لها والنظرات التي ترمقه من الوشاة والحساد والمتنطعين ، بسبب فراق كان بفعل وسواس أراد للغم أن يتسرب للود ونجح في إبعاد المتحابين دون أن يعاتب أحدهما الآخر . شاعرنا يرد وينتقل بوزنه وقافيته كيفما شاء ، فهي طائعة لملكته ولقوة لفضه وحسن تصويره ، فتلاعب بالإلفاظ وحاك الصور ، وأوصل المراد في سهولة ويسر تحسبان له ويبقى الوافي من القلائل الذين لا يشعرونك بالملل حين تقرأ أو تسمع لهم ، يخاطبون المتلقي بصورة محسوسة مسموعة مرئية بطعم ولون ورائحة علي إسبيق