لحظات ألم

لحظات ألم

قصة قصيرة :: ليلى المغربي

تناولت جريدة تقتل بها الوقت بانتظار دورها للدخول لطبيب الأسنان ، أخذت تقلب الصفحات وتقرأ دون تركيز إلى أن وقع نظرها على نص صغير أعاد لها ذكريات الماضي سريعا وكأنه البارحة

“إذا انتهت علاقتك يوماً بإنسان أحببته .. فأودع ذكرياتك معه في صندوق وأغلقه بإحكام ..”

عادت بالذاكرة لتلك الأيام الجميلة وقصة حبها لقريب جدتها الذي كان يقيم معهم ريثما ينهي دراسته الجامعية، وإذ بصوت موظف الاستقبال يناديها ..

تفضلي أنسة ريما ..

دخلت تحاصرها الذكريات وجلست على الكرسي وفتحت فمها للطبيب ثم أغمضت عيناها فهي تكره منظر إبرة التخدير المؤلمة ولكن مهارة الطبيب خففت الألم وبدأ في عملية حفر السن  ..

مع صوت مثقاب الأسنان المنتظم عادت لذكرياتها، لم يصارحها بأنه يحبها رغم أن كل مافيه كان ينضح بها ..

تعابير وجهه وعيناه وارتعاشة يده عندما يصافحها وابتسامته الخاصة لها التي تشعر بها الانثى، ولهفته للسهر معها كل ليلة .

سألها الطبيب : هل تشعرين بألم ياريما ؟

أجابته : لا دكتور يمكنك المتابعة ..

نظر الدكتور إليها باستغراب وقال : جيد ..

لن تنسى تلك اللحظة التي لم تجد لها تفسيراً إلا بعد سنوات كانت قد لاحظت فيها تهربه من لقائها بعد تلك اللهفة والشغف للجلوس معها ومحادثتها والتقرب منها، استغربت .. مالذي غيره ؟؟

قررت أن تحاول فهم أسباب تغيره نحوها، ذهبت لبيت جدها المجاور لهم نظرت إليه فأشاح بوجهه عنها استفزتها حركته تلك، وزادت من جرأتها للحديث معه ولو بشكل غير مباشر …

ريما : هل أستطيع أن أتحدث معك قليلا يانادر ؟؟

ببرود يرد نادر : نعم تفضلي ..

ريما : مالذي غيرك ؟؟ لم كل هذا الجفاء .؟؟ !!

نادر يتحدث بشكل رسمي وكأنه لايعرفها: عن أي جفاء تتحدثين وهل هناك شيء بيننا لوصفه الآن بالجفاء؟

ريما مذهولة تقول : ولكن أنت قد تغيرت معي ؟؟

لم تجرؤ أن تقول له …

أبعد كل تلك السهرات التي كنت تغازلني فيها بكل الكلمات عدا كلمة واحدة لم تنطق بها …  تقول أن لاشيء بيننا ؟؟

حتى أنك كدت أن تنطق بها اكثر من مرة .. سمعتها منك .. نعم سمعتها بقلبي .. شعرت بها بكل أجزاء جسدي الذي كنت تنظر إليه بشغف ومحبة ..

كادت الدموع تنهمر من عينيها ولكن تلك القوة الأنثوية بداخلها حركت نزعة الكبرياء فيها ..

نظرت إليه بعيون تحمل ألف سؤال وسؤال ..

نظر إليها بابتسامة خفيفة وكأنه يواسيها وقال لها : عن إذنك سأذهب للنوم باكرا الليلة ..

انسحب بهدوء نظرت إليه وهو يمشي مرتبك الخطوات .

تسمرت قدميها على الأرض، أحست وكأن قلبها يغادرها ويرحل معه،

حركت رأسها قليلا لتنفض الذكرى عنها فقد تسارعت نبضات قلبها بشدة وكأنها تعيش اللحظة مجدداً .. مع أنين خافت صدر عنها لاشعورياً ..

سألها الطبيب : مابك يا ريما هل تتألمين ؟؟

اضطربت وبخجل ردت : قليلا دكتور ..

ابتسم الطبيب وقال : معك حق فنزع العصب مؤلم حتى مع التخدير وقد استغربت هدوءك اليوم ..

ابتسمت بشكل خفيف لأنها شعرت بألم حقيقي هذه المرة، وقالت : هل انتهيت دكتور ؟؟

أومأ برأسه موافقا …

وطلب منها أن تعود للجلسة النهائية مطمئناً إياها أن الجلسة القادمة ليس فيها اي ألم لأنه سيغلق السن بحشو ثابت ..

خرجت من العيادة وهي تهز برأسها يمنة ويسرة، لتنفض عنها الذكريات القديمة .وبقي سؤالاً واحداً لم تجد له سوى إجابة وحيدة.

لماذا تعود لهذه اللحظات كلما سمعت أو قرأت شيئا عن الماضي؟

لماذا هذه اللحظة بالذات؟إنها مشاعر أنثى أحبت بصدق وخُذلت … هكذا بررت الأمر لنفسها أثناء تشغيلها لمشغل الأغاني في السيارة ..لتسمتع لفيروز وتردد معها، كنا نتلاقى من عشية.

 

 

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :