فسانيا : منى توكا
عقدت صحيفة فسانيا وبالتعاون مع منظمة صدى فسانيا جلسة ثقافية تحت شعار (الرياضة تنمية) وبعنوان:(مقاربات فكرية في رؤى محمد بالرأس علي) ألقاها عضو هيئة التدريس بجامعة سبها والمهتم بالشأن الرياضي والثقافي الدكتور (مصباح الغناي).
الجلسة التي حضرها عدد من المثقفين والإعلاميين والمهتمين بالجانب الرياضي كانت محاورها ( السيرة والمسار – الموهبة والخصال- فكره الرياضي – التألق – الصدى – المدى – الروعة – المنجزات والمبتكرات – عدم اكتمال المشروع – ماذا يبقى من محمد بالرأس علي؟)
جلسة تدريبية حول الإعلامي الرياضي الراحل محمد بالرأس علي.
ويقول الدكتور مصباح الغناي إن الراحل عاش حياته العامرة وهو يعتقد بأن الغد لابد وأن يكون أفضل مما مضى وقيل بأن ليبيا المعاصرة لم تستفد من عقولها! بل أنها وقعت في مخاصمتهم لذلك وجب علينا الاستفادة من بالرأس علي.
موضحاً أنه أحد أهرامات ليبيا المعاصرة التي فرضت ذاتها مبدعا في مجاله الإعلام الرياضي وفي الإعلام عموما حيث كان موهوباً وتميز نسقه بالمغايرة، وكان إبداعه متفوقاً عما سواه.
ويتابع أنه لم يكن وحيدا في هذا المجال فقد سبقه رواد وأوائل ولطالما كان شديد الثناء على من سبقوه وكان وفيًا لمن أمسك بيديه، فكان يذكر بوفاء قل نظيره: أحمد الرويعي ومحمد الورفلي ويونس سويري ويونس نجم وفيصل فخري وعلي يحيى المنصوري وعبدالهادي الفيتوري وحسن الشيغيوي وعبد الرحمن أبورقيبة ومنصور صبرة وسواهم من القامات في مجال الإعلام الرياضي، ولم يجد حرجاً في أن يجزل الثناء على من لحق به من أفواج الإعلاميين والإعلاميات أيضاً، حيث كان واثقا يقينا يفيض بالمحبة ويتناثر من ظله الرونق والطيب الفواح.
ويرى الغناي أن أي محاولة لفهم كاتب ما لابد أن تتأسس على جرد كامل لآثاره ووضعها تحت مكبر الفحص، ومن ثم تحليل نصوصه وأقواله على نحو مسدد وتركيب آرائه وأفكاره بشكل تتوضح فيه القيم المخصوصة التي قدمها وأفضى إليها؛ وبالتالي الكشف عما يكتنزه في تلك المنجزات من الآثار.
مشيراً إلى أن بالرأس علي، ليس استثناء من هذه المقاربات، فهو كاتب جمع في منجزه بين معارف وفنون عديدة، مضيفاً أنه يرى أن بالرأس علي قبل أن يكون إعلاميا رياضيا فهو مثقف صاحب رؤية ورسالة تنموية وهو صاحب مشروع فقط لو تسنى له الوقت وأتيحت له الإمكانيات.
ويحدثنا الغناي أن من بين أهم آراء الراحل العامة في تطوير الرياضة الليبية رأيه في إيجاد خطة استراتيجية رياضية للقطر الليبي و في تحقيق الثقافة الرياضية داخل الفرد والمجتمع ورؤيته للأندية المحلية بالمناطق النائية و للأندية الوطنية الفعالة و رؤيته لإنشاء مراكز للمنتخبات و للبناء الرياضي وترسيخ الروح الرياضية و ضرورة مجابهة أمراض العصر بالتحفيز الرياضي و مكافحة التعصب بالأنشطة الاجتماعية للأندية كذلك مكافحة الجهل وعدم الوعي بالفعاليات الثقافية.
ويضيف الغناي “والحق أن أقوال الراحل عديدة، ومنها قوله في محاضرة ألقاها بجمعية درنة 2011. «لقد تجوّلت بين ملاعب كرة القدم في العالم، وتأكّد لي أن أهم ملعب هو الملعب الثقافي” .
قد يظن البعض أن لا علاقة بين الثقافة وكرة القدم، وأن لا سبيل لالتقائهما. ولكن لا سبيل لتطوير الأداء الرياضي والارتقاء به إلا بتطوير الأداء الثقافي والارتقاء به هو الآخر، فقد يتحول الأداء الرياضي إلى كابوس ما لم يكن هناك عمل ثقافي يحتويه».
*مصارع مسالم في كل مضمار وملعب!
ويقول الغناي تعددت مظاهر حضور بالرأس علي المميز فقد كان الراحل العزيز متعدد المواهب، فهو الكاتب و الإذاعيّ، وهو الإداري و المستشار صاحب الأفكار ولربما يصح القول بأنه مارس كافة أنماط النشاط الإعلامي وبكل جدارة؛ فقد كان المذيع، والمعلق، والمنشط، والمحلل، ومارس فعاليات الكتابة بأنواعه الأدبية والصحفية، فضلاً عن كونه تبوأ مهاما إدارية وتيسيرية في الأوعية الإعلامية التي اشتغل فيها.
ويصح القول أيضاً بأنه بفضل المواهب الجليلة التي وهبها الله له كان موفق المسار، بل إنه برهن على علو كعبه في تلك المهام والأعباء التي أنيط بها.
*وتميز عمله إجمالا، بالجودة والجدة معا!
ويرى الغناي أنه بفضل قدرات بالرأس علي المتفردة، من: قبول، ولجاذبيته المغناطسية، ولروحه الرياضية ، ولسعته وجديته في الاستقصاء والبحث دون كلل أو ملل ، ولغزارة معلوماته، ولترتيبه لأفكاره، واعتنائه بالانتظام والتكوين المنطقي، وكذلك لجمعه بين معقول العامية وملائم الفصحى حيث شكل منهما معا لغة مخصوصة هي لغته هو ونظرا لطريقته المميزة التي تقوم على أسلوب متفرد هو: محمد بالرأس علي.
ويضيف “قبل وجود الأجهزة التقنية وانبثاق الأطروحات والمواقع والبرامج، كان لصنيع عقله ولصدى أفكاره ولمدى قدراته بالغ الأثر وسابق الأقدمية.
ويرى الغناي أن من هذه الناحية كان سابقا للكل فقد كان موسوعة تمشي بقدمين،
ويقول إن فكرته، رؤاه، مقالاته، تداخلاته؛ كلها تفتح على أهمية تحقق الرياضة عامة توازنا مجتمعيا بعيدا عن لغو المزيدات، وفي عمق لغة المنطق! بل إنها تسكن حثيثا في يقين الجميع! فالرياضة عنده للجميع وبالجميع وبالتالي فهي أساسية مثلها مثل بقية الفعاليات الأساسية الأخرى. موضحاً أن الرياضة في إدراك بالرأس علي ليست محض حركات أو منافسات محدودة! بل أوسع من ذلك حيث إنها ثقافة! وبفضلها متى ما كانت مؤسسة على أسس قويمة أن تحقق مستويات مرتفعة من الوعي، فهي تعزز الأجساد وتعمق الوصل الروحي فضلا عن كونها تحشيد للمدرك الذهني.
ويقول بالرأس علي إن سبب اختيار هذا الموضوع يكمن في أن صحيفة فسانيا لها خط تحريري يُعنى بالشخصيات والمدارس وكنوز الوطن الليبي وبالرأس علي يندرج من ضمن هذه الاهتمامات، و تواصل الصحيفة والقائمون عليها على أن ينظموا محاضرات وجلسات ثقافية وورش تساهم في رفع الوعي، و تم اختيار العنوان الأساسي الرياضة تنمية لمواءمة خط تحرير الصحيفة وأن يكون بمقدور المحاضر أن يتناول الموضوع بشكل أوسع والعنوان الفرعي مقاربات فكرية في رؤى محمد بالرأس علي.
و يواصل قائلا أهمية بالرأس علي بالنسبة لي وللمهتمين بالرياضة تكمن في أنه حقق نقلات كبيرة في مجال الإعلام الرياضي وكان له تأثير عميق في الحياة العامة في ليبيا ويعرف الناس جميعا ما يكتنف هذا الموضوع من أهمية كبرى. موضحاً أن الخط التحريري الذي تعمل عليه فسانيا بقيادة الأستاذة سليمة بن نزهه هو خط صائب يدل على الرغبة في تحقيق تطور ثقافي يرفع من شأن المجتمع وهو خط المحاضرات والجلسات والورش وهو ما أراه دورا مناطا بفسانيا وشقيقاتها من الصحف الأخرى.
ويضيف هذا السبيل هو الذي يحقق الوعي والتوزان والصلة بين الناس وباقي المؤسسات ودون وضع خطط تعنى برفع الوعي وترسيخ القيم الثقافية لا يكون هناك دور حقيقي لوسائل الإعلام.