- أ / سالم ابوخزام
الدولة المدنية عنوان ينشده كثير من الليبيين إلا أنه بعيد المنال ويمكن القول إن العالم العربي بأكمله لم يصل بعد للدولة المدنية ، أضيف أن الديمقراطية مدرسة متكاملة وأننا في العالم العربي لم نصل واقعيا إلى هذه النقطة ، وأننا لاشك في حالة من الفوضى المتأزمة وبالتالي فإننا أبعد مانكون عن الدولة المدنية التي ننشدها ونتمناها . الدولة المدنية أولوياتها “دستور ” لكل البلاد ، وهو بمثابة رسم واضح لكل الخطوط بين الحاكم ، الرئيس ، والمحكومين كل الشعب . مالنا من حقوق وماعلينا من واجبات محددة واضحة ، لابد أن نكون أمام أبوالقوانين ، لإزاحة كل خطوط التّماس !! الدولة المدنية ، هي دولة المؤسسات والتداول السلمي على السلطة . المؤسسات عنوان قائم بذاته ، تدار المؤسسة فيه بحرفية تامة وهي تلتقي وتتقاطع مع غيرها دونما خلل يعتريها ، لأنها تسير بواسطة قوانين وتشريعات ثابتة متأصلة ، يتداول عليها قدرات وكفاءات لا يعتريها شك من قريب أو بعيد وهي تبيان لهيبة الدولة التي تعكسها جدية تلك المؤسسات . الدولة المدنية تعني من ضمن مؤسساتها جيش وطني يتولى حمايتها بأسلحة تدافع عن هيبتها وكيانها وإن لزم الأمر فأسلحة هجومية لصون كرامتها، إلا أن الجيش يلتزم بحماية البلاد والدفاع عنها وفقا لعقيدة عسكرية وشرف الجندية دونما انخراط في المسائل السياسية ولا يسمح له بالولوج فيها نهائيا . من ضمن أجهزة الدولة المدنية رجال وأبناء الشرطة الذين يسهرون على أمنها الداخلي ويحمونه بشرف وثبات وفقا لعقيدتهم الشرطية المهابة . الدولة المدنية تتمتع بقضاء عادلٍ حرّ نزيهٍ خالٍ من التدخلات حيث لا سلطان على القضاء سوى الله وضمير رجال القضاء ، لتطبيق القانون دون هوادة أو رحمة ، فالكل سواسية أمام القانون وهو السيد . الدولة المدنية تتألق بوجود رقابة ذاتية حرة نزيهة ، قادرة على ضبط المخالفين وربما عقابهم حيث يلزم الأمر ، لإعادة الأمور إلى نصابها وحفظها ، لتبقى الدولة المدنية قادرة على الدفاع عن نفسها بعزة وشرف ، وبلا أية مخاوف قد تعتريها . في الدولة المدنية لابد من اعتلاء الصحافة منبرها العالي لتتحدث الصحافة بكل وسائلها بحرية تامة منتقدة وموجهة لسلوك الأفراد والمؤسسات وبما يضمن سلامتها ، صوتا وصورة وأمام الرأي العام وبكل الأدوات المتاحة من صحافة مقروءة أو تلفزيون وراديو وكل ما يواكب العصر ويعزز الحرية . في هذه الزاوية محاولة جادة مبسطة وواضحة لإفهام جمهورنا الكريم المعاني الخالدة للدولة المدنية ، التي ننشد جلوس رئيس يدير الأمور وينسقها ويفصل بين سلطاتها ولا يتحكم فيها إلا بمقدار ماتجيزه القوانين والدستور ، ويستمد سلطاته من قوتها ولا يتحكم فيها . رئيس منتخب يجيء عبر الوسائل الديمقراطية ليكون حلقة من حلقاتها ومتمما لها . تُرى أنسير نحن في ذات الطريق للوصول إلى هدف الدولة المدنية المنشودة ؟ أم أنه لايزال أمامنا الكثير من الوقت ؟! أ.سالم أبوخزام.