محمود السوكني
تعودنا أن نقرأ في بيانات وخطب وقمم ولاة أمرنا (أن القضية الفلسطينية هي قضية العرب الأولى) غير أن أحداث الحرب المستعرة في غزة دحضت ذلك القول وأظهرت زيفه وأن قضية فلسطين على المستوى الرسمي لا تهمنا كثيراً ، واتضح أنها قضية تشغل الفكر الإنساني على مستوى العالم دون تمييز وبلا تحفظ .
نحن من يتشدق ليل نهار بأن فلسطين عربية وهي في مهجة القلب وتفداها الروح ، لم نمنحها وقت الشدة سوى الكلام أمّا هم فإنهم منحوها عوضاً عن الدعاء ومع التظاهر و الهتاف مواقف عملية لم يجرؤ حكامنا على فعلها . هناك دول طردت سفراء ما تسمى بإسرائيل إحتجاجاً على حربها في حماس في الوقت الذي لم تفكر فيه – ولا حتى هددت – دولة عربية واحدة من المطبعين بإستدعاء سفيرها للتشاور !
هناك دول رفض عمال المناولة فيها تحميل البضائع لسفن متجهة إلى دولة الكيان الصهيوني إستنكاراً وإحتجاجاً على المآسي التي يرتكبها جنودها الجبناء في حق الأطفال والعجائز والنساء ، وبعضنا يرقص ثملاً في المرابع والصالات منتشياً بمواسم الطرب والعهر الإعلامي !
خمس وخمسون دولة أعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي منها إثنان وعشرون دولة عربية لم يتمكنوا من إنقاذ رضيع واحد من أتون الحرب الشعواء التي يشنها العدو المحتل منذ أكثر من شهر ! لم يقدروا حتى على إيصال جرعة ماء دون توسل الإذن من المحتل الغاصب !
يقول المحامي والأكاديمي الفرنسي العتيد Giles Devers البالغ من العمر سبعة وستين عاماً في رسالة وجهها إلى الشعب الفلسطيني (لم يكن لديكم من يدافع عندكم ، لكن أصبح لديكم جيش يدافع عنكم في المحاكم الدولية والوطنية) مناسبة هذه الرسالة أن هذا المحامي المشهور قام متطوعاً خلال عشرة أيام بحشد قائمة من المحاميين من مختلف بلدان العالم بلغ عددهم حتى الآن ثلاثمائة محام للشروع في مقاضاة الكيان الصهيوني على الجرائم التي يرتكبها ، ويتوعد العصابات الآثمة (بمصير أسود ينتظرهم) كما قال بالنص .
لقد أيقظت الحرب الوحشية الغير متكافئة ضمير العالم وحرّكت الجانب الإنساني فيه ليستشعر هول المأساة وفظاعة الحدث ، فيما نحن .. وما نحن ؟ سوى .. إستغفر الله العظيم .