قراءة : ريما زكي
انتهيت الآن من قراءة الرواية التي أثارت الجدل مؤخرا وهي خبز على طاولة الخال ميلاد.
روايةٌ تحكي قصة شاب لايغار… هو بِلغة المجتمع الخال ميلاد وهذا مادفعني للتساؤل هل الرواية سبقت المثل أم أن المثل سبق الرواية…
رواية رغم تناسق أحداثها البديع والصور الجمالية المطروحة فيها للحياة بين طرابلس وتونس إلا أنني كقارئ لرواية ليبية اعتبرتها إهانة لكل قارئ كان ينتظر أدبا يرتقي بالروح وبالذائقة اللغوية والمعرفية والوجدانية.
تحتوي الرواية على ألفاظ نابية جدا لم أقرأها في روايات كتاب وأدباء مبدعين قديما وحديثا…
وجود الألفاظ في اللغة السوقية الدارجة بين الذكور لا يعني طرحها في كتاب، وإن كنت تدعي بأن هذا الواقع فلا يتصف بالنفاق الاجتماعي- من يرفض طرح الأدب لمصطلحات فجة نابية خارجة عن الحياء بدافع الفن–
الفن من وجهة نظري هو طرح أعمق مافينا ونقل صورة أسوأ مافينا باللغة التي ترتقي بمتابعيه.
الزنا موجود ولا يعني هذا أن نرى مشهدا واحدا للزنا صراحة على شاشات التلفاز أو الهاتف.
السباب والألفاظ النابية موجودة ولا يستطيع- أكبر شنب- بين الأدباء أن يمازح والده بلفظٍ خارج بدافع أنه موجود ولا أن يتحدث بتلك اللغة أمام أخته أو أمه.
نبذنا لشخصية الخال ميلاد أو شعورنا بدوافعه وتعاطفنا مع بعض أفكاره في الرواية لا يعني بالضرورة أننا لن نحاكم الكاتب فيما طرحه أمامنا من ألفاظ.
حاولت تخيل الرواية بدون كل تلك الصدمات التي لم أتوقعها لفظا وكتابة فيها، فكانت لوحة فنية بديعة عن طرابلس ولم أستطع تقديم العذر لمن مرر إلينا تلك الحماقة أو الجرأة الغير مبررة وتجاوزه في حق أي قارئ يسعى لأن ينقي حسه الأدبي أو الفني أو المعرفي بقراءة ما يكتبه.
قرأت سابقا لسعود السنعوسي وليوسف زيدان وقد فازا مسبقا بجائزة البوكر لايليف شافاك لنجيب محفوظ ولم أجد فظاظة في اللفظ مهما كانت خلاعة الموقف الذي يصفونه مثلما رأيت مع رواية الخال ميلاد.
تكمن براعة الكاتب في جعل المجاز واقعا متخيلا لا في الاسفاف بالأدب بين دفتي المحادثات السوقية.
هذا رأيي وحزنت حقا لأن فرحتي بنيل الكاتب الشاب لجائزة البوكر توصف حقيقة ومن أعماقي بأنها.. فرحة وماتمت.
ربي يهديك يا نعاس فجعتنا وعلى قولة بورقبة الله يفجع درايزك..