- الاديبة شريفة السيد
__________________

شاعرة تكتب من أنين الروح
تغزل من الحروف جدائل عشق أصلها ثابت في قلبها وفروعها ممتدة إلى السماء….،
ثم هاهي تفك جدائلها المرمرية، المروية بأنفاسها الخاصة وتصبها في كؤوس الحب، وتهديها للمتعبين العطشى لماء الحياة، السائرين على درب الهوى،
لكأنها عرفت أنهم في احتياج شديد لهذه النفحات، لمائها وحليبها، لكي تخرجهم من فوهة الضيق إلى أوسع طريق، برحابة قصيدتها وباختيارها الدقيق للمفردات، وصياغتها الفذة للجمل بعد أن تعجنها بدقيق المعنى المختلف وحليب شفافيتها الذي دفأته على دخان قلبها المحترق..
إنها امرأة من حليب ودخان ، ، ،
تعرف كيف تتذوق الكلمات قبل أن تلفها بحرير يديها، وتزيل من على كاهلها تجاعيد الزمن، فتتحول المفردات بين أصابعها إلى صبية في ريعان الشباب، وتتحول المعاني في محبرة مشاعرها إلى عالم مثالي نادر الوجود، مساءه نسمات من جنات الله، وصباحه شمس مشرقة على مساحات الدفتر، فتجعلك حائرا بين الصوفية والواقعية والدهشة، والإفراط في عسل الكلام وبلاغة الأسلوب.
هي امرأة تعطر الحرف بعطور من عالمها هذا، وتضيء جنبات النص بشمعةٍ زيتُها من وريد القلب، تأخذك إلى فضاءات مختلفة، قد تتوقف معها عند غموض خاطف، لكنك تستمتع حين تحاول فك الشفرة.
خيرية صابر من شعراء التسعينيات، الذين جاهدوا من أجل تحقيق الذات، وقد كان،
لقد حافظت على بصمتها الخاصة، وأسلوبها المميز، ولم تنجرف نحو تقاليع أدبية تخرجها من هذا الصفاء والنقاء والبياض الذي يملؤها من أعلى ناصيتها إلى أخمص القدمين.
إنها تكتب في صمت العاشق للكلمة، وتتعبد في محراب القصيد وحدها بعيدا عن الصخب والمغامرات والتناحر، وتعيش مع الشعر حالة وجد مستمرة، مؤمنة بأن الشعراء الحقيقيين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون….. !!
إنسانة إلى أبعد الحدود، حين تعاشرها راقية إلى أبعد الحدود حين تعاملها، فنانة إلى أبعد الحدود حين تقرأ لها :
……

غياب
ها أنت ممتلئ بها
ها أنت فجر باحث
عن ليلة لتضيئها
ضوء هزيل
يقتفى أثر المساء
لكنما الشمس الجديدة
لا تغيب
دلفت توسد زندها
رأس المدى
عكفت لتعطي عطرها
نهرا تغيض مياهه
فيشب يقفز نحوها
كسر كئوس النار
بالروح الألق
ولسأل يديك عن الغياب / عن الوطن
مدن تيمم وجهها بترابها
ومضت تسائلها الخطى
أنسوخ دوما للهزيمة والوجع
بلد توضأ من ضياك
كأنما سُلب الجفون فلم ينم
قد صار يلهو بالأرق
فانشر ضلوعك كلها
رتّق ضميرك قبلما يرديه سوس او عفن
عيناك ترتجفان
فى وجه الحقيقة
هل ترى
نزق القلوب
وقد تمطت فى الكرى
وجع المدائن
قد تيبس فى المدى
عشق الجهات لزهرة
تخطو بومض فى الظلام
شمس تعشق كفها ضلع الحدود
قدس المدائن كلها
فى عرس يوم للخلود.
…
تقول أيضا في نص بعنوان تاريخ عشق :
…..
أعلق ذاتي الحيري
بذيل الشمس
أذوب الان في الضوء
وتنثرني شموس الوقت
تنشرني مدي الأكوان
أصير قريبة جدا
فأسمع قشرة الأزمان تنشق
فتنبلج الأماكن لي
تعال أيا غريق الحق
باعد بين اصبعك وعينيك
تري عجبا
تصير الذرة البكماء
نافذة تطل بها
تري التاريخ معقودا
علي قدميه
….
وكانت وردة مائية
اذ تتكي
فوق الظلام
تري تدري
بعين الله ترعاها
فتنمو نبتة من نور
تضيء لأمّه بصري
بارض الشام
نكرم اليوم الشاعرة خيرية صابر / مصر ؛ لأنها شاعرة قوية لم تأخذ حقها من التكريم كما يجب.؟. ثم بمناسبة صدور ديوانها الجديد ( كويكب قلبي)..
وأعتقد أن هذا جزء من مسؤولية ودور الإعلام العربي في حفظ ماء الوجه للمتميزين المدهشين من أبناء المشهد الثقافي في الوطن العربي.