في ليبيا، السوق الموازي ينام وفي جيبه الدول

في ليبيا، السوق الموازي ينام وفي جيبه الدول

وائل أحمد – فسانيا.

كلما أعلن مصرف ليبيا المركزي عن إجراء لضبط النقد الأجنبي، قفز السوق الموازي قفزته التالية

المشهد بات أقرب إلى لعبة مطاردة غير متكافئة، طرف يملك المال والسلاح والأجهزة، والطرف الآخر يملك السوق والدهاء والشارع.

المركزي قرر أن يكشر عن أنيابه، معلنًا مشروعًا لضبط عمليات النقد الأجنبي، بدأ بترسيم خارطة جديدة لسوق الصرافة، ومضى بخطة لفتح 400 مكتب صرافة منها 130 افتُتحت بالفعل

لكن السؤال؛ من يبيع اليوم في سوق المشير الشهير بطرابلس بوصلة السوق الموازي في كل البلاد؟ ومن يتحكم في سعر الدولار الذي وصل عند 7.80؟ وأين هو تأثير مكاتب الصرافة المكاتب؟ أم القوة لازالت عند باعة الظل؟

المركزي ينبه لدور الحكومة المفقود.

في خطوة تحمل نبرة نفاد صبر، رمى المركزي الكرة في ملعب الداخلية، ووجّه مراسلة لوزيرها مطالبًا بملاحقة السوق الموازي

ولأول مرة، نشعر أن المركزي يقول بصوت عالٍ: أنا أقاتل لوحدي أين دوركم؟

من جهتها دخلت وزارة الاقتصاد على الخط، ذكّرت الجميع بأن المضاربة في سعر الدينار جريمة، وأن التداول خارج القنوات الرسمية ليس فقط مخالفة، بل خيانة اقتصادية، ثم وعدت بتفعيل الرقابة واقترحت حلولًا، منها إصلاح شامل، وليس مجرد حملة اعتقالات لصغار التجار في الحارات.

ولكن كما يقال: من ليبيا يأتي الجديد، فردّ المركزي لم يأتِ مرحباً لكنه جاء شبه متهكم ومتسائلاً حول تصريحات الاقتصاد التي قامت قبل أسابيع بضرب خطط السيطرة على السوق الموازي عبر تعليق قرار سابق يمنع الاستيراد خارج النظام المصرفي، كأنما المركزي يقول لها: أنتم أولى بالمحاسبة والالتزام بالقوانين قبل الآخرين!

وعلى إثر ذلك، تداركت الاقتصاد الموقف، وخاطبت الجمارك بتعليمات صارمة بمنع دخول السلع التي دُفعت بغير النظم المصرفية أو تحت الطاولة بمعنى أصح وهذا حديث المركزي الذي يكشف عن فساد في التوريد وعدم وجود ضوابط تضمن جودة المنتجات وتهريب للعملة الصعبة ومضاربة مجنونة بأموال الموردين تجري في الخفاء وتطيح بقيمة دينار ليبيا الذي يرزح تحت الضغط من سنوات وفقد أكثر من 80%من قيمته بعد أن كان صرف الدولار في 2011 بالسوق الرسمية يساوي 1.3 دينار واليوم هو يساوي 6.5 دينار، وفي السوق الموازي قصة أخرى فلو لو كنت تملك 1000 دينار في 2011 فإنها كانت تساوي 770 دولار

أما اليوم، نفس المبلغ لا يشتري لك سوى 128 دولار في السوق الموازي.

مليار دولار لضبط سوق الصرف!

وسط هذا كله، حاول المركزي أن يُظهر قدرته على التدخل عبر ضخ مليار دولار في المصارف، وفتح منظومة خاصة لصغار التجار، بحد أقصى 300 ألف دولار. ولتجنب “التسلل نحو السوق الموازي”، أطلق فكرة منتج جديد لتسجيل الموردين، مصدر البضائع، وكل شاردة وواردة تمر عبر النقد الأجنبي.

تساؤلات الشارع الاقتصادي

الواقع المصرفي والاقتصادي في ليبيا فرض عدة تساؤلات عند خبراء الاقتصاد حاولوا وضعها على طاولة صنع القرار ومنها هل هذه المواجهة بين المركزي والحكومة والسوق الموازي تعتبر “خطة إصلاح” حقيقية أم مجرد حملة تنظيمية موسمية؟ وهل يملك المركزي حقًا الأدوات لاحتواء السوق الموازي؟ وإن فعل، فهل السوق سيتوقف عند قرار، أم سيجد طريقًا جديدًا كعادته دائمًا؟

والجواب اليوم ماثل أمام العيان وبشموخ في المشهد، حيث يقف الدولار متبخترًا، لا يعترف بالمراسلات!

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :