بقلم :: أحمد عويدات
باتت ليبيا اليوم في عصر العولمة قريةً صغيرةً مترابطة ؛إلا أن هذا الترابط لا يحمل بالضرورة معنى إيجابي في الوقت الذي أصبح بإمكان الأفراد في أي وقتٍ الاطلاع على كل ما يجري من أحداثٍ في كل مكان في ظرف لحظات ،إلا أن انفتاح المدن على بعضها البعض،لا سيما على مواقع التواصل الاجتماعي ،جعلنا عرضةً أكثر للنفايات الفكرية و هذا ما يجعلنا نتساءل من هم أصحاب النفايات الفكرية ؟
هم هؤلاء الأشخاص الذين لا يفقهون من الأخلاق والثقافة شيئاً ،لكنهم للأسف يملكون ألسنةً وحساباتٍ على منصات التواصل الاجتماعي ،يقذفون من خلالها سمومهم هنا وهناك ويتسارعون الى مهاجمة الجميع و محاولة نشر ثقافتهم المنكوبة , هذا الكلام لا يوجه بالطبع للجميع ،حيث يوجد على الإنترنت الكثير من المثقفين والأدباء والعلماء والأفراد الذين يطلعون على الأحداث جيداً قبل كتابة أية كلمة ، هذه العبارة موجهة للناس ،علماً أن مصطلح إنسان كثيرٌ عليهم ،يستغلون أبسط المواقف لرشق الآخرين بأبشع العبارات ؛كما أنهم غالباً ما يكونون جاهلين بهذه المواقف. هم لا يبحثون في خبايا الحدث بل يسارعون إلى إفلات عقدهم النفسية في منشوراتهم وهذه المراشقات لا تنحصر في نطاقٍ واحد. أبسط مثالٍ على ذلك هي المواضيع التي تنشرها الصفحات الإلكترونية كافة ؛كمقال افتك الفارس سيارة شخص (سرق سيارة شخص) ،أصحاب النفايات الفكرية سيتهافتون على هذه الموضوع و ستجد الكثير منهم يباركون للفارس المغوار عمله و ايضا ستجد من يقوم بشتم بقية العشائر بقوله إن الرجل من قبيلته انقى و يساوي عشر اشخاص من اي قبيلة “اتركوها فإنها منتنة “و بالتالي ستجد لهم الكثير من المناصرين الذين ستجتذبهم هذه النفايات.
هم لا يكترثون لحساسية الموقف ولا ينشرون الوعي حول هذه القضايا لمحاولة قبول الاختلاف الذي جعله الله سنة كونية في جميع خلقه ،بل تجدهم يسارعون لنشر الكراهية بين العشائر. هم بكل بساطة بإمكانهم تحويل أي منشور لهم إلى ساحة معركة على ارض الواقع لتوليد فتنة.هؤلاء الأشخاص موجودون في حياتنا اليومية ،في العمل و الجامعة ،حتى على الأزقة و في منازلنا ايضاً.
هم أول الواصلين إلى المجالس ،وغالباً ما يجلسون وسط الجميع ،لا يصغون إلى كلام الاخرين بل هم فقط يحاولون فرض نفايتهم ؛لا يقبلون وجهات النظر المختلفة ومتشبثين بعقم رأيهم. يحضِّرون طبخةً من أسوأ الجمل والأفكار البالية ثم يسكبونها في هذه الجلسات بغض النظر عن نتائج ما سيحدث ،وأخيرا ينهون كلامهم بالتعقيب على الآخرين الذين يختلفون عنهم في وجهات النظر و محاولة الاستهزاء بهم , للأسف لا يمكن وضع حد لهؤلاء البشر ،ستجدهم في كل مكان كما ذكرت ،وقد ازداد تأثيرهم بشكل اكبر مع الانتشار الكبير لمنصات التواصل الاجتماعي ،حتى باتوا ينشئون صفحاتٍ وهمية تحت اسم عار القبيلة الفولانية و معاً من أجل تدمير المدينة الفولانية .
تبقى مواجهتهم محصورة بالضغط على زر الحظر حتى ترتاح من كتاباتهم المقززة ،على أمل أن نجد وسيلةً أخرى للتخلص من نفاياتهم الى الأبد. فهم لا يلوثون سمعنا فقط ،بل أفكارنا ،ومجتمعنا بسمومهم ،وصحيحٌ ما يقال إن النفايات الفكرية هي أشد خطراً على المجتمع من النفايات التي تجدها مرمية في الشوارع.