استطلاع :: ليلى المغربي
ظهرت مؤخراً دعوات ومطالبات من الشباب، بأن يتكفل أهل العروس، بجزء من مصاريف الزفاف (تحديداً أثاث المنزل)، وهو أشبه بالعادات في دولة مصر الجارة لنا , جاءت هذه الدعوة من الشباب، كردة فعل بعد صدور قرار الحكومة المؤقتة شرقي ليبيا، بخصوص صندوق دعم الزواج، والذي يفرض على من يرغب بالزواج، بدفع ضريبة مالية حسب جنسية الزوجة أو الزوج، وقد قمنا في فسانيا بإستطلاع أراء الشباب في العدد السابق، لمعرفة أرائهم حول هذا القرار .. من المتعارف عليه في ليبيا، أن معظم تكاليف الزواج، ملقاة على كاهل الشاب، من الشقة وأثاثها إلى المهر من متقدم ومتأخر، وتشمل أيضاً الذهب سواء التقليدي منه أو العصري، والملابس التقليدية الحريرية، وتجهيزات العروس التي تقدم في الغالب نقوداً، لتشتري العروس ما يلائمها، ثم مصاريف حفل الزفاف المبالغ فيها، أما العروس عدا عن تكاليف حفل الخطوبة والزفاف، وبعض ما تشتريه من ملابس لها أو هدايا للعريس وأهله، وربما تحضر معها أثاث غرفة واحدة، فليست مطالبة بأكثر.
تغيرت أمور كثيرة في حياتنا، بتغير الحياة نفسها، ومع ظروف الحرب وما صاحبها من غلاء الأسعار، ونقص السيولة وكثرة متطلبات الحياة، يجد الشباب أنفسهم في ضائقة كبيرة، وحيرة أكبر، بين خيار الزواج بأقل التكاليف، أو العزوف عن الزواج، وما دعواتهم المطالبة بمساهمة العروس مناصفة بالتكاليف، إلا دليل على تعبيرهم عما يعيشونه من معاناة، إزاء هذه الأزمات التي تمر بها البلاد عموماً، وبالنسبة للمرأة لم تعد أفكارها هي نفسها، التي كانت عليها في السابق، من تحميل للزوج كل متطلبات الزواج والارتباط، دون تقديم التنازلات المختلفة له خاصة المادية، لأن المرأة التي تطالب بالمساواة والحقوق، تعرف أنها مطالبة بواجبات أيضاً، بخلاف العقلية السائدة في المجتمع، والتي ترى المناصفة هذه، تنازلاً مهيناً للمرأة، وما يحتاجه الشباب والشابات هو دعم المجتمع، والتخلي عن بعض الأعراف والتقاليد التي تزيد تعقيد حياتهم، لكن هل جميع الشباب والشابات يتفقن في هذا المطلب، ويؤيدون المشاركة بالمناصفة؟
“فسانيا” توجهت للشباب بالسؤال عن هذا من الجنسين وتعددت الأراء في هذا.
نجاح بشير ( صحفية ) أنا آرى هذا الأمر ليس بالغريب، أتذكر أن أختى تزوجت منذ ١٢ عام، وتكفلت بتجهيز أغلب الشقة بطيب خاطر منها، ولي صديقات أيضا تقريبا تكفلن بتأثيث شقة الزوجية، واذكر أني قلت لإحدهن أصبحنا مثل عادات المصريين، النساء تتكفل بنصف مصاريف العرس، ما أقصده أنها مشاركة ليست جديدة على مجتمعنا الليبي، وحسب رآي لا ضير في ذلك وأنا مع هذه المشاركة، ولكن أساسيات الشقة، يجب أن تكون من الرجل، كغرفة النوم ومستلزمات المطبخ كالغاز والثلاجة، أما باقي الكماليات أمر عادي، إن كان هناك اتفاق بين الطرفين، و روح التعاون موجودة، ولكن ضدها إذا كان هناك نوع من الاستغلال من قبل الرجل، بمعنى أن يتقاعس عن المساعدة بقصد.
منى الأزرق ( موظفة في القطاع الخاص ) بالنسبة لي أهم شئ هو التفاهم والتوافق بين الطرفين، ولا أرى ضرراً في المشاركة، إذا كانت الظروف المادية تسمح.
إيناس علي ( طالبة جامعية ) أملك وجهة نظر خاصة، بخصوص عادات وتقاليد الزواج في مجتمعنا، والتي تختلف من منطقة لمنطقة، ولكن بصفة عامة أجدها باهظة الثمن على الطرفين، وخصوصاً في هذه الأزمة مع نقص السيولة، انا ضد هذه الحملة، لأن الزوجة أيضاً تتحمل تكاليف جهاز العروس والحفل وما إلى ذلك، ولكني مع مساعدة الرجل، بالتخلي عن الكسوة والذهب والبدلة الكبيرة والصغيرة والبيان ( الخطوبة) وكل هذه الكماليات الغاليةالثمن، لكنني ضد هذا الشرط، ولا لأن هذا الشرط سينتج عنه ردة فعل بالمجمل، وسيحدث عزوف عن الزواج، فكثرة الشروط تعرقل الزواج ولاتساعد على تأسيسه.
سعاد اللبة ( فنانة تشكيلية ليبية في إيطاليا )
تغيرت الأحوال منذ فترة، فلم يعد الشاب قادراً على تكاليف الزواج الباهظة، في أيامنا هذه يستأجر الشاب بيتاُ بسيطاً، بدون ذهب وحرير، وأنا أتكلم من واقع أصدقائي وأخواتي، مما حدثوني عنه وبعضهم يعيشونه، بالنسبه لي هذا الموضوع معقد جداً، لأنني أعيش خارج ليبيا ولا أنوي العودة، حتي لو فكرت في الزواج، سيكون مثل الأجانب، مشاركة في كل شئ، حتى مصروف البيت وايجاره، وكذلك مصاريف الفرح والذي سيكون يوماً واحداً، بلا ذهب ولا فضةة ولا بدلة كبيره ولا صغيرة.
نهلة علي ( صحفية ) أنا مع أن تصبح الفتاة تساهم في مصاريف الزواج، سواء بأثاث المنزل أو غيره، ولكن أيضا في المقابل أن تضمن الفتاة حقها فيما بعد في هذه المساهمة، فمثلا الزوج عندما يشتري بيت فانه يقوم بتسجيله باسمه كحق له لانه دفع ثمنه، فيما لو اشترت الفتاة اثاث البيت فهذا لن يضمن لها حقها لـن ثمن الاثاث مع مرور السنوات لا يعود يساوي شيء، والسؤال هنا للشاب الليبي، الذي يطالب بأن تساهم معه في مصاريف الزواج، هل يقبل مثلا أن يسجل البيت مناصفة مع زوجته، ليكون كلاهما متساوين في الواجبات والحقوق، لاسيما وأننا نعلم أن امتلاك الرجل للبيت هو نوع من امتلاك للسلطة فهل يقبل تقاسمها مع المرأة ؟ مع تأكيدي على وجوب مساهمة المرأة في مصاريف الزواج، لأنه ربما يساهم هذا الأمر، في كسر الصورة النمطية، واعتياد المجتمع على أن الأمور المالية حكراً على الرجل.
خديجة الهوني من العادات القديمة في مصر، والتي انتشرت في بلادنا، هي تكلفة أثاث المنزل والأدوات الكهربائية وغيره على أهل العروسه، وبنظري من العادات التي تقصم الظهر وتركها ليس عيباً ، في ليبيا بعض المناطق والقبائل تطبق هذه العادة ! فرغم الأزمة الأقتصادية التي تمر بها البلاد وانتشار البطالة تزايدت هذه العادات بطريقة لم نرى مثلها سابقاً، اليوم نرى انتشار هذه الظاهرة في بلادنا بشكل كبير وأصبح التباهي بالأثاث المنزلي والكهربائيات وغيره مما تجلبه العروسه ضرورياً في بعض العائلات !! حتى إن البعض يهلك نفسه ويستدين من أجل هذه المظاهر الكاذبة حتى يقولون بنت فلان ( بتاتها ) لا ينقصه شيء ! ونرى مقارنة الصديقات والقريبات بين (بتات) بعضهم !مما يثير الكراهية والحسد والتنافس بينهم على (أريكه) أو ( عجانه !!) نظرة سطحية وتجعل من الفتاة بدون عقل حيث كل تفكيرها ماذا اشتري، لأكون أفضل من فلانة أو حتى أنال رضى أهل زوجي ويشكروا مشترياتي ! بنظري الشخصي ليست ملزمة الفتاة بهذه العادة ولها حرية الأختيار، التعاون بين الزوجين يكون عن حب وتفاهم وإحترام ولا يقاس بثمن الأريكة التي ربما تكون قد أستلف والد الفتاة ثمنها وأرهقت الفتاة عائلتها بهذه العادات.
فاطمة مفتاح حسن (فنية عناية فائقة وتخدير) بالنسبة لمشاركة العروس في تجهيزات الفرح، أنا مع هذه المشاركة، ولكن ما أرفضه أن تكون إلزامية كشرط للزواج، وخاصة إذا كانت العروس ليست موظفة او لا تتقاضى راتب من الدولة، أما عن مدينتي “زلة” فتشارك العروس بتجهيز المطبخ كاملاً وكذلك حجرة الصالون، كما أظن أنه ما يلزم تقليصه هو الاسراف ومظاهر الترف والتبذير، التي نظهرها في أفراحنا لغرض التباهي لا اكثر، لكان الأمر أكثر سهولة على العريس.
لطيفة علي لو تمسكنا بما نشأنا و تربينا عليه من عرف وتقاليد، سنجد أن هذا شيئاً نشازا و به “منقصة”، فلطالما كان الرجل في منظارنا هو الكفيل بكل ماهو ثقيل، لكن في ظل ما نعيش من ظروف جد صعبة، و تكالب التجار و الرأسماليين على الشباب، الذي ﻻحول له وﻻ قوة، و كيهم لهم دون شفقة وﻻ رحمة، وفي ظل موجة الموت العالية التي نعيشها، و التي أخذت و مازالت تأخذ أزاهير شبابنا، وفي ظل انتشار وسائل الفساد و الرذيلة و اﻹنحراف بشتى الطرق و أيسرها، ((أنا مع ذلك)) خصوصا، بل وبشرط إلتماس المعدن اﻷصيل و طيبة اﻷخلاق في الشاب، و محاوﻻته اﻷكيدة في أن يكون شيئا، و عجزعن بعضه لظروف قاهرة، و بذلك نختصر سنوات من الزمن، يمكن خلالها إنشاء جيل قد يعوضنا عن الذي ضاع .
الاختلاف والتفاوت في الأراء، من سمات الطبيعة البشرية نساء ورجالاً، بعد أن اطلعنا على أراء بعض النساء، نطلع الآن على أراء بعض الشباب.
أحمد بن وفا ( عمل خاص ) أعدتُ السؤال لصديقي لأسأله عن رأيه فقال: (سيزوجونني ابنتهم وأعتقد يكفي، وهي رائعة بالفعل)!حسنا وأنت لا بأس بك أيضاً . أصبح قرار الزواج للشباب شيئاً مخيفاً بالفعل، وهنا أتكلم عن مجتمعنا لما فيه من رأس مال كبير سيضخ قبل أن تتقدم للخطوبة، وأولها أن يكون لديك بيت، وهنا حتى تقنع أهل العروس، بأنك أصبحت مؤهلاً للزواج بابنتهم، ومن ثم ستعمل على تحضير مبلغ محترم، لتنفقه في ليلتين!، موضوع البيت في مجتمعنا قليل من يتهاون فيه (هل ستضع ابنتنا في منزل بالايجار ؟ .. لا هذا لن يحصل؟ .. لا يمكن أن تضعها مع أهلك ! هل تمزح معي؟ .. هل أنت تعي ما تقوله؟ .. ربما أنت لست جاداً كفاية للزواج!)، وبالنظر في مجتمعات أخرى يكون الأمر أسهل بمراحل، بالنسبة للأثاث أهل العروس في العادة تصحب ابنتهم لبيت الزوج (صالون أو طاولة أكل أو ما شابه)، وذلك بحكم عادة أو مجاملة لطيفة لا أكثر، وإنما هي ليست مطالبة أبدا بذلك، إلا إذا وضعنا عرفاً جيدا، يسهل من أمر العريس كما في مصر وذلك من مبدأ (حياة مشتركة ) أي أن الزواج لا يخص العريس فقط، وإنما العروس هي الطرف الثاني ومسؤولة أيضاً على هذه الحياة وإن لم يكن، فلما نسميها شراكة؟ أم أن الشراكة تبدأ في مجتمعنا بعد العرس!. اتفق تماما مع هذه المطالبات ومن ناحيتين والثانية أهم من الأولى، بالنسبة للأولى تخفيض المعاناة قليلاً على العريس، لأنها صارت محنة لا فرحة ، ومن ناحية ثانية أن تكون العروس شريكة بالفعل في الحياة الجديدة.
جمعة الترهوني ( رجل أعمال ) اعتقد أن هذه المطالبات ظالمة، لأن هذه المطالبات لم تأت، إلا بعد تأزم الأوضاع في البلاد، وأظن أن الوضع تأزم على أهل العريس وأهل العروس، من نقص سيولة وغلاء الأسعار، وليس أهل العريس بل بالعكس، ولنفترض أن هناك من لديه أربعة أو خمسة بنات في سن زواج، وهو مجرد موظف عادي، كيف سيكون الوضع؟ أنا اعتقد أن هذه المطالبات، هي محاولة من بعض الشباب للتخلص من أهم مسؤولياتهم.
