ريبورتاج هدى حصن :: هون
لطالما شُهد لمدينة هون بتثمينها للنشاطات الثقافية بكل أنواعها، وباحتفائها بالفن بأطيافه وبمشاركة الجميع فيها من رجال ونساء وأطفال تطوعاً في إقامة المحافل الفنية والثقافية المتنوعة. ولكن في السنوات الأخيرة أهملت مدينتي– كسائر المدن الليبية- احتواء مناشطها لإحدى الفئات الأكثر حيوية في المجتمع؛ وهي فئة الفتيات في المرحلة العمرية 12-18 السنة. هذه المرحلة العمرية التي تتحول فيها الفتاة فجأة من مجرد طفلة تلهو كما تحب لامرأة تعاني من ضغوط اجتماعية تحرمها من اللعب في الشارع كما المشاركة في المناشط المختلفة التي كانت قد اعتادت عليها. هذا الكبت المفاجئ لطاقة الفتيات الصغيرات ينعكسعلى شخصياتهن وسلوكياتهن بالسلب.
آنسات اليوم الصغيرات لسن فقط أمهات المستقبل، بل بُناته أيضاً. وهذه المرحلة العمرية لا تُحدد سلوكيات الفتيات اليوم فقط بل تحدد النهج الذي سيسلكنه، وما سيكنَّ عليه في المستقبل. لهذا السبب قررتُ ومجموعة من السيدات والآنسات الرائدات في مجتمعي الصغير الصيف الماضي (2016) أن نغير الحال بإحياء نادي الأصالة للفتيات الذي كان قد أُسس عام 1994 وتوقف عام 2001 لأسباب واهية.
لاقت الدورة الماضية نجاح كبير واستحسان المنتسبات وأهاليهن الذين أغدقوا أسرة النادي بوافر المديح وأطلعونا على التغيير الإيجابي الكبير الذي طرأ على بناتهم، الأمر الذي كان خير مقابل لجهودنا. الرضا والسلام الداخلي اللذان أهدتنا إياهما منتسبات نادي الأصالة العام الماضي كانا السبب الرئيسي الذي جعلنا نعود هذا العام بشكل أفضل. في الحقيقة تتنوع أسباب نجاح نادي الأصالة ولكن جميع من فيه يتفقون على أن السبب الرئيسي لنجاحه يكمن في إدارته المتميزة جداً من قبل مؤسسته الدكتورة زهرة وحاد، أو كما نحب أن نسميها “أم النادي”، فالدكتورة زهرة بالإضافة لموهبتها الإدارية الفذة ومقدرتها على توزيع المهام بشكل فعال، تتميز بقلب كبير محب كقلب الأم وروح جميلة تشعرك بالرغبة للانصياع للنظام.
صدى الدورة الماضية زاد من عدد المنتسبات من 80 منتسبة لـ120، لذلك نقلنا نشاط النادي لمدرسة السلام الابتدائية كمقر جديد لنا أكبر من سابقه. تميزت هذه الدورة بنشاطات أكثر تنوعاً من سالفتها،فكانت مجموعات الفتيات تتبادل الأدوار ما بين قاعات الصحة والعلوم والمهارات والرسم واللغة الإنجليزية والمكتبة. هذا فيما عدا ممارسة الرياضة الصباحية بشكل يومي وورش العمل الأسبوعية المقامة من قبل ضيفات النادي المتميزاتاللائيساهمن في إثراء هذه الدورة. تنوعت ورش العمل في مواضيعها فكان للفن نصيب منها حيث تناولت احدى ورش العمل فن التصوير الفوتوغرافي وكيفية التعامل مع الكاميرة. أما في مجال الصحة فتنوعت ورش العمل في مواضيعها بحسب أعمار الفتيات فغطت عدة مواضيع مثل الإنعاش (CPR) والبلوغ بالإضافة لفسيولوجيا المرأة. أما ورشة العمل التي كانت الفتيات في انتظارها على أحر من الجمر تناولت أساسيات ومبادئ لغة الإشارة، التي لابد وأنها كانتانطلاقة للعديد منهن للبدء في تعلم هذه اللغة البسيطة الممتعة التي ندين للصم بتعلمها لنتواصل معهم. كذلك أُقيمت فقرة ضيف الأسبوع التي استضفنا فيها نساء ذوات تجارب استثنائيةألهمت الفتيات لملاحقة أحلامهن، وتنوعت اهتمامات الضيفات ما بين الشعر وريادة الأعمال والطهي. احدى الاستضافات المميزة للنادي كانت لعازفة بارعة أقامت حفلة موسيقية جميلة أسبوع عيد الأضحى تغانت فيها الفتيات بأغاني وأهازيج عذبة.
قليلة هي الحفلات الفنية ذات العروض المبهرة هذه الأيام، والأقل منها هي الحفلات الفنية التي تديرها الفتيات بالكامل، ولكننا من خلال النادي قمنا باكتشاف مواهب حقيقية خاصة في فنّي التمثيل والغناء، فأقمنا حفلة ختامية يوم الأربعاء (20 سبتمبر) تميزت بعروض حديثة جميلة كتلك التي تُعرض في برامج المواهب على التلفاز في مراحلها المتقدمة. تنوعت العروض ما بين أغاني جماعية عربية وانجليزية ورقصات زومبا بالإضافة لمسرحية انجليزية وأخرى صامتة وأخيراً عرض مميز لفن الأكابيلا.
صاحبَ الحفل الختامي معرض لمشغولات قاعة المهارات بالإضافة للوحات الرسم للمنتسبات، وأخيراً شملت مشاركة نادي العلوم بعض المجسماتوفرن شمسي وكاميرة تصوير وصابون تم صناعة كلٍ منها من موادها الخام داخل النادي، بالإضافة لمقالات وصور لتجارب الفتيات داخل القاعة.
تم أخذ كل مجموعات النادي في ثلاث رحلات مختلفة، آخرها كان لمدة يوم كامل في أحد منتزهات المدينة يوم الخميس (21 سبتمبر) كآخر فعاليات هذه الدورة. وككل النهايات كان هذا اليوم أحد أحب الأيام للجميع فلم ينتهي إلا بالأحضان ودموع الفرح المختلطة بالحزن لمفارقة نادي الأصالة لحينٍ آخر…