متَى تصبح حُـقُوقُ الإنْسَانِ عَـقِيدةً وسُُـلُوكا طبِيعيّا ؟

متَى تصبح حُـقُوقُ الإنْسَانِ عَـقِيدةً وسُُـلُوكا طبِيعيّا ؟

كتب :: عقيلة ابو القاسم 

لا يكفي أن تُحمى حقوق الإنسان بنصوص قانونية بل يجب أن تصبح من القيم مثل النخوة والشهامة والكرم والمروءة فمثل هذه القيم لا تحتاج لنصوص لتكيسها أو ضمان احترامها لأنها أصبحت جزءًا من الضمير الجماعي للشعوب ففي ظل الإعلان الأمريكي لحقوق الإنسان والذي يرجع للقرن الـ 18 استمر التمييز العنصري ضد السود إلى بداية ستينات القرن العشرين وكأن للإنسانية نوعان إنسان أبيض وآخر أسود وأن إعلان الحقوق يخص الإنسان الأبيض فقط أما الإنسان الأسود فلا حقوق له وهو نفس السلوك الذي سلكته الأقليات البيضاء ذات الأصول الأوروبية في جنوب أفريقيا وزيمبابوي والتي يفترض أنها متشبعة بمبادئ الحضارة الغربية القائمة على المساواة بين بني البشر واحترام حقوق الإنسان وهذه الشواهد تدعو للشك في أن حقوق الإنسان موجودة في ضمير كل فرد بل على العكس يدل وعلى الأقل على قرائتي الخاصة بأن الطبيعة البشرية مجبولة على العنف والقتال والصراع من أجل التملك أو العرق أو السلطة ولهذا نجد أن أولى الحقوق التي تتكفل الشرائع السماوية بتقريرها وحمايتها هو الحق في الحياة فهذا الحق هو أساس جميع الحقوق وسابق عليها فبدونه تصبح الحقوق الأخرى كالحقوق الاجتماعية أو الاقتصادية لا معنى لها ولو كان احترام الحق في الحياة يشكل سلوكا طبيعيا وجزءا من ضمير كل فرد لما احتجنا لهذه الحماية ولأنه من الضروري لاستقامة حياة الفرد والجماعة والنوع البشري أن يكون المجتمع مثاليا يجب أن يسعى الجميع لأن تكون ثقافة حقوق الإنسان عقيدة وسلوكا طبيعيا للإنسان وأول خطوات تجسيد هذه الثقافة هي تعريف الفرد بحقوق الإنسان لأن هذه المعرفة تسهم في خلق الوعي بضرورة التمسك بها والذوذ عنها وذلك عن طريق التعليم والإعلام وأنه من الأجدى بمكان أن تدرس ثقافة حقوق الإنسان منذ دخول الطالب للمدرسة حيث يجب أن يعرفها وينشأ عليها والأمر يتطلب الوعي الأسري قبل هذا الأمر الذي سينعكس إيجابا على سلوكياته كما أن للإعلام الدور الأهم في نشر هذه الثقافة وعلى رجال الدين أن يبتعدوا عن خطبهم التقليدية التي يرددونها في جُلٌ خطبهم الجمعوية وأن يستشهدوا بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة التي تؤكد على مبادئ حقوق الإنسان خاصة وأن مبادئ حقوق الإنسان المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان مستمدة من ديننا الإسلامي وأن القول المأثور للفاروق عمر بن الخطاب متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا. هو من أهم المبادئ المستندة عليها تلك الوثيقة ولكي ترتقي الدول وتتحول المجتمعات إلى مجتمعات مثالية فلا يكفي الادعاء بحماية حقوق الإنسان في جلّ الدول بل يجب أن يتم العمل جديّا وفي كل مؤسسات الدول على نشر ثقافة حقوق الإنسان والتعريف بها والعمل على أن تتحول حقوق الإنسان إلى عقيدةٍ وسلوكٍ.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :