ألو… بُني

ألو… بُني

  • نجوى التوهامي

خوفي عليك يأكلني
أنا على خط النار…ودوما كنتُ في الصفوف الأمامية…فلا تخافي ياأمي.
أتذكرين كيف كنتُ في المقدمة دومأ..
في فرقة النظام بحفلات الفصل، في رحلات الكشافة، في الكراديس العسكرية بالمدرسة؟
وأنا الآن أستند على بندقية لعينة ، بعد أن غادرتُ البارحة كتفك….فلا تخافي ولاتقلقي.
ها أنا أفلُتُ من رصاصةٍ متوهجة فتصيبُ زميلي الذي لم يكمل حكايته على حبيبته معي
أهرب من صاروخ منطلقاً من مكان تغدينا فيه بالأمس وضحكنا
وأنا أرد بقنبلة، وأردد …الله أكبر
وأضحك بدموعي.
ما هذا الهراء يا أمي… ما هذا الكفر بحق الله
ألو أمي…. لا أسمعك جيدا
هنالك صراخ جنود يطلبون النجدة
كنتِ تقولين لي دوما:
ساعد الآخرين، لأن الله سيساعدنا جميعا…
فالحياة جميلة بمساعدة الآخرين يابني، ولكنهم جاءوا كذلك لثكلك يأمي.
تبا لهذه الحرب اللعينة التي تأتي بدون إذن الله،
كبرنا ونحن نكذب ونكره بعضنا، ولم تكونوا أنتم كذلك.
ونسينا بأن العالم سيحترق لوحده يوما، حينما لن يجد الحب.
وأنا كذلك….
لا أملك الآن إلا أن أدير وجهي للجهة المقابلة…وأكذب
وصلنا يا أمي إلى مرحلة سيئة…سيئة جدا من (الحيونة)
ولازلنا نبحث عن الإنسانية
فكيف لي أن أكتب أنني أحبك، وانا على بعد خطوة من الموت؟
كعلب فارغة أركل الجثت أمامي،
هل تعي أي وجع فيه أنا الآن؟
أن يكون صديقي الذي أصبته الآن في مقتل، هو ذاك الذي أصلح لي إطار سيارتي بالأمس حينما تعطلت بي في الطريق، وأنت واقفة تمدين يديك في تضرع، وتدعين له بامتنان مقدس 
(الله يربحك ياوليدي ويطول في عمرك)
هل تعي يا أمي أي محرقة فيها أنا الآن؟
لا أحد يملك القدرة على كنس كل هذه الأشياء الممزقة بقلبي.
تبا لهذا الخيار الوحيد الذي نملكه، وأُوهِمنا إننا أقوياء به.
وتبا للحب…. لكل ذاك الحب الذي لم يعد قادرا على تغيير أي شيء كريه.
لا تبكي يا أمي…. فأنا بخير
مادمت ممتلأً بك، وبالوطن
فكلما مددت يدي وأطلقت قذيفة 
أجدني أسحب اسمك مغمورا بطيبه.
منتصرٌ بك يا أمي رغم أن الهزائم التي بداخلي كثيرة….كثيرة جداً 
كأصدقائي الموتى المنتشرين أمامي على الأرض.
…….
استودعك الله يافردوسي
وأدعو لحيرتك وبكائك
ودم القتلى 
ورجل واحد لا يكذب
واحد فقط يحبك يا الله،
انصر به هذا الوطن.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :