رصاصة غيّرت مسار حياتي ” حكاية تحول من أسيرِ كرسي متحرك إلى فني ميكانيكا”

رصاصة غيّرت مسار حياتي ” حكاية تحول من أسيرِ كرسي متحرك إلى فني ميكانيكا”

تقرير : زهاية عبدالسلام : تصوير عمر بن خيلب

 لم يكن  الشاب إسماعيل يدرك بأن يومه العادي  سيتحول للحظة فارقة  في حياته ، أصيب بعيار ناري  جراء حرب شهدتها مدينته في العام 2014 ، و تلك الرصاصة لم تخترق جسده فحسب بل غيرت مسار حياته بأكمله ، تاركة إياه على كرسي  متحرك  ، حكاية إسماعيل  قصة مليئة بالألم  و لكنها تحمل في طياتها دروسا عن الأمل  و الصمود في وجه  أصعب الظروف . 

يقول ” إسماعيل شلوف ” شاب من مدينة سبها من مواليد 1992 ” تعرضت للإصابة بعيار ناري أثناء الحرب التي شهدتها المدينة في العام 2014 و دخلت  الرصاصة منطقة الصدر وتسببت بكسر في الفقرة الرابعة والخامسة كما تسببت في ضرر في النخاع الشوكي.

ويضيف ” شلوف ” بعد الإصابة تم نقلي لتلقي العلاج بمدينة طرابلس و بعد عشرة أيام من العلاج و بسبب وضعي الصعب تم إرسالي للعلاج باليونان و بقيت هناك 9 أشهر و تم إخراج الرصاصة ولكن أخبرني الأطباء حينها  بأنني أصبت بإعاقة حركية نصفية ، و الجزء المؤلم من الأمر أنهم لا يعالجون مثل هذه الإعاقات ، و اقترحوا أن أتوجه إلى دولتي ” ألمانيا أو تشيكيا ” و طيلة فترة بقائي هناك كان العلاج طبيعيا فقط.

وأوضح ” قررت العودة إلى ليبيا ، وعند وصولي تفاجأت بأنني خسرت وظيفتي التي كنت أعمل بها كفنيّ ميكانيكا و بالتالي نتج عنه إيقاف راتبي ، و كنت أعيل أسرتي و نعيش بمنزل مستأجر ، بدأت أفكر كيف يمكنني أن أتدبر كل هذه الأمور و أنا أسيرٌ لهذا الكرسي.

حادثة واحدة فقط يمكن أن تغير تفاصيل حياتك و تغير مجرى أيامك و أهدافك ، حادثة واحدة كفيلة بأن تجعلك شخصا غير الذي اعتدت أن تكون عليه و تكتشف مكامن قوتك و ضعفك .

أردف ” قررت أخيرا أن أعود للعمل مجددا بورشة فني ميكانيكا و كان ذلك بعد ثلاث سنوات من الحادثة ، بالفعل بدأت العمل في إحدى الورش لفترة من الزمن حتى استطعت أن افتتح ورشة خاصة بي في منطقة الشاطئ بعد أن تيسر الحال ، بقيت هناك لمدة عامين ، و انتقلت إلى مدينة بنغازي، و استقررت هناك لمدة 3 سنوات ، لأعود مجددا إلى مدينة سبها و أستقر بها.

و أفاد ” قررت أن أتزوج و بالفعل بدأت بعرض الزواج مرة و مرتين و رفضت خلالها ، و لكني لم أستسلم و  بعد فترة و الحمد لله وفقني الله لعائلة محترمة و تزوجت من ابنتهم و أعيش حياة هانئة و مستقرة  معها حتى اليوم.

و ذكر” تعرضت في هذا العام 2024 لإصابة أثناء العمل أدت إلى إيقافي عن العمل لمدة ثلاثة أشهر ، مما اضطرّني بعدها للعمل تاكسي “سائق سيارة أجرة ” و ساءت أوضاعي المادية جدا حتى أنني عجزت عن دفع ثمن الإيجار .

يؤكد ” شلوف ” لا يوجد شيء صعب أو مستحيل مع العزم و الإرادة والمعنويات ولكن واجهتني بعض العراقيل المادية كوني مستأجر بمكان الورشة بـــ 750 دينارا ،  و أيضا من أكثر الأمور التي واجهتني هي عدم تجهيز العمارات السكنية لتناسب الأشخاص ذوي الإعاقة ، فالمباني لا توجد بها مصاعد كهربائية ، و لهذا اضطررت للسكن في منزل أرضي .

