بقلم :: هاجر الطيار
لم يكن يومي هذا استثائي لأني زرت معرض طرابلس الدولي لأول مرة فحسب ؛ بل لأن رفيقي كان هو أيضا استثنائي و فوق العادة ، ابني عبد الرحمن هذا الفتى اليافع ابن السادسة عشرة ربيعا صاحب الهيئة التي تشي بمشروع رجل ذو شأن الرزين ذا الهيبة الجميلة و الطول الفارع والطباع الهادئة والحرص على أناقة الهندام ورقي التعامل … المبرمج على (الصامت).
فاجأني عبود اليوم وعلى غير العادة أنه يخرج عن صمته و ينهمر بوحا لاخيه معربا عن شدة إعجابه و فخره بشخصتي و بإنجازاتي ساردا له قصصا ورويات تظهر الفرق ما بين أمه و أمهات رفاقه في المدرسة .
فاجأني عبودي نسمة البيت بجمل غير متوقعة حين قال ( أنا احمد الله أن أمي هي أمي هذه وادعوا وأتمنى لأولادي اما متفهمة مثلها ) .
أصابتني الدهشة فنحن في البيت نوشك أن ننسى أن لعبد الرحمن صوت ، فكيف يدلي بهذه الشهادة وأنا ام لا أشبه الأمهات ؟! أنا لست مفرطة في المشاعر والدلال ! و لا اتقن صناعة الكعك ، ولا أحتفل بأعياد الميلاد ، ام توزع على اولادها الذكور الأدوار في أعمال البيت ، و تنهر أحدهم إذا ما تعثر ( أنت زلمه عيب عليك انهض ) ، بل إذا تشاجروا مع غيرهم تنصف من تراه صاحب حق حتى لو تيقنت أنها ضد ابنها .
كنت أراني بهذا أم سيئة لست على مقاسهم ، واتسائل بما سيحدثون أبناءهم عني إذا ما صاروا آباء ؟! .
نعم أنا لهم أم مواقف لا أم عواطف ، أنشغل ببناء عقولهم قبل أن تشغلني بطونهم ، اهتم بأن أرثي ما تفتق من أخلاق قبل أن أرقع ما تمزق من ثيابهم .
انا صديقتهم وأختهم و كل نساء الكون لهم في ظل غياب الجدة والخالة والعمة والأخت .
شكرا بني الآن أدركت حاجتنا لعيون غيرنا كي نرى أنفسنا ولا نبخسها حقها ونعرف أن تجارتنا رابحة .
وأن بيعنا لأوجعنا ممكن وأن جملة إنصاف في حقنا كفيلة بأن تمحو وجع سنين العمر .