الجنوب … بين مطرقة التهميش وسندان الأطماع

الجنوب … بين مطرقة التهميش وسندان الأطماع

على مر تاريخ ليبيا يعاني الجنوب من التهميش والأهمال بالرغم من الأهمية الأقتصادية التي يحظى بها والمثمثلة في موارده الأقتصادية والمائية والسياحية وقد توارثث الحكومات المتعاقبة منذ الأزل عدم الأهتمام بالجنوب حتى أصبح في أذهان الغالبية العظمى من الشعب لاتعرف شيئ عن الجنوب الغني الحاضن للخيرات بل تجد حتى من هو من سكان الجنوب وأفنى عمره فيه ولا يعرف ما تحتضنه الأرض التي يطأها ويفترشها من خيرات ولم يزور أي معلم من معالم السياحة فيها ..

السياحة في الجنوب :

إن الطبيعة الصحراوية التي يتميز بها الجنوب هي أحد أسباب هجرته وتهميشه ولكن هذه الصحراء تبرز مفاتنها للسياح لما تحتويه من معالم وطبيعة خلابة جعلت منه قبلة للسياحة الصحراوية والتي تضاهي متعتها انواع السياحة الأخرى وبالرغم من عدم الأهتمام من الدولة لهذا المورد المهم إلا أنه كان يستقطب الكثير من الفعاليات الرياضية والسياحية من راليات ومهرجانات كان لها الدور في التعريف بالجنوب على المستوى العالمي وكانت السياحة تزدهر في الجنوب وخاصة في فصل الشتاء وكانت السياحة في ارتفاع مضطرد من حيث توافد المجموعات السياحية عام بعد عام الى أن قامت حرب التحرير وتوقفت السياحة الى وقتنا هذا وكان ذلك الأثر السيئ على هذا المورد الذي كان يقتات منه الكثير .

الموارد المائية :

بالرغم من الطبيعة الصحراوية التى تميز الجنوب الليبي إلا انه كان غني بالمياه الجوفية والصالحة للشرب والزراعة وأن معظم سكان الجنوب وواحاته يعتمدون على الزراعة كمصدر للعيش منذ الأزل والآن أصبح الجنوب يشكل مصدر رئيسي لمياه الشرب لليبيا كافة ويغطي أحتياجات 80% من سكان ليبيا من مياه الشرب عن طريق النهر الصناعي والذي منابعه من الجنوب وبالرغم من ذلك فأن الأحساس بهذا المورد وأهميته لم يخالج السياسيون ومن كانوا على هرم السلطة في ليبيا ليعطوا الجنوب حقه من الأهتمام

وبذلك يكون الجنوب يملك أهم مصادر الحياة في ليبيا ألا وهو المخزون المائي الجاهز للشرب والزراعة وهو وحده يكفي للفت الأنتباه اليه والأهتمام به .

 

الموارد النفطية والمعادن :

الأكتشافات في السنوات الأخيرة والي أظهرت أن الجنوب يحتوي على مخزون مهم وأقتصادي من النفط الخام والغاز الطبيعي يزيد من أهمية هذا الأقليم وتبرز مدى أهميته كونه يلعب دور مهما في موارد الدولة فا النفط في الجنوب حالياً يشكل مانسبته 30% من ما تقوم الدولة بتصديره وحقوق الأمتيازات لشركات التنقيب تعطي مؤشراً على أن أحتمال توفر أحتياطيات أقتصادية مهمة من النفط والغاز فالمقدر حسب خبراء النفط أن أحتياطيات النفط الليبي تقد ب 45 مليار برميل ويشكل الجنوب ما نسبته 10% من هذه الأحتياطيات ناهيك عن حوض مرزق الذي لم يستكشف حتى الأن .

كما أن الجنوب الليبي يتوافر على كميات أقتصادية مشجعه للأستثمار فيما توافرت بعض الظروف ومنها خام الحديد بوادي الشاطي وخام الذهب بالعوينات واليكم الأقتباس التالي :

أكد السيد خليفة البدراني أمين لجنة إدارة المؤسسة الوطنية للتعدين بأن ليبيا تمتلك احتياطيا من الحديد في منطقة وادي الشاطئ يقدر بنحو 4 مليارات طن موضحاً أن عدداً من الشركات الأجنبية تقدمت بعروض كبيرة لاستثمار خام الحديد، مضيفاً:بسبب الأزمةالمالية يظل الاستثمار نوعاً من المغامرة.
وأكد في تصريح “لأويا “بأن الاستثمار في وادي الشاطئ يحتاج إلى بنية تحتية من الغاز ومحطات توليد وكذلك طريق سكة حديدية.
وحول نسبة الشوائب الموجودة في الحديد أوضح قائلاً: القضية ليست في الشوائب ولكن في تقنية استخلاص الحديد النقي حيث إن عملية الشوائب الموجودة في وادي الشاطئ تشتمل على سلكا والالومونيا والفوسفور ، مشيراً إلى أن الشوائب تحتاج إلى تقنية خاصة لاستخلاصها . وأضاف بأنه قد تم الإعلان من خلال الجولة الثالثة عن الاستثمار في الذهب بالعوينات موضحاً أن الدراسات بينت وجود كمية كبيرة من الذهب المصاحب للحديد وأن الدراسات أوضحت أنها موجودة على أعماق كبيرة في باطن الأرض . ((انتهى ))