و يوضح ”  لك أن تتخيل أن قيمة استئجار منزل أرضي تصل إلى 500 دينار و مرتبي يصل إلى 650 دينارا، و أحاول الموازنة في مصاريفي اليومية و إعالة أسرتي بما يتبقى من الراتب.

و يشير إلى أنه ” بشكل عام لا تهتم الدولة بالأشخاص ذوي الإعاقة و لا بحل مشكلاتهم ، و توفير أبسط احتياجاتنا ، و قد تكون مؤسسات المجتمع المدني أكثر اهتماما بنا فقد قامت جمعية الأصدقاء للأشخاص ذوي الإعاقة منذ أسبوعين من المقابلة بتوفير كرسي متحرك لي حتى تساعدني على الحركة ، بالإضافة إلى أنني أتذكر أني تحصلت على تموين غذائي مرتين فقط من الهلال الأحمر ومن سنة 2014 إلى 2024 .

نوه ” من وجهة نظر أعتقد أن جمعية الأصدقاء تعمل حد جهدها لإيصال صوت هذه الفئة إلى الجهات المسؤولة ، وذلك لأنهم من نفس الفئة وبعض الأشخاص معنا في الجمعية، قد يكون ابنه أو جاره أو أخوه من الأشخاص ذوي الإعاقة فلهذا يشعر بمعاناتنا أكثر من أي شخص آخر.

وذكر ” في الأيام الماضية تواصلت معي أكثر من قناة ، في محاولة منهم لنقل قصتي و معاناة هذه الفئة و إيصال صوتنا للجهات المسؤولة ، فلهم كل الشكر على ما قاموا به ، بالإضافة إلى أني أتقدم بجزيل الشكر لكل من ساعدني لتوفير النواقص في الورشة ، وكل ذلك كان من  المواطنين.

و أردف ” المسؤولون لم يقدموا لنا أي نوع من الدعم ، و الكثير منهم الخطأ ليس منهم و لكن من الفئة المحاطة به حيث لا ينقلون الصورة الصحيحة و الحقيقية لأوضاعنا ، على الرغم من أنه منذ 3 سنوات وحتى الآن أجريت عدة لقاءات مع إعلاميين و صحفيين و كنا نتحدث عن كل الصعوبات و العراقيل و لكن حتى الآن لم نشهد لهم أي دور في تغيير هذه الأوضاع.

و يضيف ” يزورني عديد المواطنين ، بعد اللقاءات  التي أجريها و يقولون بأنهم شاهدوا اللقاء أو سمعوه ، و أنهم مستعدون للمساعدة ، و قد يقترح البعض أن أقوم بتصليح سيارته ، و الآخر بأن أكشف عليها ، و قد يأتون من مدن مختلفة ” من الشاطئ  أو طرابلس ، فكيف لا يصل الصوت للمسؤول بينما يصل بكل سهولة للمواطن البسيط ؟.

وطالب ” شلوف من نائب رئيس مجلس الوزراء بالحكومة الليبية المهندس سالم الزادمة والجهات المختصة والمسؤولين بتجهيز مركز متكامل ومجهز بكل الإمكانيات “من المتدربين و الدورات التدريبية في الجانب العلمي والنظري وتشمل الدورات للأشخاص  ذوي الإعاقة ، وأيضا أقسام خاصة بالرياضة و أخرى بالفنون لاختلاف مواهب هذه الفئة و احتوائها.

كما أردف “أتمنى النظر في موضوع تجهيز المباني بمصاعد كهربائية ومداخل خاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة ، كما نطالب بتجهيز مكان خاص بنا في كل الجهات والمرافق العامة مثل المستشفى والمسجد والمصرف وشركة الاتصالات لتسهيل الخدمات لهذه الفئة ، لأني قد اضطر لاصطحاب شخص آخر معي لاستكمال إجراءات أو أي خدمة من الجهات الحكومية فلو كان هناك موظف من الأشخاص ذوي الإعاقة فكان الأمر أكثر سلاسة و أكثر سهولة لإجراء أي معاملة.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :