كتب :: محمد انداره
فمن هذا المنطلق نقول ما هو القانون و ماهي نصوصه وما هو العرف وماهي العادات، وماهي نقاط الاستحكام بينهما فنحن في ليبيا مع مختلف المكونات سواء إن كانت عربية وهي النسية الأكبر والمكون الأمازيغي و التباوي والتراقي ولكل هذه المكونات عادات وتقاليد ولو كانت تختلف هذه التقاليد من مكون إلى اخر، وهذا الاختلاف يكمن في الدين وفي اللغة وفي بعض المسائل الاخيرة والتي لا نستطيع القول بان هذا الاختلاف جوهريا، فان العادات بين هذه المكونات بالكاد تكون مشتركة. فمن هذه النبذة المختصرة عن المكونات داخل ليبيا نستطيع ان نقول بان العرف السايد هو ما تعارف عليه الناس من عادات ومن تقاليد سادت هذا المجتمع او سادت الدولة، مع اعتقاد الكثير من الناس ان هذه العادات والتقاليد ملازمة لهم, اما القانون فاهو قيام السلطة التشريعية داخل الدولة بإصدار مجموعة من القوانين الواجبة التطبيقية داخل الدولة سواء ان كانت هذه القوانين ذات الطابع المدني او قوانين جنائية، حيث ان هذه القوانين تبين حقوق ووجبات كل فرد داخل الدولة. فمن هذا المنطلق جاء المشرع في هذه التشريعات الى تقسيم هذه الحقوق الى التالي: 1 -الحقوق السياسية. 2- الحقوق المدنية وهي حقوق مدنية عامة واخرى خاصة. الا ان هذا التفرقة فيما بين القانون والعرف والعادات جعلت، جعلت الكثير من الناس داخل ليبيا الالتفات الي هذا العرف وهذه العادات وتقديمها في بعض المسائل او بالكاد الجزم جل المسائل داخل ليبيا وخاصة في الجرائم الجنائية، مما جعل الكثير من الناس بأن العرف هو القانون الوحيد الواجب التطبيق والمؤسف. اذا قلت له اليس لدى احد حقا إلا و القانون ضامنا له فعندها ومن المؤسف لا تجد اجابة منه وإلا وهي لا يوجد قانون في بلادنا وهذا الامر الذي ادا تأخر بلادنا عن الشعوب الاخرة في جميع المجلات وسبب كارثة انسانية لا يشعر بها الا من كان يفهم هذا الوضع، ومن كان يجهل هذا الوضع، فبكل بساطة يقول لك ان العرف قانون، وهو القانون الواجب تطبيقه في ليبيا وبالكاد ان يقول لك بأن العرف والتقاليد افضل من ما جاء به المشرع او ما جات به الوثيقة الدستورية، وهذا ما جعل بلادي تعاني الكثير من الصعوبات الان وفي ما هو قادم، نتيجة لهذه الافكار ونتيجة لهذه العادات والتقاليد التي ادت الى اختلاط الاشياء بعضها بعض، ومن هذا إذا سال القاري وقال بأن العرف والعادات والتقاليد هي اشياء سلبية ولا تخدم الناس ولا تخدم الدولة؟، فأقول له (لا) ان هذه العادات والتقاليد العرفية هي عبارة عن مجموعة من التصرفات الموروثة جيل بعد جيل وتناقلت هذه التصرفات لهذا الجيل من قديم الزمان فكانت هذه التصرفات في تلك العصور تتما شاء مع طبيعة الناس، وفي تلك العصور لا توجد الدولة الكاملة دولة المؤسسات التي تحكمها مجموعة من القواعد القانونية التي اسستها السلطة التشريعية، فمن هنا نقول بان العرف والعادات والتقاليد، لا يجب ان تدخل في المواضيع القانونية البحتة، ولا يجب ان تلقي القوانين المشرعة داخل الدولة، وتطبيق هذا العرف، وخلط العرف فيما يحكم به القضاء داخل الدولة، والدليل على هذا واضح ولا يحتاج الى برهان، فيما يحدث في ليبيا نتيجة لتراكم العادات والتقاليد العرفية المغلوطة مما افسد الحياة السياسية و القضائية وافسد الحياة الاجتماعية بين العديد من المكونات داخل ليبيا فنجد ان هذه العادات اصبحت ملازمة لجميع القبائل داخل ليبيا إلا استثناء بعض افراد هذه القبائل التي لهم نصيب من الثقافة و الوعي والانضباط والانسانية ، فهذا نجده في بعض الافراد واجزم بأن هذا قليل جدا. فمن هنا نقول الدولة المدنية دولة المؤسسات دولة الجامعات دولة القانون لم تتحقق الا فصل هذه العادات وهذا الموروث العرفي لكي يتحقق لنا هذا الا اني وأكد بأني لا اقول الغاء هذه العادات العرفية وجعل هذا بين القوانين ( الفصل بين العرف والقانون والزام على تطبيق القانون)، فأنا اكتب هذا لما شاهده وعشته داخل المحاكم الليبية، في العديد من القضائية و الجنائية والمدنية وقضايا الاحوال الشخصية ، وما يحدث داخل القضاء الاداري عند الفصل في بعض المسائل الادارية والحكم في هذه القضايا علي معيار الجغرافي والقبائلي والمحصصات بين قبيلة وقبيلة اخرى، فهذه الاشياء لا ترتقي لبناء حياة الانسان داخل الدولة المدنية الدولة الحضارية دولة المؤسسات التي نطمح بها. لذلك فيا اخي الليبي، ان هذا العرف وهذه التقاليد لا ترتقي الى الانسانية وخصوصا في بعض المسائل، فلنرتقي بأخلاقنا ونواكب الحضرات والتطورات التي وصلت الى العالم وبناء نموذج حضاري فكري مدني لا يعرف الحديث الا عن الانسانية.