أوْرسَة الخَوْف

أوْرسَة الخَوْف

قصة قصيرة / فاطمة بركان

شُومَاف ذَلِكَ الرجل التعيس ، لقد أخبروه بأن الشمس في الخارج حارقة و الهواء خانق ، و بأن الأرض عبارة عن طين لزج يبتلع البشر ، قالوا له إياك أن تجرؤ حتى . استسلم لكلماتهم و صدقهم ضاعفا و أمضى السنوات تلو السنوات خلف بابه ،مسدلا الستائر العتيقة التي شكلت عقبة في طريق كل بقعة ضوء تحاول الدخول عنوة. كانت حياته أشبه بالموت و نظراته أقرب للعمى. ذات يوم تحرك داخله شعور ما، بعدما استطاع طائر الحسون خرق الوحدة التي طوقت ذلك الكيان كان الحسون يبحث عن غذائه من الأشواك البرية التي أطبقت قبضتها على الجوار . كان طائرا ينحدر من سلالة عريقة قد تكون تلك التي يحكى بأنها نجحت في الفرار خلال العصور الوسطى من محاولة استخدامها كطلاسم ضد مرض الطاعون . و على مر سنوات طويلة و حتى الأ٦ن كان ينظر للحساسين الأوراسية على أنها رمزٌ من رُموز الصبر والتحمُّل، والمُثابرة. يكفي أنها كانت تتمكن من الوقوف على سوق الأشواك لفترات طويلة دون أن تتفوه بالألم . و لقد كانت تلك الهالة المحيطة بهذا الحسون كفيلة بتحطيم سلبية الظلام الموحش . كان صوته الرخيم العذب سببا في خلق ذلك الشعور في قلب شومارف ، لقد كان شعورا يدعوه لتمزيق شرنقة الوحدة ، و لفرد ذراعيه فيما وراء حدود الغرفة . ازداد صدره في الانشراح و دعته الحياة لحضن فريد ،ها هو يتخذ قراره بكسر كل القيود التي تكبل أحلامه ، ليمضي بخطوات مرتجفة اتجاه منفذ الخروج ، كانت رهبة الموقف تقل شيئا فشيئا مع كل مسافة يقطعها نحو ذلك المجهول . أصبح الصوت يبدو أكثر وضوحا كلما تقدم رافعا حلمه، و رائحة الأمل في الخارج تخترق عتبة الباب لتتسرب إلى كامل حواسه . ازداد حماسه و بدأ ذلك القيد اللعين يلين و ينصهر أصبح قادرا على فرد أصابعه التي أصدرت تلك الفرقعه التي أضحكته بشدّة . اقترب أكثر فأكثر دافعا ذلك الباب بقدميه ليخلق أشلاء من شبكة العنكبوت المعمرة في شقوق تفكيره طيلة أعوام . البعض منها تطاير داخلا لعينه فأغلقها بشدة و ماهي إلا ثوانٍ حتى حاول فتحها مستظلا بكفّ يده ليصد بهرة الضوء الذي شق طريقه شامخا منتصرا في الأرجاء يا الله ماهذا الشعاع الدافئ ما هذه الرائحة التي تعبق الجو كان كل شيء يبدو جميلا ، قال محدثا نفسه لماذا أوهموني بأنه قبيح؟ احتضن جسده بشدة ليشتم ملابسه ، اتسعت حدقته من الدهشة ، متسائلا أين الحريق؟ صاح بأعلى صوته، إن الشمس لا تحرق أحدا لا تحرق أحدا ، الخوف وحده من يحرقنا . شوماف: اسم قوقازي معناه فارس اليوم

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :