بقلم :: ناجي الحربي
برز نجم المطرب (عطيه محسن ) عندما كان طالبا بكلية الآداب بجامعة بنغازي ، كان يشدو لزملائه الطلاب وصلات من الطرب الشعبي بمدرج رفيق ما بين المحاضرة والمحاضرة ، وكان يجيد العزف بكلتا يديه على مقاعد الدراسة لضبط إيقاع الغناء الشعبي ، زملاؤه الذين درسوا معه يشيدون بخجله ورفعة أخلاقه ، وحسن معشره أيضاً ، و رغم زيادة وزنه المفرط إلا انه كان خفيف الحركة مثل ظله تماماً ، كان يعشق الغناء والفن حد الإدمان ،كان يعمل موظفا بسيطا بالبريد المركزي بشارع عبدالمنعم رياض فترة ما بعد الظهر ، إلى جانب مواصلته لدراسته الجامعية ، لعل قرب مقر عمله من الإذاعة واحتكاكه بالفنانين المترددين على الإذاعة و مكتب البريد آنذاك أتاح له تنمية موهبته في الغناء ، إلى جانب مولده بمدينة درنه سنة 1942م التي عرفت بالفن والثقافة والشعر بعد تخرجه في جامعة بنغازي عمل مدرساً لمادة التاريخ ، ثم انتقل للإذاعة بعد تقلب في وظائف عديدة منحته فرصة دورة في رومانيا لا علاقة لها لا بالتخصص ولا بالموهبة ،لكنها فتحت أفق الإطلاع على العالم بشكل واضح وأصبح هاجس الغناء يطرق موهبته بحدة ، ويقوده إلى التألق ، تميز بصوته النحاسي ، وطبقاته المتعددة ،ومدرسته الشعبية المتطورة في اللحن والكلمة والأداء ، فكتب له عملاق الأغنية في بنغازي (عبدالسلام زقلام )ولحن له (إبراهيم أشرف )أفضل من يجيد العزف على آلة العود آنذاك ، وأصبح صوتاً مميزاً لا تخلو خارطة الإذاعة الأسبوعية من سماع صوته تلك الفترة ، شارك في العديد من المهرجانات الدولية للأغنية فغنى في المغرب أغنية “بعد نحيبه” كما غنى بزائير ، لبنان ، مصر.. ومن أشهر أعماله العاطفية “واطي النظر/ بعيد الدار/ كلام الناس/ عاهدني ع الحب/ لو بود قلبي / بعد نحيبه/ الغربة/ أيام الزهاء/ الحب اللي عارفة/ أنت الأمل/ هلال العيد/ يارب سبحانك.. ” لكن شهرته تحققت من خلال نشيد (وطني يا حبي الكبير ) والتي أصبحت علامة فارقة في إذاعات ثورة فبراير بطول وعرض البلاد ..حتى عرفه الجيل الذي ولد بعد رحيله بسنوات ، لعل أفضل أغانية أغنية (ما تحكيلي ) من كلمات الراحل : عبدالسلام زقلام وألحان الفنان الكبير : إبراهيم أشرف والتي تقول كلماتها :
ع الحب ما تحكيلي
ناسي سريبه خليني
ساعدني ..
عن هم قلبي باعدني
نحساب حبي يسعدني ..
ثاريت وعده امشقيني
أيامه ..
فـ القلب طاوي أحلامه
ناسيه موال غرامه ..
رد السلف للي انسيني
عذبنا ..
قلبي وأنا تعبنا ..
تاب الحبيب و توبنا ..
واتاه عزم اموتيني
و شموعي..
نورت من بعد ادموعي ..
كان الهنا مش في طوعي ..
و اليوم كاسه يسقيني
رحم الله الفنان عطيه فرج العمامي الذي عرفناه باسم (عطيه محسن)، والذي توفي إثر مرض عضال ..