إعدامات أبريل !! شهر أبريل.. فِي ذّاكرة التّاريخ الِلّيبيّ

إعدامات أبريل !! شهر أبريل.. فِي ذّاكرة التّاريخ الِلّيبيّ

  • شُكْري محمّد السنكي 

السّابـع مِن أبريل، ذكرى مؤلمة وموجعـة فِي تاريــخ ليبَيا.. ذكرى «حفلات الإعدام» الّتي كان يقيمها معمّر القذّافي كل سنة فِي السّابـع مِن أبريل، خلال سنوات حكمه الطويلة البغيضة.. إعدامات فِي الميادين العامّة، وفِي مناطق البلاد المختلفة.. فِي الجامعات حيث كان الطلبة فِي جامعتي طرابلس وبّنْغازي يساقون ليشهدوا إعدام زملائهم شنقاً فِي ساحات الجامعــة، وذلك بعد تصدي الطلبة لقمع الحريّات وتغييب القانون ورفضهم لتداخلات السّلطة فِي شأن اتحادهم الطلاّبيّ وصدهم لمحاولاتها لجعل الاتحاد بوقاً لها، فيما عُرف بمظاهرات يناير 1976م.. وبداية الإعدامات العلنية فِي الجامعات والشوارع والميادين العامّة، كانت فِي مدينة بّنْغازي يوم 7 أبريل 1977م. ففي يوم 7 أبريل 1977م، قامت سّلطات معمّر القذّافي بإعدام محمّد الطيّب بِن سعود وعُمر علي دبّوب شنقاً في «ميدان الكاتدرائية» والمعروف أيْضاً بـ«ميدان الاتحاد الاشتراكــي»، وفِي نفس اليوم والسّاعة أُعدم شنقاً عُمر صّادِق الورفلي المخزومي «مطرب»، وأحمَـد فؤاد فتح الله «عامل مصري الجنسيّة» فِي ميناء بّنْغازي، وشاهد المواطنون المتواجدون فِي الميناء ونواحـي ميدان الكاتدرائية، مشاهد الإعدام المفزعة وأرواح هؤلاء الأبرياء الطاهرة تفارق الحيَاة بعْد تعليقهم على حبل المشنقة. 
أقدّم نظام القذّافي الّذِي ولّى غير مأسوف عليه، على إعدام الشخصيتين المثقفتين اللامعتين عُمر دبـّوب، محَمّد بِن سعود، وأصر أنّ تكون عمليّة الإعدام فِي ميدان عام، وطلب مِن منفذي الجريمـة ترك الشهيدين معلقين مدة ست ساعات متتالية على حبل المشنقة، ثمّ أمر وسائل إعلامه نقل مشاهد الإعدام فِي وسائل الإعلام المرئيّة، وعلى صفحات الجرائد. 
وتوالت بعد ذلك «حفلات الإعدام» فِي شهر أبريل مِن كلِّ عام.. أُعدم مُصْطفى ارحومة النويري شنقاً فِي السّاحة الواقعة بين كليتي القانون والطب، بجامعة بّنْغازي، حيث اقتيد النويري إِلى حبل المشنقة، ثم تركوه يتدلى، ليلقى وجه ربه الأعلى، وذلك فِي أبريل 1984م. وأُعدم رشيد كعبّار فِي جامعة طرابلس يوم 7 أبريل 1983م، وقد أُنزل مِن سيارة عسكرية مصفحة، واقتادته مجموعة من الغوغائيين إِلى حبل المشنقة ظلماً وعدواناً، كمَا فعل الطليان الفاشست بجده المجاهد الهادي كعبّار. كذلك، أعدم فِي الجامعة محمّد مهذب حفاف وحافظ المدني.. وغير هؤلاء كثيـــرون. 
إعدامات كانت تنقل مباشرة على شاشات التلفزيون، ويرغم النَّاس على حضورها، وتحدث وسط انطلاق الأهازيج والأغاني والزغاريد والتصفيـــق، وكانت مجموعة الغوغائيين تردد وراء المجذوب الهتافات القائلة: 
اطلع ياخفاش الليل.. جاك السابع من ابريل
ثورة ياثورة.. بالعقيد منوره
يامداير للمرأه شان ..عليه انموتو في الميدان
النارالنار.. الدم الدم … الطالب علي الموت امصمم
ولا ننسى أيْضاً التصفيات الجسدية الّتي كان يقودها نظام القذّافي ضدَّ معارضيه فِي الخارج فِي شهر أبريل، كاغتيال الشهيد محَمّد مُصْطفى رمضان في لندن يوم 11 أبريل 1980م، والشهيد عبْدالجليل عارف في روما يوم 19 أبريل 1980م، والشهيد عبْداللطيف المنتصر في بيروت يوم 21 إبريل 1980م، والشهيد محمود عبْدالسّلام نافع في لندن يوم 25 إبريل 1980م، ضمن حملة نظام القذّافي المسعورة ضدَّ معارضيه وملاحقتهم فِي كل مكان وتصفيتهم جسدياً منذ أن أطلق النظام عليهم اسم «الكلاب الضالة»، وقاد حملة ضدَّهم تضمنت عمليّات اغتيال وخطف بل حتَّى تسميم ذوي المُعارضين وأطفالهم مثلما حدث مع آل قصودة حينما قام أحد عناصر حركة اللّجان الثّوريّة في 11 نوفمبر 1980م، بتسميم الطفلين كريم وسعاد قصودة ببيت والدهما بمدينة بورتسموث في المملكة المتَّحدة. وقد بدأت عمليّات اغتيال المُعارضين فِي الخارج العَام 1980م وذلك يوم أن أطلق أعضاء لّجان القذّافي الثوريّة الرصاص على الشهيد محَمّد سَالم الرتيمي فِي روما العاصمة الإيطاليّة فِي 21 مارس 1980م، وتواصلت تلك العلميّات حتَّى طالت عشرين مناضلاً وكان آخرها، اغتيال محَمّد عَلي أبوزيد في لندن فِي شهر نوفمبر 1995م. 
أخيراً، لن ننسى أبريل ومَا حدث فيه مَا حيينا، وسنظل نذكر دبّوب وبِن سعود وكل شهداء نظام القذّافي الباغي بفخـر واعتزاز. لقد سجل هؤلاء الأبطال صفحات ناصعة البياض فِي سجل تاريخنا الوطنيّ ونضال الِلّيبيّين ضدَّ الحكم الشمولي ونظام الاستبداد، وستبقى ذكرى هؤلاء حتماً حيّة فِي قلوبِ وذّاكرة الِلّيبيّين الشرفاء أبد الدّهر، ولن تبقى أفعال معمّر القذّافي وسنوات حكمه إلاّ فِي صفحات التّاريخ القاتمة السواد. 
سنظلّ نذكر هؤلاء بالفضل والفخر واﻻمتنان حتَّى يوارينا التراب، وسيظل يذكرهم التاريـخ إِلى قيام السّاعــة.. رحمهــم الله جميعاً وغفر لهم وجعل جنّات النعيــم دارهـــم ومأواهــــــم.

رشيد كعبار
مصطفى النويري وطفلته
الطيب بن سعود


شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :