المهدي يوسف كاجيجي
للشاعر المصري “احمد فؤاد نجم ” قصيدة فريدة كتبها في زنزانته في سجن القلعة، وتسربت إلى الشارع، فتحولت إلى اغنية، بعد ان لحنها وغناها رفيقه في السجن “الشيخ إمام” تداولها المصريون وقتها. شبه الشعر فيها الوطن بالبقرة الحلوب، المثقلة ضروعها بالخير والنماء، ولكنه خير منهوب ومسلوب من أهلها الذين انشغلوا بمصالحهم، وتخلوا عنها وقت الحاجة، فماتت وانصهرت قهرا. استعرت لكم بعض من ابياتها:
ناح النواح والنواحة
على بقرة حاحا النطاحة
والبقرة حلوب. تحلب قنطار
لكن مسلوب. من أهل الداروالدار
بصحاب. وحداشر باب (11 باب)
غير السراديب. وبحور الديب
وغيلان الدار. واقفين بنهار
وفي يوم معلوم … عملوها الروم
زقوا الترباس … هِربوا الحراس
دخلوا الخواجات. شفطوا اللبنات
والبقرة تنادي. وتقول يا ولادي وولاد الشوم …
رايحين في النوم البقرة انقهرت.
م القهر انصهرت
الوطن والغنيمة !
تذكرت القصيدة وأنا اتابع هذه الأيام ما يجري على أرضنا، والحال الذي وصلت له بقرتنا الليبية، التي حلبناها سنوات طويلة، وعندما فرغ ضرعها من لبنه لم نرحمها، حتى بعد أن نزفت دما، ولم نخجل من انفسنا، بل احتمينا بالأجنبي يشاركنا السلب والنهب، فضاع وطن بكامله وتحول إلى غنيمة مستباحة. وإلا بماذا نفسر ما يجري ألان من صراع شرس، على تقسيم ما تبقى من الكعكة الليبية، باسم الموافقة على تشكيل الحكومة، وزرع العراقيل. وما يقال عن مقايضات وابتزاز خلف الابواب، وتحت “الطاولة” كما يقولون، دون مراعاة للخبرة والكفاءة، حتى وإن ادي ذلك إلى تمزيق وطن وتقطيع اوصاله باسم المناطقية. والحقيقة أن المستفيد الوحيد هو طابور طويل من اصحاب المصالح، يتلون ويتغير كالحرباء تبعا لمصالحه، ضاربا بعرض الحائط مصالح شعب تعس قتله الياس، وفقد كل أمل في التغيير، لا يعرف بالضبط ماذا يجري حوله والى اين تقوده الأيام ، ولعن الله من قتلونا قهرًا.
* الصورة: ريشة الفنان الكبير محمد الزواوي رحمه الله.