- الاستطلاع/ أحمد محمد بازاما.جالو
في زمن جائحة فيروس كورونا يظل الاقتصاد الوطني عصب الحياة لكافة المجتمعات والذي من خلاله يتم تقديم الاحتياجات الضرورية لأفراده بمختلف تركيباتهم وتنوعهم وذلك من خلال إدارة رشيدة وحكيمة تدار من خلال السلطات المعنية بذلك. تتأثر الدول غير المنتجة والمستهلكة والتي تعتمد اعتمادا كلياً على الصادرات من الدول الأخرى لتوفير جميع المتطلبات لمواطنيها وخاصة الدول المعتمدة على الموارد الطبيعية الناضبة “النفط والغاز” وغياب البدائل في التخطيط الاستراتيجي لديمومة الاقتصاد الوطني رغم توفر المقومات البديلة. ومع ظهور جائحة فيروس كورونا الذي اجتاح العالم دون إنذار مسبقاً أغلقت جميع المنافذ وتقوقعت كل دولة على نفسها لتأطير اكتفائها الذاتي من الغذاء عبر سلسلة من الإجراءات ذات نهج قصير ومتوسط المدى مع ارتفاع واضح للمنتجات الغذائية ومؤشرات تعزى بانهيار الاقتصاد العالمي.
في هذا السياق تواصلت صحيفة فسانيا بعدد من المواطنين لمعرفة آرائهم حول الولوج لبعض الحاجيات الأساسية التي كانت منسية والعودة للاستفادة منها في القريب العاجل في ظل انحسار غير منظور للاقتصاد الذي يجتاح العالم؟ التركيز على الأمن الغذائي في مستوى أهم من أمن الطاقة يوضح الأستاذ محمد جمعة رمضان عبدو “مدير إدارة بالهيئة الوطنية لمكافحة الفساد” من مدينة طرابلس بأن كل شيء وارد وهذه الآراء ووجهات النظر حول هذا الموضوع تعتمد بالدرجة الأولى على المتغيرات التي تبدأ من توافر الحاجيات وكيفية وطريقة معيشة الإنسان أو الفرد اليومية، فالإنسان بطبيعته الاجتماعية أو الحياتية يفكر في توفير حاجياته وبدائلها سواء على المدى القريب أو البعيد من الكهرباء وغاز الطهو والملابس والوقود والغذاء إلخ ، فيعمل المرء جاهدا لتوفير هذه البدائل من الموجود حتى وإن كان إرهاقه اقتصاديا مادامت هذه الحاجيات متوفرة وتركها والولوج مباشرة إلى بدائل وهذا لن يحدث إلا تدريجيا في حال حدثت هزة اقتصادية قوية ولا أعتقد أن ذلك يحدث على المدى القريب ،إن احتياجات الإنسان وسعيه للبدائل فمثلا غاز الطهو يستعار عنه بالأفران الكهربائية إلى أن يفقد المرء هذا البديل مما يضطره لاستعمال الأخشاب وحرق المواد الأولية كمثال وينطبق الحال على الصناعات أيضا. الشيء الذي أراه حقيقة هو التركيز على الأمن الغذائي في مستوى أهم من أمن الطاقة فالمجتمعات التي تستورد لتوفير الحاجيات الضرورية لمواطنيها عليها الولوج لزراعة المحاصيل كالقمح والشعير والذرة إلخ.. وهو الخيار الاستراتيجي فعلى الدول أن تستفيد من درس جائحة كورونا والنظر إليه بمنظور أكثر أهمية وخلافه يعد قصورا من الدولة، فهذه الأشياء على المدى البعيد ستصبح خياراً لا مفر منه حيث سيسعى الفلاح لزراعة أرضه بالمحاصيل الزراعية واستخدام المواطن لقناديل الإضاءة ولمعاصر الزيتون واستعمال الدواب “الحيوانات” بديلا للمواصلات والعودة إليها هذا إن انحسر الاقتصاد العالمي وتفاقمت المشكلة الاقتصادية.
تفرض طبيعة الحال على المدى القريب “أزمة” كنقص الوقود وغاز الطهو والذي قد يستمر فترة لا تتعدى لعدة أشهر فقط، فالإنسان سوف يتعود على ذلك ولكن لا قدر الله وجود أزمة طويلة جدا سيكون ضروريا البحث عن طرق لمعيشته وليس خيارا عليه إلا مواكبتها والتكيف معها. إن حدوث مثل تلك الأزمة تحكمها الظروف وعوامل عديدة وهي غير متوفرة حاليا لحدوثها ، ولعل ما يعرف بممارسة فن البقاء هو الأخطر من ذلك وهي فترة إجرامية بنزعها من الآخر وهي تحدث بالطبيعة وهي تسبق الأزمات وخاصة الاقتصادية وعلى المخططين التفكير بها، الواقع حاليا إن هنالك اقتصادا في العديد من الأشياء كاستخدام الموقد الكهربائي بديلا لغاز الطهو وعدم استعمال السيارة بكثرة إلا للضرورة القصوى والاستغناء عن الكماليات وهي بداية فن البقاء عند كل الناس، وإن هرم ماسلو للحاجيات الإنسانية يمكننا من خلاله استنباط ما سيحدث للأزمة الاقتصادية.
