د :: سالم الهمالي
رواية من ثلاث أجزاء (غرناطة، مريمة، الرحيل)، للأديبة واستاذة الادب الانجليزي رضوى عاشور (١٩٤٦-٢٠١٤) رحمها الله، نص ادبي رائع استعادت في الروائية سيرة اربعة اجيال لأسرة عربية في الاندلس عبر ما يتجاوز القرن الزمني (١٤٩١-١٦٠٩)، واكبت سقوط آخر الممالك غرناطة حتى طرد الموريسكيين عن اسبانيا.كلنا نعرف ان العرب عاشوا في الأندلس واقاموا حضارة عظيمة، كان لها باع كبير في النهضة الأوربية التي تلت سقوط الاندلس، ونسمع الكثير عن محاكم التفتيش وما تعرض له المسلمون من تعذيب وتشريد على ايدي الكنيسة والملوك الجدد وادوات حكمهم. الرواية جسدت ذلك بأسلوب أدبي بديع، تسلسل فيه التطور الزمني واسقاطاته على المكان والانسان، اي كيف اندثر الوجود العربي شيئا فشيئا حتى اصبحنا لا نشاهد إلا الأطلال والآثار.الرواية حصلت على الاشادة والجوائز، ولا شك انها تستحق القراءة.ليست مصادفة ان تكون رضوى عاشور كاتبتها، مصرية ابنة محامي التي تزوجت مريد البرغوثي (فلسطيني) الذي عانت وإياه اسقاطات النكبة عام (١٩٦٧)، حين وجد نفسه محروم من العودة الى مدينته رام الله، وشعبه يعاني التهجير والتشريد بطرق متعددة لا تختلف كثيرا عما تعرض له عرب الاندلس.عبرت الرواية عن معاناة من يفقدون اوطانهم او مدنهم او قراهم ظلما وعدوانا، ورصدت المأساة التي يتعرضون لها مرغمون على حياة السخرة والذل والمهانة، وللأسف الشديد ان ذلك ليس حكرا على الاندلس بل واقع عشناه في تاريخنا المعاصر بكل مراراته!!ظلم الانسان لاخيه الانسان امر مؤلم، ليس فقط من اتباع دين لآخر بل يحدث حتى داخل البلد الواحد ومن اتباع الدين الواحد على من يختلفون عنهم من طوائف وجماعات …في الاندلس الزموا العرب بتغيير اسماءهم الى نصرانية، ونرى اليوم من يحرم بعض الناس من تسميه أبناءهم بمن يحبون من تاريخهم بحجج واهية، وكأن كل المسلمين سمّوا بأسماء محددة ؟!ضاعت الاندلس، وتضيع فلسطين، ونشهد ضياع الوطن الذي ولدنا فيه وتربينا على ترابه، اذ أصبح الاجنبي يأمر فيطاع ضد ابناء الوطن وأصحاب الارض …من سيكتب تاريخنا؟!