وائل احمد ( إذاعي ) أنا مع هذا المقترح، خصوصاً وأن تكاليف الزواج أصبحت تثقل كاهل الشاب، وفي تزايد يوماً بعد يوم ، للأسف إن بناء بيت متواضع، أصبح يكلف 100.000 دينار تقريباً، أضف إليها تكاليف الفرح غير الباذخ 10000 دينار، ومع إضافة قيمة الذهب، رغم أن بعض العائلات أصبحت تقدر الغلاء، وتضع قيمة الذهب كمؤخر صداق، إلا أنه في نهاية الامر، يبقي محسوب كقيمة للزواج، لنجد أن تكاليف الزواج، قد تصل إلى 180.000 دينار، وهناك أكثر، وهو أمر يكاد يكون مستحيل على الشباب، مما دفعهم إلى فكرة العدول عن الزواج، وانطلاقا من مبدأ الشراكة والمساواة، يجب على الزوجين المشاركة في مشروع الزواج، وأن تقسم التكاليف بينهما.
رضاء البهيليل (مدير برامج في راديو الأمل) نعم انا مع هذه المطالبات، خصوصا أن هذه الظاهرة اصبحت اليوم منتشرة، وهذا دليل على التعاون، وأن الزواج مسؤولية مشتركة، وأن الشاب لا يستطيع وحده تحقيق كل متطلبات الحياة، خاصة أن المرأة في هذه الأيام، صار لها كيان اجتماعي ومهني مستقل، ويمكنها أن تشارك في جلب احتياجاتها.
مراد الشائبي (مهندس واعلامي) أنا مع التعاون بين الطرفين في بناء عش الزوجية، فيما يتفق مع الشرع السمح في تسهيل أمور الزواج، ولست مع القسمة المحسوبة، كمن يريد تأسيس شركة، وليس زواج ورابط مقدس، التعاون والمشاركة شيء جيد ومستحب، فيما يتفق فية الطرفين وحسب ظروف الطرفين، وأنا ضد التحديد وفرض القوانين التي تضفي على الزواج شيء من المادية، فيفقد معناه الروحي والانساني.
أحمد بن غزي (موظف بالقطاع الخاص) وجهة نظري أن لا فرق في الحالتين، لأن هناك مصاريف ستدفع، سواء من أهل العريس أو أهل العروس، و من يعتقد أنه يقتصد في المصروف، لأن أهل العروس سيشاركون بأثاث المنزل أو غيره، فاعلم أنك يا عزيزي يوما ما، ستدفع هذه المصاريف لإبنتك أو أختك حين تتزوج، واعتقد أن علينا الإقتداء بما قاله الرسول عليه السلام، ( أعظم النساء بركة أيسرهن مهرا) و غيره من الاحاديث، و أن نكون على قناعة، بأن راحة البال و التفاهم و الود و الاحترام، هو أساس استمرارية العلاقة الزوجية، حتى لو في منزل متواضع و بأثات بسيط، و ليس بالأثاث الفاخر والمهر الغالي، ما يحافظ على العلاقة و استمراريتها، وإذا كان أهل العروس، ميسوري الحال و أرادوا المساعدة، فهو أمر جيد، وهم بهذا يساهمون في إعمار بيت لإبنتهم، ولكن لا أؤيد فكرة أن تكون المساعدة اجباريه ( عرفيا أقصد).
هود الأماني (عمل خاص ) ربما غلاء الأسعار في الوقت الراهن يجيز ذلك ، لكن إذا استقام حال البلاد و رخصت السلع و توفر النقد فلا أحبذ هذه الخطوة والعديد من الأمهات والزوجات، يجدن المساهمة في تكاليف الزواج من العروس أمر هام وإيجابي، السيدة نعيمة الطاهر ” المستشارة الاعلامية بوزارة العمل” وهي أم لابنة متزوجة تقول” أنا مع الفكرة، وأيضا مع حفلات الزفاف المشتركة في الصالة، إبنة أخي قبل فترة قصيرة كانت حفلة زفافها مشتركة مع أهل عريسها، وحين زوجت ابنتي قبل أربعة سنوات لم نضع أي شروط على العريس”.
أما السيدة حنان الزنتاني ( أستاذة في الأكاديمية الليبية قسم الاعلام ) وعروس جديدة، تقول عن هذه المطالب” مع وبقوة .. إذ لا بد من مساعدة العريس، لأن الغلاء لا يطاق، ولو وقفنا عن هذه الخطوة، ستتضخم نسبة العنوسة في بلدنا، التي أصبحت ظاهرة واضحة، وقد شاركت زوجي بالمصاريف كشريكين يؤسسان لحياة جديدة ، دون النظر لمن يدفع أكثر أو ساهم بأقل، لأن التوافق بيننا كان الأساس في كل شيء”.