بقلم :: عمر الطاهر
لا ادري كيف تم التعارف بيننا ، و لكن صديقي اسعد جمعتنا الأيام الخوالي في اوآخر التسعينيات في بلدتي البركت بمنطقتنا غات ، و كان يعمل مدرسا بالمعهد العالي بالبركت .
كان دائم الحديث عن هويته الكردية و التعريف بقضيته في ان يكون له حق تقرير المصير و استعمال لغته الأم في جميع مناحي الحياة ( دراسة ، سياسة إدارة ، تجارة ،،،،،،، الخ ) .
و حقه في تربية ابنائه وفقا لقيم و مبادئ مجتمعه الكردي كما جعله الله و ميزه إذ قال سبحانه (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) الحجرات ١٣ ) .
و ليس لأمة اخرى الحق في إنكار حقوقه تلك و إجباره على الانصهار و الاضمحلال في هوية اخرى غير تلك التي حباه الله بها .
و كان دائم المقارنة ما بين أمة الكرد كما يفضّل ان تذكر و ليس الأكراد و ما بين أمة التوارق ( إيموهاغ ) .
و يصف الكرد بأنهم أمة تستوطن الجبال و التوارق بامة تستوطن الصحراء ، و عندها يأخذ بتعداد صفات الجبال من ( صلابة و شموخ و ثبات ) و صفات الصحراء من ( اتساع الآفاق و امتداد الرؤية و السكون ) .
و كثيرا مايفرط في المقارنات و يتحدث عن الجبال و الصحاري كمخلوقين تنتابهما العواطف و المشاعر كالانسان حتى ينسى امر المقارنة ما بين امتين من أمم المجتمعات البشرية .
و اذ ذاك و في يوم من الأيام ، جمعتنا الصدفة في مكان ما ، و رحنا نتجاذب أطراف حديث قصير على عجل ، رأيت خلفه احد أبناء عمومتي التوارق و يدعى ( كاجيلو ) و كان مشهورا بمنطقتنا ( البركت ) بمدوامته ارتدائه الزي التقليدي الخاص بنا نحن التوارق كاملاً ، و هو الامر الذي قلما او يكاد لا يرى من بعده ( رحمه الله ) .
عندها اغتنمت الفرصة لأطرح عليه سؤال التحدي في المسابقة الدائمة ما بيننا ، إذ كنا كُلُّ يفخر بتمسك قومه بهويتهم ، فقلت له ( انظر خلفك يا صديقي اسعد ، انظر الى ذلك التارقي و هو معتز بنفسه بارتدائه لباسنا التارقي كاملا ، افلا تتفق معي بان امتنا نحن التوارق اكثر تمسكا بهويتنا منكم أيها الكرد ؟ ) .
نظر صديقي اسعد خلفه ليرى ذلك الرجل الذي اشرت اليه ، و المتميز أصلا بلباسه المتفرد فيه ، و تمعن فيه طويلا و استدار و نظر في عيني و قال :
( للأسف يا صديقي عمر ، كلما رايتكم هكذا ، كلما فقدت كل املٍ في تقدمكم الى الامام ) .