- المحامي :: أحمد خميس
أولا : الجريمة التأديبية إن القانون الليبي لم يعرف الجريمة التأديبية أو الذنب الإداري , وترك هدا الأمر للفقه والقضاء. وعرف الفقهاء الجريمة التأديبية بأنها كل فعل أو امتناع إرادي يصدر عن الموظف من شأنه الإخلال بواجب من واجبات الوظيفة التي ينص عليها القانون . ويرى بعض الفقهاء الذين تناولوا الجريمة التأديبية بشيء من التفصيل بأن الجريمة التأديبية لاتقوم إلا بتوافر أركان ثلاثة . الركن الأول :”المادي”وهو النشاط المنحرف موضوع المؤاخذة التأديبية. الركن الثاني : “المفترض” وهو توافر صفة الموظف وقت ارتكاب الجريمة. الركن الثالث :”المعنوي ” وهو ما اصطلح عليه وفقا للفقه التأديبي بالركن الأدبي . عناصر الجريمة التأديبية بصفة عامة هي : الموظف العام . الخطأ الإداري. الفرق بين الجريمة التأديبية والجريمة الجنائية: تتشابه الجريمة التأديبية مع الجنائية في الآتي : 1_ إنها تقوم على أساس خطأ يرتكب يمثل انحرافا عن الذي ينقضي عنه القانون . 2_ إن كليهما يمكن إثباته بكافة طرق الإثبات مالم ينص القانون على غير ذلك . 3_ كل منهما يخضعان لنفس الإجراءات من حيث توافق التحقيق القانوني وضمانته وتختلف الجريمة التأديبية عن الجريمة الجنائية في عدة نقاط وهي : 1_ إن الجريمة الجنائية عدوان على أمن المجتمع واستقراره، بينما الجريمة التأديبية عدوان على هيئة، وهذا معناه أن الجريمة الأولى أشد خطورة من الثانية. 2_ يحرص المشرع على تحديد الجرائم الجنائية على سبيل الحصر أي تحديد تعداد وحصر لا تحديد وصف، في حين لا يفعل ذلك بالنسبة للجرائم التأديبية مكتفياً بتحديد عام ومعترفاً للقضاء التأديبي بسلطة تقديرية واسعة في تحديد أنماط السلوك التي تعد جرائم تأديبية . 3_ إن مصدر الدعوى الجنائية هو نصوص قانون العقوبات، أما مصدر الدعوى التأديبية فهو قانون أو نظام الخدمة أو قانون المهنة أو الحرفة، وبناء على ذلك فإن الجريمة الجنائية تنظرها هيئة قضائية أما الجريمة التأديبية فتنظرها الجهة ذاتها المعتدى عليها ويكون تشكيلها إدارياً. 4_ من حيث الجزاء فجزاء الجريمة التأديبية مهما بلغت شدته لايصل لدرجة الجزاء الجنائي المحدد في قانون العقوبات. _ويجب التنويه هنا إلى أنه قد ينطوي الفعل الواحد على الجريمتين التأديبية والجنائية معاً مثل حالة اختلاس الموظف العام لما سلم إليه من أموال بسبب وظيفته، فهنا يكون الموظف قد ارتكب جريمتين، جنائية وهي اختلاس الأموال العامة، وإدارية وهي الإخلال بأعمال الوظيفة . ثانيا : الإجراءات التأديبية لا يجوز توقيع عقوبه على الموظف إلا بعد التحقيق معه كتابة وسماع أقواله وتحقيق دفاعه ومع ذلك يجوز للأمين المختص أو الكاتب العام أو رئيس المصلحة أو مدير الإدارة عند توقيع عقوبة الإنذار أو الخصم من المرتب أن يجري التحقيق مع الموظف شفاهة على أن يثبت مضمونه في القرار الصادر ، كما يجوز دون اللجوء إلى التحقيق أن يوقع أيّا من العقوبتين المشار إليھما وفي جميع الأحوال يجب أن يكون التوقيع على العقوبه مسببا مع مراعاة اختصاصات الأجھزة الرقابية وتكون الإحالة إلى مجلس التأديب بقرار من الأمين المختص ً أو الكاتب العام ، وله أن يوقف الموظف عن عمله احتياطيا إذا اقتضت مصلحة التحقيق ذلك ولا يجوز أن تزيد مدة الإيقاف على ثلاثة أشھر إلا بقرار من مجلس التأديب . وإذا صدر قرار الإيقاف أو الإحالة من غير الأمين المختص فيجب إخطاره به خلال ثلاثة أيام من تاريخ صدوره . وإذا أسفرت الإجراءات التأديبية أو الجنائية عن عدم إدانة الموظف أو عدم إقامة الدعوى ضده يعاد إلى عمله ويدفع له مرتبه كاملا عن مدة الإيقاف. ثالثاً : العقوبة التأديبية العقوبة التأديبية تمثل أحد الأركان الأساسية التي يتكون منها القانون التأديبي في مختلف دول العالم إلى جانب الجريمة التأديبية والإجراءات التأديبية فهي خاتمة المطاف في المسألة التأديبية التي تنتهي بالإدانة ، وبهذه المثابة تشكل الهدف النهائي الذي يسعى القانون التأديبي إلى تحقيقه وذلك كفالة لحسن سير المرافق العامة في الدولة. والعقوبة التأديبية جزاء يمس الموظف في مركزه الوظيفي فقط فهي تختلف عن العقوبة الجنائية في أنها لا تمسه – كأصل عام حياته وحريته ،إلا أن هناك عقوبات تأديبية تمس حرية الموظف وذلك في حدود ضيقة تتعلق بطوائف معينة من الموظفين كما هو الشأن بالنسبة لعقوبتي الحجز في مقر العمل والحجز في الغرفة المقررين أو إذا اقترن الفعل بجريمة جنائية كاختلاس أموال الدولة . المبادئ القانونية التي تحكم العقوبة التأديبية 1_ مبدأ شرعية العقوبة مبدأ شرعية العقوبة في المجال التأديبي فإن له مفهوما خاصا أقل انضباطية منه في المجال الجنائي إذ يعني فقط تحديد العقوبات التأديبية على سبيل الحصر بأن يكون للعقوبة التأديبية سند في نصوص القانون بمعناه العام ومن ثم يترك للسلطة التأديبية المختصة حرية اختيار العقوبة الملائمة للذنب المقترف من بين قائمة العقوبات التأديبية المحددة سلفا بالنصوص وذلك تحت رقابة القضاء بطبيعة الحال. 2_مبدأ شخصية العقوبة يقتضي هذا المبدأ أن تصيب العقوبة شخص الموظف المذنب أو المخطئ بحيث لا تتعداه إلى غيره من الأشخاص 3_ مبدأ عدم رجعية العقوبة : المقصود بمبدأ عدم الرجعية هو عدم جواز تطبيق الآثار المترتبة على العقوبة التأديبية إلا اعتبارا من تاريخ توقيعها دون ارتدادها إلى تاريخ ارتكاب المخالفة أو أي تاريخ آخر سابق عن ذلك (31) أي أن العقوبة لا يترتب أثرها إلا من تاريخ توقيعها. 4- مبدأ عدم جواز تعدد العقوبة عن الفعل الواحد : ومقتضى هذا المبدأ أنه لا يجوز توقيع عقوبتين أصليتين نهائيتين تابعتين لنظام قانوني واحد عن نفس الخطأ بالنسبة للموظف عينه ، وخلال الفترة الزمنية ذاتها المرتكب فيها الخطأ أي وحدة العقوبة عن المخالفة الواحدة .