الرمال أيضاً تشكل مورداً أقتصادياً :

وبالرغم من أن الرمال وما تشكله من خطر بيئي والخوف من زحفها على المناطق الخضراء إلا أن الله أنعم علينا بجودتها والتي أثبتت الدراسات جودتها في صناعة الطوب الرملي والذي يعرف عنه في استخداماته أنه بارد صيفاً ودافئ شتاء وقد قامت أحد الشركات الوطنية بالمشاركة مع التقنية الألمانية بتنفيذ مصنع للطوب الرملي أتمنى أن يدخل إلى حيز التنفيذ والإنتاج قريباً كما أن للرمل أستخدامات أخرى بحيث يعتبر من المواد الرئيسية في صناعة الزجاج .

هذه نبذة عن ما يتوافر من خيرات في جنوبنا الغالي والتي تجعل منه بؤرة تجذب أنظار الطامعين اليه وسيجعلون منه مسرحاً للصراعات مستقبلاً أذا لم يعطى الأهتمام الكبير من قبل الدولة فهناك أطماع كبيرة محيطة به من جوانب عدة فالأقليات الليبية التى تستوطن الجنوب أصبحت الأن ترتفع نسبة وجودها مستغلة الحدود الجنوبية المفتوحة وأمتدادها الأقليمي عبر دول الجوار والتي بدأت في التوافد وتتوطن مثل الأمتداد العرقي للطوارق وقبائل التبو إن هذا الحراك سيكون له تبعات وخيمة على الوطن أن لم يتم أستدراك الأمر أضف الى ذلك الأطماع الفرنسية للتواجد في الجنوب بعد أن يتم تغيير الديموغرافيا لهذا الأقليم مما سيسهل عليها عملية أحتلاله بفرض الوجود المباشر أو غير المباشر بحكم الوصاية والنفوذ الذي تتمتع به في الدول الأقليمية المجاورة لجنوبنا الغالي

المطامع التي جعلت من الجنوب بؤرة أهتمام للأنتهازيين على المستويين الداخلي والخارجي .

على المستوى الداخلي :

لم يكن الجنوب على المستوى الداخلي إلا ورقة لعب للسياسيين وكثيراً ماتسمع أستخدام هذه الورقة في تصريحاتهم ودعاياتهم على المستويين الأنتخابي والسياسي إلا وهم مدركين لحجم المخاطر التي تواجه الوطن من الجنوب وكذلك ترى مدى عطفهم وشعورهم بما يعانيه الجنوب وأهله من تهميش وأهمال وغيرها من مقومات الحياة التي يكاد الجنوب يفتقدها تسمع اليهم يمتلكك الحماس ويشعرك بأنهم قد وضعوا ايديهم على الجرح النازف وما أن تراهم قد وصلوا لمبتغاهم حتى تندثر احلامك وذاك الشعور بالحماس الذي أنتشيت به عند سماعك لهم فتعرف أن ما قالوه لم يكن إلا فرقعات أعلامية تستقطب الرأي العام لنيل الثقة ومن بعدها تستمر المعاناة التي يعانيها الجنوب من حدود مفتوحة على مصراعيها وهجرة غير شرعية تتوافد على الجنوب ناهيك عن التهريب الذي شمل كل شيء قوتنا ووقودنا وخيرات بلادنا المدعومة بأموال الليبيين ولا يدخل علينا إلا الأمراض والسموم من تهريب للبشر والمخذرات والمسكرات والتبغ وسمي ما شئت من الممنوعات …. وترى كل من تبجح بحماية الحدود الجنوبية مبتغاه منفعة شخصية مادية بحثة ما عدا قلة قليلة جداً لا تساوي شيئاً من هم وطنيون وقلبهم على الوطن إن وجدوا فعلاً كي لا أظلم أحد . هذا على مستوى الحدود أما البنى التحتية فهي منهارة بالكامل ولا تكاد تذكر مدينة أو قرية أو حتى شارع ألا تجد نوع من المعاناة فيه الصحة مستشفيات منهارة بالكامل وعلى مستوى الجنوب بالكامل التعليم والمدارس تعاني من النقص الحاد في معدات الدراسة والوسائل التعليمية والطرق المنهارة والصرف الصحي والمياه وتوقف المطارات في كامل مناطقه .. يعني بنية تحتية منهارة بالكامل وخدمات النظافة تكاد تختفي من الجنوب وحدث ولا حرج .

أما على المستوى الأمني فالحال لا يختلف كثيرا عن ما تعانيه ليبيا بالكامل في ذلك وكم من معارك شهدها الجنوب ونزاعات عانى منها ما عانى ولازال يعاني ..وكلها نتاج أطماع أو خدمة لأجندة معينه أومؤامرات تحاك وكم كتبنا عن ذلك في مقالات عده .