بدورها تؤكد انتصار أحمد محمد مدير العلاقات والتواصل بجمعية معا نرتقي بالزنتان ومدربة متطوعة في التنمية والريادة والكمبيوتر نحن بحاجة شديدة للتركيز على الإنتاج وتقليل الاستهلاك والضرورة تتطلب تشجيع الصناعات المحلية وتعزيز الثقة وتوفير كافة السبل والتسهيلات والإجراءات للمواطن الليبي الراغب في الإنتاج أو الصناعة بشتى المجالات. يوجد لدينا العديد من الخيارات ولكن إجراءات الدولة وتدهور وضع البلاد جعلها في عدم استقرار. بحيث يفكر كل صاحب مشروع صغير أو متوسط في المخاطرة لقرارات الدولة وعدم دعمها لكافة من يرغب في النهوض بالاقتصاد الليبي. هناك العديد من القطاعات بالدولة وحتى رجال الأعمال يستطيعون دعم المشاريع الريادية الصغيرة والتي تسهم آسهاماً مباشراً في تحريك عجلة الاقتصاد وتغطية السوق المحلي مع التوجه للسوق الإقليمي والعالمي مستقبلا. إن العمل متاح مع التخطيط المستقبلي والاستفادة من الأراضي الشاسعة القابلة للزراعة أقلها المحاصيل الموسمية التي عليها الطلب بكثرة من المواطن. وكذلك العمل على مشاريع المواشي وتغطية السوق باللحوم لكي تنخفض الأسعار. وتشجيع التكنولوجيا الحديثة في هذا القطاع كزراعة الأسماك ونبات الفطر والتين الشوكي وغيرها. ريادة الأعمال من خلال تشجيع الصناعات التقنية كما نرى المشاريع ذات الطابعة الثلاثية لما تحدثه من ثورة حقيقية كونها في بدايتها في ليبيا. فالمصانع الصغيرة وحاضنات الأعمال الأسرية في مختلف المجالات عليها إقبال شديد وهذا في مجمله بعض الأمثلة التي يمكن بلورتها في القريب العاجل لتدارك المخاطر المتوقعة لانهيار الاقتصاد العالمي. والمعني إنه ما تنتجه يداك يفرح به قلبك والبلد المستهلك دائما أكثر ضررا اقتصاديا واجتماعيا
تتطرق د. خولة بن لامة ( طبيبة أسنان / طرابلس ) حول الموضوع من خلال إجابتها التالية رغم إنه موجود حاليا البعض من المنتوجات المحلية و بعض الصناعات الوطنية تلاقي بعض القبول من المواطنين لكن لا تغني
لكن لا تغني عن الصناعة الأجنبية و للأمانة لاحظنا الاتجاه للصناعة المحلية عند البعض في السنوات الأخيرة في ظل تأزم الوضع المعيشي و انخفاض مستوى دخل الفرد مقارنة بغلاء المعيشة لكن تبقى الصناعات محدودة و المحاولات فردية لا ترقى لكونها مشاريع ذات مردود كبير أو تغني عن الاستيراد، لكن بالنظر للوضع الحالي و التأثر الكبير بوضع الاقتصاد العالمي بات الأمر يحتم علينا الاتجاه نحو الاكتفاء الذاتي و دعم الاقتصاد المحلي و المشروعات الوطنية و لا يوجد خيار آخر و نحن نملك الموارد سواء المادية أو البشرية لذا بتنا نرى بين الفينة و الأخرى بعض المشاريع البسيطة هذه الأيام و التي أرى لها مستقبلا واعدا و ستتحول لمشاريع عملاقة قابلة حتى للتصدير بإذن الله . هذه فرصة لبناء الوطن و بناء الفرد بإمكانيات وطنية و دفعه للاكتفاء و الاعتماد على نفسه و تطوير مهاراته ..فعلى سبيل المثال لفت نظري من مدة مشروع صناعة الفخار المحلي بدأ كمشروع فردي بشخص واحد من مدينة غريان و كمحل بسيط و هذا ليس بجديد فتعتبر من الصناعات القديمة و التراثية و غير مدعومة لكن بمجهود فردي قام بتطوير المنتج و تسويقه ليصل لجميع مناطق ليبيا بل يصدر لبعض الدول كطلبيات بسيطة لأشخاص و هذا شيء يبعث على التفاؤل لمستقبل نرى فيه أبناءنا وهم من يصنعون حاجياتنا ….. انحسار الاقتصاد المحلي والعالمي سيكون أثره واضحا في إعادة تشكيل عادات الحياة و الاستهلاك لدى المواطن بشكل عام
يعرج د. عبدالقادر أبوغرارة عبدالسلام عميد كلية التربية أوباري/ جامعة سبها من وادي الحياة من خلال رؤيته للموضوع أعتقد أن التأثير الكبير الذي أحدثه فيروس كورونا ( كوفيد 19) على مختلف مناحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية قد يؤدي إلى اختفاء بعض مناحي الأنشطة الاقتصادية، الأمر الذي قد يؤدي إلى انكفاء الناس ورجوعهم إلى استخدام الكثير من الأشياء التي كانوا يعتقدون أن الزمن قد تجاوزها، فسوء الوضع الاقتصادي دفع بالكثير من الذين يعملون في مجال الزراعة في المناطق الداخلية والقرى للرجوع إلى استخدام طرق أولية للري واستصلاح أرضهم بعد الشح الذي أصابهم جراء اختفاء الكثير من الأسمدة الكيماوية والمحسنات الزراعية والأدوية الزراعية التي كانوا يستخدمونها في علاج الآفات الزراعية ، وقد لا يقف تأثير الانحسار الاقتصادي عند تأثيره على طرق الزراعة والاستصلاح، بل يتعداه إلى طرق الإنتاج والتسويق ، فكثير من المحاصيل الزراعية عادة ما كانت تسوق في المدن الكبيرة أو يتم تصديرها إلى خارج البلد ، إلا أن ما قد يصيب الاقتصاد المحلي على وجه الخصوص قد يدفع بالمزارعين بالعودة إلى الاهتمام بالتسويق المحلي كما كانوا سابقا، كما أن عادات الاستهلاك لدى المواطن قد يعتريها ذلك التغيير ، فبعد أن أصبح المواطن يعتمد بشكل أساسي في غذائه على الأغذية المعلبة التي كانت يستورها من المناطق المصدرة لها ، فإن ماقد يشهده العالم من انحسار في اقتصادياته وتوقف بعض الأنشطة التجارية ، قد يدفع بالمواطن العادي إلى الرجوع في عادات حفظ الأغذية إلى تلك العادات التي كان يعتمدها في زمانه الأول ، وعلى وجه العموم فإن الآثار التي قد تنجم من انحسار الاقتصاد المحلي والعالمي سيكون أثره واضحا في إعادة تشكيل عادات الحياة و الاستهلاك لدى المواطن بشكل عام ، بما سيحدثه من انقلاب رجعي يدفع بالمواطن إلى البحث عن أساليب ووسائل قديمة تحفظ له حياته وتساعد على استمرار حياته.
الناشط المدني عادل أحمد صالح من مرزق لا يعتقد بأن هنالك أزمة اقتصادية في الوقت الراهن معرجاً عل ذلك بأن الاقتصاد في العالم يسير وفق أنظمة معينة … وفي مثل هذه الحالات هناك حلول بديلة تتماشى مع الظروف الراهنة. فعلى سبيل المثال في ظل الوضع الراهن تزدهر التجارة الإلكترونية و تعزز مكانة حياتنا الافتراضية عبر الإنترنت بشكل لم يسبق لها مثيل.
بدورها أ.فاطمة المبروك عبدالسيد عضو هيئة التدريس جامعة بنغازي من مدينة الكفرة “المهتمة بأبحاث البيئة والطاقات المتجددة ” تعتقد أن العالم يسعى بخطى سريعة إلى التكنولوجيا وسينفذ النفط والمحروقات ولكن سيتجه العالم إلى الطاقات المتجددة سواء طاقة الشمس أو طاقة الرياح هذا في رأيي كمنظور عالمي أما بالنسبة للوضع المحلي لايوجد دعم للبحث العلمي وتطوير منظومة الطاقات المتجددة إذا استمر الوضع كذلك سيرجعون إلى الطرق البدائية بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية. فلديها بحث قدمته حول إمكانية استخدام الطاقات البديلة الشمسية والرياح في إقليم الكفرة وقد نال هذا البحث اهتماما كبيرا لذا ما نمتلكه من بدائل للنفط والغاز سيجعلنا أغنياء على المدى البعيد. هذا إن الدولة الليبية دعمت البحث العلمى وتطوير التكنولوجيا كانت للصناعات التقليدية المتنوعة سوقاً رائجاً في ليبيا محامية ..وناشطة حقوقية فردوس أحمد بوزيد من بنغازي تشير في حديثها بأنه بإمكان المجتمع الليبي العودة الى بعض الصناعات التقليدية التي طغت المنتوجات الصناعية عليها ..وصارت بديلا لها .. ففي ليبيا كان لصناعة الصوف و الصناعات التقليدية المتنوعة التي توفر البدائل الصناعية البلاستيكية سوقا رائجا ، لكن بدخول الصناعات البديلة الأرخص سعرا والأقل جودة قلل من إنتاج هذه الصناعات الأمر الذي جعل جميع العاملين بها ينصرفوا عنها …ويقبلوا بالبدائل التي تأتي من وراء البحار … اليوم ستعود السطوة لهذه المنتوجات إذا وجدت دعما لها ..بدلا من هدر المواد الأساسية لهذه الصناعات وعدم الاستفادة منها …يستفاد منها خاصة في ظل هذه الجائحة ،، لذلك لزاماً تقديم الدعم لهذه الصناعات ..وإعادة إحيائها ..وتدريب الشباب على إتقانها ستصنع فارقا في تنمية الاقتصاد الوطني.