حوار :: زهرة موسى
تعمل الكثير من مؤسسات المجتمع المدني بالجنوب في مجال التوعية و التثقيف حول التعامل مع الأطفال ذوي الإعاقة ، فهم يحتاجون إلى وعي كبير حتى يتم العناية بهم و مساعدتهم على الاندماج في المجتمع ، وخاصة مع ازدياد نسب الأطفال ذوي الإعاقة المصابون بالتوحد حسب أبوكتيف الذي يشير إلى أنه لا توجد إحصائيات دقيقة ولا دراسات تدعم أقواله ولا حتى مركز واحد متخصص لعلاج التوحد في المنطقة بدءًا من الشويرف ووصولاً إلى غات ، وهذا ما يدفع الأسر إلى السفر خارج الجنوب لعلاج أبنائهم .
حصر أعداد الأطفال المصابين بالتوحد
قال” حسن محمد أبوكتيف ” رئيس مجلس إدارة جمعية ذكرى لرعاية الأطفال و الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة ” تأسست الجمعية في منتصف ديسمبر العام 2012 و تحصلنا على الإشهار في يناير العام 2013 ، و بدأنا بالعمل في مجال التوعية بحقوق الأطفال ، و أنجزنا تقريراً موازيا للدولة مع منظمة اليونيسف العالمية ، وتلقينا حينها ورشة عمل بمدينة طرابلس ، و كانت لنا مساهمة في كتابة التقرير الموازي للدولة في العام 2020 ، و قمنا بحصر أعداد الأطفال من الأشخاص ذوي الإعاقة ، في مدينتي سبها و براك ، و حاولنا أن نقدم لهم الإعانات اللازمة و ما يحتاجونه من أجهزة و معدات خلال الأعوام الماضية. التضامن و الجامعة شركاء التوعية
وأضاف ” نفذنا عدة أنشطة بالشراكة مع إدارة جامعة سبها ، والتضامن الاجتماعي خلال الأعوام الماضية ، حيث نظمنا الملتقى الأول للصم و ضعاف السمع على مستوى ليبيا , و شاركت فيه معظم مناطق ليبيا، و خرجنا منه بعدة توصيات مهمة ، وكذلك عقدنا المؤتمر الأول للأخصائيين الاجتماعيين و النفسيين بمراكز الخدمة الاجتماعية بالجنوب ، و تخلله عديد الورش و التدريبات للأخصائيين.
معضلة الأطفال متعددي الإعاقة
و ذكر ” توقفنا لفترة عن الأنشطة نتيجة للحروب التي عاشتها المدينة ، و لكن الآن بعد إجرائنا لبعض الدراسات وجدنا فئة تحتاج للعمل عليها بشكل مكثف و هي ( الأطفال متعددي الإعاقة ) كأطفال الشلل الدماغي ، أطفال ضمور العضلات، فلهذا قررنا أن تكون من أولوياتنا خلال الفترة القادمة تكثيف الأنشطة الخاصة بهذه الفئة .
خبراء محليون و دوليون يشاركون بالذكرى الثامنة للتأسيس
تابع ” احتفلنا مؤخراً بالذكرى الثامنة لتأسيس الجمعية ، و خلال الحفل أجرينا جلسة حوارية و كان ذلك بمشاركة عدة خبراء دوليين ، من ( دولة المغرب و الولايات المتحدة الأمريكية و دولة عمان) بالإضافة إلى خبراء محليين .
لا توجد إحصائيات دقيقة للأطفال المعاقين !
و استرسل ” عرضنا خلال الاحتفالية نبذة تاريخية عن الجمعية والتعريف بأهدافنا و توضيح الرؤى ، كما طرحنا عدة محاور تهتم بالتوعية و التدريب ، وأيضا عرضنا بعض المشاريع المستقبلية لمشاركتها مع جمعيات أخرى مثل (إنشاء قاعدة بيانات للأطفال ذوي الإعاقة ) فإلى الآن لا توجد إحصائيات دقيقة لهذه الفئة و حتى إذا طلبت إحصائيات من عدة جهات ستجدها متضاربة ،و كذلك طرحنا فكرة (إنشاء قاعدة بيانات دقيقة للأطفال المصابين بالتوحد)، من المهم جداً رسم خارطة طريق تتضمن ( عدد المراكز الموجودة ، و تحديد نوعيتها إذا كانت خاصة أو عامة ، و عدد الأخصائيين ، البرامج ، والمقاييس) حتى تقدم معلومات دقيقة ، لأنه دون معلومات دقيقة لا يمكننا العمل بشكل جيد . 14
بلدية لا يوجد بها مركز واحد متخصص للتوحد
و أكد ” لم نجد خلال بحثنا مركز متخصص للأطفال متعددي الإعاقة في الجنوب بالكامل بدءًا من منطقة الشويرف إلى مدينة غات (14 بلدية ) ، على الرغم من وجود قرار بإنشاء مركز للأطفال متعددي الإعاقة ، يتبع التضامن، وسنعمل كمنظمات مجتمع مدني على تنفيذ هذا القرار .
و أردف ” كما أننا طرحنا خلال الحفل وضع البرامج المجتمعية المشتركة والتدريب والتوعية و التدخل المبكر ، وهذا الأمر سنعمل على تنفيذه في الفترة القريبة القادمة وهو يحتاج إلى توعية أولياء الأمور و تثقيفهم للتدخل المبكر في العلاج و التعامل مع الأطفال.
الأطفال ذوو الإعاقة موهوبون جداً
أشار : إلى أنه ” ومن خلال عملنا على هذه الفئة لاحظنا أنهم موهوبون جدا ، و لديهم اهتمامات بالرسم و حفظ القرآن الكريم ، والموسيقا ، فيحتاجون إلى الاهتمام بهم و صقل مواهبهم من خلال برامج ترفيهية و أنشطة تدريبية . (covid 19)
كورونا تسببت بتأزم الحالات
تابع ” بعد انتشار فيروس كورونا (covid 19) أغلقت المراكز و توقفت الأنشطة ، فزاد العبء على الأطفال و أهاليهم، فلهذا اقترحنا أن يتم تأسيس نوادٍ للأطفال حتى يتم تفريغ شحناتهم و التخفيف عليهم .
تأسيس بيت للمجتمع المدني.
ونوه ” طرحنا على مفوضية المجتمع المدني تخصيص (بيت المجتمع المدني) و هو عبارة عن مقر لأي مؤسسة ترغب في تنفيذ أي نشاط ولا تملك مقرا يمكنها أن تقيمه فيه ، لأن الإشكالية الكبيرة التي تواجه معظم المؤسسات والجمعيات والمنظمات هي مقراتها و هيكلها التنظيمي و التمويل ، فإذا كانت الدولة ليس لديها اهتمام بهذا الموضوع ، فإنه و بالرغم من المحاذير الكثيرة لا يبقى على المنظمات سوى الاتجاه إلى المنظمات الدولية لحل تلك الإشكاليات.
وأوضح ” ليس من الضروري تمويل هذا البيت من ميزانية الدولة ، لأن هناك ما يعرف بالمسؤولية المجتمعية (المسؤولية العامة) ونحن كجمعية ذكرى اقترحنا بأن مقرنا هو نواة لهذا البيت ، فيمكن لأي جهة ترغب بتنظيم أي نشاط أن تقيمه بالمقر.
كيف أثرت الحملات التوعوية على مستوى وعي الأسر في التعامل مع هذه الفئة؟
أجاب” إلى حد ما هناك نسبة وعي جيدة ، و لكن لأن الجمعيات كانت تعمل لفترات معينة و من ثم و بسبب قلة الإمكانيات تتوقف عن العمل فهذا التوقف يحدث إحباطا للأسرة ، خاصة في فترات الحروب و من ثم تفشي فيروس كورونا.
فبمجرد خوضنا لخطوات كبيرة نتوقف فجأة ، وهذا التوقف يؤخرنا و يرجعنا للخطوة الأولى ، مما يعني أننا لم نصل بعد لمستوى الوعي المطلوب .
وذكر ” كثير من الأسر لديها وعي بوجود إشكالية يجب البحث عن حلول لها ، و لكنها لا تعي الطريقة الصحيحة لحلها ، فالبعض يخرجون الأطفال و يعملون على علاجهم ، و البعض الآخر يقوم بحبسهم و عزلهم عن المجتمع مما يزيد من حدة وضعهم .
وأفاد ” الأسر تحتاج إلى التذكير ، و التوعية بشكل صحيح ، حتى نصل إلى الوعي المطلوب في التعامل مع هؤلاء الأطفال ، ومن خلال تعاملنا المباشر مع الأسر فإن العديد منهم متعاونون و متجاوبون جدا.
في اعتقادك لماذا لم يتم حتى الآن إجراء دراسة حول أسباب ارتفاع الإصابات بالتوحد؟
أكد ” لا توجد حتى الآن دراسة دقيقة حول الأسباب الكامنة وراء ارتفاع أعداد الأطفال المصابين بالتوحد ، لكن لأن زيادة الوعي بالمشكلة يظهرها للسطح ، لأنه إذا كنا لا نعي المشكلة فإننا لا نلاحظها أساسا ، وهذا يرجع إلى اهتمام بعض المؤسسات بهذا المرض و العمل على طرحه و الرفع من الوعي المجتمعي حوله .
وأضاف : ” إن موضوع التوحد كبير جدا ، و لهذا شكلنا فريق عمل (فريق العمل الأهلي للتوعية و التدريب) وذلك بالتعاون بين (جمعية ذكرى ، وجمعية طيور السلام بمدينة الزاوية ، و جمعية أطفال التوحد بالجنوب) مهمتنا العمل على التوعية والتدريب.
مقترح لإنشاء مجمع للرعاية الشاملة بغات.
وتابع ” عملنا في مدينة غات في العام 2018 ، و قمنا بحصر الأطفال ذوي الإعاقة ، وكذلك قمنا بإطلاق حملات توعوية ، استهدفنا حتى خيم المآتم و الأفراح ، و ركزنا كثيرا على عدم حبس المصابين في المنازل و عزلهم عن المجتمع لأن ذلك سيزيد الأمر سوءًا ، وأيضا تحدثنا في حلقات توعوية بالمساجد ، وأجرينا تقريراً في نهاية الحملة ، و طالبنا بإنشاء مجمع للرعاية الشاملة (الصم و التوحد و القدرات الذهنية).
وأعرب ” هذه المبادرة كانت مكسبا لنا ، ودفعتنا لإطلاق حملات أخرى ، حيث استهدفنا مدينة ترهونة في العام 2020 ، و أيضا طالت الحملة مدينة مصراتة في العام ذاته ، وأيضا استهدفنا في العام 2021 مدينة تيجي. المواطنون لديهم الرغبة في تلقي التوعية ، و لكن الأمر يحتاج إلى جهود و إمكانيات فالأمر ليس سهلاً كما كنا نتوقع.
هل تستوعب المراكز المخصصة للأطفال ذوي الإعاقة الموجودة حاليا بالجنوب أعداد الطلبة ؟
نفى ” المراكز لا تستوعب أعداد الطلبة المتواجدين بها ، فعلى سبيل المثال في العام 2018 كان عدد الأطفال المتواجدين في مركز فزان للتوعية 36 طالبا ، وهناك عدد مضاعف في الانتظار ، فالفصل يستوعب 5 طلبة فقط و 3 أخصائيين ، فإذا كان لدينا 100 طالب فإننا نحتاج إلى ما يقارب 20 فصلا ، و حسب إحصائية في العام 2018 فإن عدد الأطفال ذوي الإعاقة وصل إلى 1000 حالة ، فالمراكز لا تكفي.
و بيّن ” كل المناطق التي زرناها خلال حملاتنا تحتاج إلى مراكز لأن أعداد الإصابات في ازدياد وبالتالي من الضروري ازدياد عدد المراكز حتى تستوعب جميع الحالات ، و تحدثنا مع إدارة التضامن في العام 2018 حول ذات الأمر، ووافقوا على إنشاء المركز في مدينة غات، والآن هناك موافقة من السيد رمضان أبوجناح بتأسيس مركزين (ببلدية البوانيس ، وبلدية براك الشاطئ) وهذه تعتبر خطوة جيدة ، ولكنهم سيحتاجون إلى فريق إحصائي يعمل على أرض الواقع و إجراء مسح ، و هذا عمل كبير يحتاج تكاثف الجهود بين مؤسسات الدولة و مؤسسات المجتمع المدني و الأخصائيين الاجتماعيين و النفسيين ، فمن المهم جدا العمل على توطين فكرة الشراكة و التعاون بين هذه الجهات .
هل هناك معايير معينة يتم على ضوئها اختيار العاملين في مراكز الأطفال ذوي الإعاقة؟
أظهر ” من المفترض أن يكون العاملون في هذا المجال خريجي علم النفس و الاجتماع ، و كذلك التمريض ، و أيضا بعض التخصصات القريبة منها ، و لكن واجهتنا مؤخرا في ليبيا إشكالية كبيرة وهي أنه كانت لدينا معاهد متوسطة للخدمة الاجتماعية التي تكون لصيقة بالأشخاص ذوي الإعاقة خاصة الإعاقات المتواجدة في بيوتها أو مراكز لتطبيق الجانب العملي ، وبعد أن تم إلغاء هذه المعاهد ، أصبح الخريجون من تلك التخصصات لا يقومون بالتطبيق العملي بل يتوقف الأمر على الدراسة النظرية فقط ، ولهذ فإنهم يحتاجون إلى التدريب بشكل مستمر ، لأن العلم في هذا المجال في تحديث بشكل مستمر .
فتح باب التسجيل لبعض الحالات الصعبة
أضاف ” في جمعية ذكرى لم نعمل بشكل مباشر مع حالات صعبة أو مستعصية حتى الآن ، ولكننا نعمل على فتح باب التسجيل للحالات الصعبة مثل الشلل الدماغي ، و ضمور العضلات و تعدد الإعاقات ، ففي هذه المجالات نحتاج التأهيل أكثر من التعليم ، فلهذا حتى نهاية العام 2021 سنعمل على تسجيل الحالات ، و إعادة تنظيم الجمعية للعمل على هذه الفئات .
وسنعمل خلال الأشهر القادمة على التنظيم القانوني (تحديث الإشهار) ، و تسجيل الأطفال و معرفة احتياجاتهم ، وكذلك سنعمل على إطلاق حملة إعلامية عبر الإذاعات المحلية للتسجيل ، وسنعمل على تنفيذ خططنا للعام الجديد 2022.
ما هي العراقيل و المشكلات التي واجهتكم خلال عملكم في هذا المجال؟ أوضح ” التمويل و الدعم هما أكبر العراقيل ، خاصة تمويل المشاريع ، فإننا ندفع من جيوبنا ، و بعض المشاريع و الحملات تحتاج إلى دعم كبير ، ففي البداية كانت لدينا بعض الحالات ، أوضاعها المادية صعبة جدا لدرجة أننا لا نستطيع أن نطلب منهم دفع رسوم الاشتراك ، فالجمعية قائمة على اشتراكات الأعضاء و الهبات التي تتحصل عليها من الدولة أو من خلال تعاونها مع المؤسسات الدولية ، و لكن هذه الأمور حدثت بها خلخلة ، فالبحث عن جهات داعمة أو ممولة أمر صعب للغاية.
ختم ” كل الشكر لصحيفة فسانيا على هذا اللقاء ، و أود التقدم بجزيل الشكر للمدير التنفيذي للجمعية الذي كل العمل يقع على عاتقه أعانه الله وسدد خطاه.