الرقابة الإدراية

الرقابة الإدراية

  • المستشارة القانويية / زينب عبد الغني


الرقابة هي المقياس والميزان الذي تزن به الإدارة جهود العاملين، وبناءً على نتائج الرقابة يُحكم على الإدارة والعاملين بالمستوى الذي يستحقونه . وهي العين الساهرة على بقية العمليات الإدارية التي تمارسها الجهات الإدارية وفق الاختصاصات الممنوحة لها قانوناً. عرف كثير من العلماء والباحثين الرقابة بعدة تعريفات: حيث عرفها د / محمود عساف في كتابه أصول الإدارة بأنها : الوظيفة الرئيسية في قياس أداء المرؤوسين وتصحيحه من أجل التأكد من أن الأهداف قد تحققت وأن الخطط قد وضعت موضع التنفيذ بالطريقة الصحيحة . بينما عرفها الدكتور محمد ماهر عليش في كتاب الإدارة العرب بأنها: العملية التي تسعى إلى التأكد من أن الأهداف المحددة والسياسات المرسومة والخطط والتعليمات الموجهة تنفذ بدقة وعناية كما تعني الرقابة أن النتائج المحققة تطابق ما تتوقعه الإدارة وتصبو إليه . فالرقابة الإدارية هي: عملية قياس للنتائج الفعلية ومقارنتها بالمعايير أو الخطط الموضوعة ومعرفة أسباب الانحرافات التي وقعت بين النتائج المحققة والنتائج المطلوبة واتخاذ فعل تصحيحي نحوها. وعرف هنري فايول الرقابة بأنها : الإشراف والمراجعة من سلطة أعلى بقصد معرفة كيفية سير الأعمال والتأكد من أن المواد المتاحة تستخدم وفقا للخطة الموضوعة .. ومن تعريف فايول يتضح أن الرقابة تشمل: • الإشراف . • المتابعة . • قياس الأداء . • تحديد المعايير الملائمة للقياس عليها . • اتخاذ الإجراء اللازم والمناسب. وهناك العديد العديد من التعريفات التي عُرفت بها الرقابة الإدارية، ولكن جُلها إن لم تكن كُلها تؤدي إلى مضمون ومفهوم متكامل ومتقارب لمصطلح الرقابة الإدارية ، فعلماء الإدارة أجمعوا تقريباً على : – أن الرقابة الإدارية تهتم بقياس الأداء عن طريق مقارنته بالمعايير التي تم وضعها في خطة عمل الجهة ثم تصحيح الانحرافات السلبية إن وجدت بها. – إن الرقابة ليست وظيفة مستقلة أو منفصلة عن الوظائف الإدارية الأخرى . – إن وضع الخطة وتحديد أهدافها شرطان أساسيان لممارسة الرقابة حيث يصعب على المدير أن يقوم بعمله بدونهما . – إن الرقابة في جهات العمل( الجهات الإدارية) وظيفة إدارية ضرورية لكل مستوى من المستويات الإدارية في الجهة الإدارية. – إن الرقابة ضرورية لجميع الأنشطة للتأكد التام من أن العمل يسير بدقة عن طريق تنفيذ ما جاء في خطة عمله لتحقيق تلك الأهداف . إذاً الرقابة هي الوظيفة الإدارية التي يمكن للقائد بواسطتها أن يتحقق من مدى تنفيذ الأهداف المرسومة للمنظمة ، وأن يكشف الأخطاء والانحرافات ومن ثم يحدد مايتوجب عمله لتصحيح الأوضاع . وتعد الرقابة من أهم وأدق الوظائف للقائد الإداري إذ بواسطتها يستطيع التحقق من مدى تنفيذ الأهداف المرسومة للمنظمة . فمن خلالها يتم العمل على إبراز نقاط القوة، وإظهار نقاط الضعف واكتشاف الأخطاء الموجودة بالنظام الإداري حتى يمكن إصلاحها والعمل على تلافي تكرارها مستقبلاً . والرقابة مطلوبة في كل المستويات الإدارية وليست مقصورة على الإدارة العليا فقط وإن كانت تختلف من موقع لآخر حسب اختلاف السلطات والاختصاصات المخولة للمديرين في الجهة . وتبرز أهمية الرقابة في صلتها وارتباطها الوثيق بباقي مكونات العملية الإدارية . فالرقابة لها صلة وثيقة بالتخطيط : فهي تسمح للمسؤول أو مدير الجهة بالكشف عن المشاكل والعوائق التي تقف أمام تنفيذ الخطة وتنبهه بضرورة تعديلها أو تغييرها بخطة أخرى مما يناسب الجهة من الخطط البديلة، وتكشف للمدير عن أي خلل يسود بناء الهيكل التنظيمي لوحدته الإدارية . وللرقابة علاقة أيضاً بعملية إصدار الأوامر حيث يستطيع المدير عن طريقها التعرف على مدى تنفيذ قراراته ومدى فعاليتها ومدى تقبلها من جانب مرؤوسيه( موظفي الجهة) وتمكنه من معرفة أوجه القصور في التنسيق في جهته الإدارية فيعمل على تلافيها أو إيجاد حلول أو بدائل لها أو تذليل الصعاب حال ظهورها. ومن خلال ما سلف ذكره وعرضه يمكننا القول بأن الرقابة: هي عملية تحقق من مدى إنجاز الأهداف المرسومة بشكل دقيق، والكشف عن معوقات تحقيقها والعمل على تذليلها للسير قُدماً نحو استكمال تنفيذ خطة عملها. مَبَادِئُ الرّقَابَةِ الفَعّالَة : تخضع عملية الرقابة لبعض المبادئ التي توضع في الحسبان وتؤخذ بعين الاعتبار حتى تكون الرقابة فعالة أهمها : 1. أن يكون نظام الرقابة مناسباً لطبيعة العمل واحتياجات الإدارة وأن يكون سهلاً واضحاً بحيث يفهمه كل من مدير الجهة، وموظفي الجهة( المرؤوسين) 2.أن يكون مرناً أي قابلاً للتعديل بحيث يتلاءم مع أي تعديل يطرأ على خطة سير العمل حال اكتشاف عدم ملائمتها للعمل في ناحية من النواحي. 3. أن لا يكون الهدف من الرقابة إرضاء رغبات أو دوافع شخصية ، وإنما يجب أن يكون وسيلة لتحقيق أهداف موضوعية لا شخصية . 4. أن يُعنى نظام الرقابة بوسائل العلاج والإصلاح وذلك لأن النظام السليم للرقابة هو الذي يكشف الأخطاء والانحرافات ويبين مكان حدوثها ومن المسؤول عنها وما الذي يجب عمله لتصحيح الأوضاع؟ 5. ألا تُعدد أوجه الرقابة بدون مبرر حتى لا تؤدي إلى تعطيل اتخاذ القرارات وانتشار روح السلبية بين المديرين ،كما أن التعدد يجعل من نظام الرقابة كثير التكاليف دون الحصول على الجدوى المأمولة منها. 6• أن تعمل الرقابة على الإبلاغ عن الانحرافات ، بل إن نظام الرقابة المثالي يعمل على الكشف عن الأخطاء قبل وقوعها . وفي جميع الأحوال يجب أن تصل المعلومات إلى المدير المختص أو الجهة المُختصة حتى تتخذ الإجراءات الملائمة على وجه السرعة . 7• أن تنجح الرقابة في توجيه سلوك الأفراد ، لأن النتائج المستهدفة من الرقابة لا تصبح ذات فاعلية إلا عند تأثيرها في سلوك الأفراد ، لأن الرقابة وسيلة وليست غاية . 8• ينبغي أن لا تقتصر الرقابة على النتائج سهلة القياس مثل صرف جميع المستحقات فقط على سبيل المثال، وإنما يجب أن تشمل الرقابة حتى النتائج غير سهلة القياس كتقييم الأداء والخدمات التي تقدمها المستشفيات والمصارف مثلاً،وذلك من خلال العمل على صياغة معظم الأهداف” تنفيذ المهام الموكلة لها في إطار الاختصاصات الممنوحة قانوناً ” في شكل قابل للقياس وإخضاعها للرقابة . وللرقابة مراحل يمكن القول بأنها لا تتعدى الثلاث مراحل: 1. مرحلة وضع معدلات الأداء : وبها توضع معايير موضوعية لقياس الإنجازات ” المهام الموكلة لها ” التي تحقق وتعبر عن أهداف النظام ، وهي توضع على أساس تحديد كمية العمل المطلوب إنجازها والمستوى النوعي لها والزمن اللازم لتحقيق هذا الأداء، ويجب أن تكون هذه المعدلات واضحة ومفهومة وغير مبهمة. 2. مرحلة قياس الأعمال : أي مقارنة النتائج المحققة بالمعدلات التي قد وُضعت مُسبقاً للأداء أي تقييم الأعمال المُنجزة أو الخدمات التي أُديت. 3. مرحلة تصحيح الأخطاء والانحرافات : وبها يتم إبراز الأخطاء والانحرافات التي أسفرت عن عملية قياس الأعمال والخدمات التي أُديت ، فظهور اختلاف النتائج والمعدلات يُعد مؤشراً على أن العمل لا يسير بنحو جيد كما تم التخطيط له وأن هناك انحرافاً في الأداء. بعد كل ما سلف نتطرق بشكل موجز لبعض صور الرقابة التي قد تكون داخلية وقد تكون خارجية. الرّقَابَة الدّاخِلِيّة : هي الرقابة التي تمارس داخل الجهة الإدارية أي مدير الجهة ومديرو الإدارات أو المراجع الداخلي أو مكتب أو إدارة التفتيش بالجهة كل في النطاق الذي يترأسه، وحسب المهام المُوكلة له. الرّقَابَةُ الخَارِجِيّة : وهي التي تمارس من خارج الجهة عن طريق جهات أو أجهزة متخصصة أَوْكل لها القانون ممارسة هذا الاختصاص مثل هيئة الرقابة الإدارية، ديوان المحاسبة، هيئة مكافحة الفساد. زينب عبدالغني الطاهر عبدالهادي مستشارة قانونية 2019/7/5

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :