حين يغادرك صديق

حين يغادرك صديق

  • إبراهيم عثمونة / سمنو

كنتُ أظن أسماء الأصدقاء كأي أسماء مكتوبة على ورقة . أي أنه سواء كتبت على ورقة اسم “حامد” أو كتبت “بطاطا” فكمية الحبر المسفوح على الورقة واحدة ، والمساحة التي سيأخذها اسم حامد أو بطاطا من السطر ايضاً واحدة ، ولو أردت أن تشطب هذا أو هذا فبجرة قلم تشطبه أو تمحوه ، ولو القيت الورقة المكتوب عليها حامد أو بطاطا في السلة ، لا فرق تشعر به السلة ، لكن ما حصل أنني منذ فترة ليست بعيدة وأنا أشعر أن صديقاً كان أسمه مكتوب في قائمتي غادر قائمتي ، ومثل هذا الشعور لا أتصور أنني قد أشعر به أو يحصل معي لو أن اسم بطاطا غادر قائمة طلبات المنزل ، فالأصدقاء حين يغادرونك ليسوا كالبطاطا والطماطم والمكرونة ، وهذا ما سأعرفه لاحقاً.
كنتُ في كل مرة افتح جهازي وأدخل على الانترنت يراودني الشعور الذي يقول لي أن صديقاً مهماً غادر قائمتك يا ابراهيم ، وكنتُ أرد على هذا الشعور بأن أي صديق هو حر ، ثم أن المشكلة ليس سهلاً التعرف على صديق غادر فذلك يتطلب التفتيش عنه بين ألاف الأصدقاء . كنتُ أحياناً أدخل على صفحة سالم – مثلاً – وحين أجده ما زال معي وفي القائمة أنتقل إلى ثلاثة او اربعة آخرين كـ محمد ومحمود ومعتوق ثم أترك عني فكرة البحث ، وفي مرة أخرى حين افتح الجهاز ويراودني ذات الشعور بأن صديقاً مهماً غادر قائمتك يا ابراهيم ، فأعود وأعيد نفس التفتيش عن اسماء أخرى – مثل – فاطمة وزينب وصالح وأميرة وأمير ، ثم اترك عني . هذه الحالة تكررت معي مرات وكنتُ اترك وأتساءل مَن يا ترى هذا الصديق ؟! هو حتماً لا يقيم في طرابلس ولا يقيم في بنغازي ولا مصراته والزاوية ومدن ومناطق بعيدة ، بل هو إن لم يكن من بلدتي سمنو فهو حتماً من سبها ، بل أغلب الظن أنه من سبها ويقيم في سبها ، فشعوري الذي حس بغيابه وخروجه من القائمة حس أيضاً بالمسافة المكانية التي تفصله عني . أمس فقط عثرتُ على مكانه بالقائمة شاغراً بالصدفة . جاء على بالي أنني منذ فترة لم أرى له منشوراً على الصفحة الرئيسية فدخلتُ على صفحته ووجدتُ نفسي غير موجود معه أو هو غير موجود في قائمتي والأمر سيان ، في حين بدت لي القائمة الكبيرة كما لو أنها قاعة سينما كبيرة وكل صديق يخرج يمكن ان يحل محله آخر ، وبدت لي الصفحة التي نكتب عليها هي شاشة العرض الكبيرة ، لكن مقعد صديقي أو صديقتي ما زال دافئاً حين وضعتُ يدي عليه ، وما زال أثر أقدامه لم تمحها أثار الأصدقاء الذين دخلوا وخرجوا بعده ، وما زال مقعده شاغراً لم يملأه أحد . تلفتُ على اليمين وعلى الشمال لعله يكون قريباً فأعيده للمقعد وأقسم له، وسألتُ الشخص الذي كان يجلس إلى جانبه فقال لي إنه خرج منذ أيام ، وحين أخذتُ يديه ووضعتها على المقعد الذي ما زال دافئاً عرفتُ منه أن مكان الأصدقاء ليس كمكان البطاطا في صندوق.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :