بقلم :: سالمين خليفة
شهقة مكتومة أعقبتها دمعة صغيرة ساخنة فاقمت من ضبابية الرؤية في وجود الخمار إلى شاشة الهاتف وقصاصة الورقة المدون عليها الرقم. لم يكن الألم صادرا من طرف أصبعي الذي كنت قد قضمته للتو بالخطأ وأنا أحاول أن أمزق طرف القفاز بأسناني كان الألم موغلا في أعماق الروح في وجود كل هؤلاء الأغراب في مدينتي التي استوطنوا ساحاتها وشوارعها وبيوتها بعد أن صلبوا ريعان شبابها على أوتاد الموت ومن ظل منهم على أرصفة الغربة والشتات .. في الهواتف الذكية smart phones لا يمكن الضغط والكتابة على شاشاتها في وجود جسم عازل كالقفاز وأنا لم يكن لدي أي خيار مع بداية شهر مايو كانت سرت مثل واحة نضبت في أوصالها مقومات الحياة وتربص بها الموت فهجرت عصافيرها الأغصان والأوكار كانت قد انقطعت عن سرت آخر جرعة اتصالات بالعالم الآخر إلا من بضع مكاتب للاتصالات تضطر من هي مثلي لارتداء عباءتها السوداء الفضفاضة للاتصال من على بعد أمتار خارج المحل بحكم الشريعة لكي تجري اتصالا قصيرا في ذلك اليوم كان جميع من يتصل من أمام المحل أجانب إلا من حاج يتكئ على عكازه استأنست به ووقفت وراءه وأنا أدير ظهري للجميع خلعت قفازي لأدخل الأرقام بسرعة وأنا أخبئ يدي تحت طرف الخمار “يعتبر عدم ارتداء القفازات من المحرمات حسب قوانين دولة الخلافة”. .
قطع صوت صراخ الحاج الدقائق القليلة التي بدت كأنني أقضيها وأنا أحبس أنفاسي تحت الماء .