- أحمد بوفحتة
«إلى الطّفلِ، وهو ينزعُ عنهُ قِمَاطهُ مُبكّرًا، ليكفّنَ أمَّهُ بهِ، ويمضِي لِيُكمَل الدرْبَ، دَرْبَ الحُرّية».
آمَنْتُ بالضّوءِ،
لَمْ أُطْفِئْ دمِي مَدَدَا
مَا نَبْضُ قَلْبِي إِذَا لَمْ يَتَّسِعْ بَلَدَا !
قَلَّبْتُ حَرْفِي عَلَى حَالَاتِ دَهْشْتِهِ
فَلَمْ يَخُنِّي مَجَازُ الشِّعْرِ واتَّقَدَا
أَكُلَّمَا يَتَّمَتْنَا الأَرْضُ،
كَفَّلَنَا هَذَا التُّرَابُ،
فَكُنَّا فِي التُّرَابِ نَدَى
وكُلَّمَا شَكَّ جِيلٌ فِي نُبُوءَتِهِ
يُضِيءُ نُوفَمْبَرٌ لِلْعَارِفِينَ غَدَا
مُحَمَّلا بِوَصَايَا المَجْدِ،
مُتَّكِئًاعَلَى الحَقِيقَةِ،
يَتْلُو سُورَةَ الشُّهَدَا
عَنْ رَجْفَةِ الجَبَلِ الأَوْرَاسِ،
أَثْقَلَهُ حُلْمُ الرِّجَالِ،
ولَكِنْ لَمْ يَكُنْ (أُحُدَا)! *
لَمَّا تَوَضّأَ مِنْ نُوفَمْبَرٍ دَمُهُمْ
صَلُّوا خُشُوعًا، ومَدُّوا لِليَقِينِ يَدَا
مُذْ آمَنُوا بِكِتَابِ النَّارِ،
واعْتَصَمُوا بالأَرْضِ،
مَا كَذَبَ الأَوْرَاسُ مَا وَعَدَا
عَنْ صَرْخَةِ امْرَأَةِ تَنْسَى أُنُوثَتَهَا عِنْدَ الحِصَارِ،
وتَسْقِي الغَاصِبِينَ رَدَى
تُخَضِّبُ الرَّمْلَ مِنْ أَشْلَاءِ قَاتِلِهَا
ودَمْعُهَا الجَمْرُ بَعْدَ المَوْتِ ما بَرَدَا
عَنْ طِفْلِهَا …
بِقِمَاطِ الحُلْمِ كَفَّنَهَا
وأَكْمَلَ الدَّرْبَ بالجَنَاتِ مُحْتَشِدَا
كَيْ يَرْفَعَ الشُّعْلَةَ الخَضْرَاءَ،
أَوْقَدَهَا دَمُ الشَّهِيدِ لِتَحْيَا نَارُهَا أَبَدَا
مِنْ ذَاكَ يَا وَطَنَ التَّارِيخِ تِلْهِمُنِي
فَكُنْتَ فِي أُغْنِيَاتِي مُفْرَدًا أَحَدَا
لِأَنَّ طِينَكَ يُسْقَى كَوْثَرًا ودَمًا
تُضِيءُ قَلْبِي جِنَانٌ كُلَّمَا سَجَدَا
تَقَمَّصَتْنِي المَرَايَا البِيضُ،
واتَّسَعَتْ رُؤَى الحَدِيثِ،
فَكُنْتَ المَتْنَ والسَّنَدَا
لَمَّا حَلَلْتَ بِهَذِي الرُّوحِ مُعْجِزَةً
وامْتَدَّ صَوْتُكَ مِنْ رُوحِي،
فَصِرْتُ صَدَى!
يا أَيُّهَا الوَطَنُ العُلْوِيُّ،
أنْتَ دَمِي
فَكُنْ فَؤَادًا سَمَاوِيًّا …
أَكُنْ جَسَدَا
* حَدِيثُ: (اُثْبُتْ أُحُدْ…).