على المستوى الخارجي :

منذ انبلاج ثورة 17فبراير لا حظ الجميع الدعم اللا محدود من بعض الدول وكانت فرنسا الداعم الأكبر من الجانب الأوروبي وهي عراب حراك الثورة وقد تبنتها بشكل ملفت للنظر ومفاجئ للقذافي نفسه حينها بالنظر للعلاقة التي كانت تربطه بالحكومة الفرنسية حينها ومن كان يعتقد أن الدعم الفرنسي جاء نتيجة لما تداوله البعض خوف ساركوزي حينها من القذافي أن يفضحه كونه تلقى دعم مادي منه في حملته الإنتخابية  فهو لم يصب في التقدير وهنا يأتي الجنوب ومصالح فرنسا في أفريقيا هو السبب الحقيقي وراء هذا الدعم للتغيير في ليبيا … وذلك عندما رأت فرنسا أن مصالحها في أفريقيا بدأت في الأنهيار بسبب القذافي متفادية بإطاحته أنهيار تلك المصالح إضافة الى ابراز مدى قوتها كرسالة تحذير لباقي دول أفريقيا فيما إذا فكروا بالأنشقاق عن عصا الطاعة لفرنسا ..وكانت تلك البداية في تنفيذ المؤامرة والتي تهدف الى عودة سيطرة فرنسا الى الجنوب الليبي خاصة وأنه يعتبر بما يحتويه من موارد أقتصادية هامة لدعم الأقتصاد الفرنسي الذي قارب أن يشهد أنهيار في الأعوام السابقة والمهدد حتى هذا الوقت وبذلك كانت فرنسا وراء كل حراك أو نزاع يشهده الجنوب الليبي وقد ظهر ذلك للعيان في كل النزاعات التي شهدها الجنوب الليبي من خلال تصريحات ساستها وحراك الساسة في الدول المجاورة علما بأن أطماع فرنسا ليست بجديدة فهى ممتدة منذ عهود سبقت وفترة وقوع الجنوب الليبي تحت الوصاية الفرنسية مرفق بعض الصور على معاملات ونقود منذ حينذاك عندما كان الجنوب الليبي تحت الوصاية الفرنسية وكان يتبع الوالية الجزائرية على أعتبار أن الجزائر كانت مستعمرة فرنسية حينئذ

مستند يوضح أن  فزان وغدامس كانت تحت الوالية العامة بالجزائر ووصاية المستعمر الفرنسي

طابع بريدي بقيمة 2 فرنك فرنسي مرسوم بأحد معالم فزان

عملة ورقية بقيمة 5 فرنك والختم عليها يوضح استخدامها في أقليم فزان

 

من خلال ذلك نعرف جيداً بأن أطماع الفرنسيين كان لها البعد التاريخي والملاحظ أن فرنسا وأستعمارها في المغرب العربي والدول الأفريقية حتى وأن نالت إستقلالها فهي لازالت تتبع بشكل أو بآخر الدولة الفرنسية ذلك لأنه خلال حقبة الأستعمار الفرنسي لهذه الدول كان يزرع الثقافة الفرنسية وتعلم اللغة الفرنسية هو من أهم ماتركه الأستعمار حينها واثقا بأن صلة هذه الدول بفرنسا لن تنقطع وهو مانشهده حالياً في هذه الدول من تعلم اللغة الفرنسية وهي اللغة الرئيسية في منهج تعليم هذه الدول …. ولم يتسنى للأستعمار الفرنسي بسط سيطرته بشكل يخدم توجهاته نظراً لقصر عمره في المكوث في فزان … وبالنظر الى الثروات التي يمتلكها الجنوب أصبح الأن موطأ نظر لهم ولن يدخروا جهداً في ان يجعلوه موطأ قدم  تحت وصايتهم وذلك بتغيير ديموغرافية الجنوب الليبي بجلب الهجرة اليه من الدول الأقليمية المحيطة به والتي تعرف بأنها كانت مستعمرات فرنسية سابقاً وتحت الوصاية الفرنسية حالياً .

ان هذه النواقيس التي تدق أجراسها في الجنوب الليبي وهذه النزاعات المختلفة والمتواترة في هذه البقعة وفي هذا الوقت بالذات ماهي إلا مؤشرات الى مايطمع فيه(العدو الصديق) إن صح التعبير  بجعل المنطقة الجنوبية خارج سيطرة الدولة الليبية ولو لبعض الحين لكسب الوقت ليتمكن هذا العدو من زرع بذور أستعماره بالشكل الجديد لينتقل الى أستكمال خطة الأستعمار بعد ملئ الفراغات وصحارى الجنوب بالمهاجرين ومن ثم خلق مشكلة أنسانية ليتطور الأمر الى حقوق مواطنة ومن ثم حق تقرير المصير والأنفصال عن ليبيا لا قدرالله … هذا الأمرسيكون حتمياً أذا لم ننتبه الى هذه الرقعة وأعطاؤها الأهتمام الأكبر وتامينها بالشكل الذي يمنع تحقيق مآرب العدو في أستعمارنا من جديد وهو مانتمنى أن توليه الدولة الليبية الأهتمام الأكبر .

ابراهيم عبد السلام فرج

 

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :