الآثَارُ القَانُونِيّةُ المُتَرَتّبَة عَلَى زَوَاجِ اللّيبِيّاتِ مِنْ أجَانِب

الآثَارُ القَانُونِيّةُ المُتَرَتّبَة عَلَى زَوَاجِ اللّيبِيّاتِ مِنْ أجَانِب

المحامي :: أحمد خميس

. 1ـ الليبية التي تتزوج من أجنبي قد تفقد جنسيتها، وهي لا تمنحها لزوجها، وربما لأولادها من أهم الآثار القانونية المترتبة على الزواج المختلط في ليبيا هو ما يتعلق بمسألة فقد وكسب الجنسية. فإذا تزوجت الليبية من أجنبي واكتسبت الجنسية الأجنبية، فإن زواجها هذا يفقدها جنسيتها الليبية، حيث نصت المادة 5 من قانون الجنسية الليبي رقم 24 لسنة 2010 على أنه “يفقد الجنسية الليبية من يكتسب باختياره جنسية أجنبية، ما لم تأذن له بذلك وزارة الداخلية“. وقد ترك القانون المذكور الباب مفتوحا أمام المرأة الليبية التي تتزوج من أجنبي، فإذا هي رغبت في اكتساب جنسية زوجها باختيارها، أو أعطاها قانون دولة زوجها جنسيته، فإنها تفقد الجنسية الليبية، إعمالا لنص المادة السابقة. وبالاطلاع على قانون الجنسية، يلاحظ أنه منح الجنسية لثلاث فئات فقط، وهي: “كل من ولد في ليبيا لأب ليبي، أو من ولد بالخارج لأب ليبي، أو من ولد في ليبيا لأم ليبية وأب مجهول الجنسية، أو لا جنسية له، أو كان مجهول الأبوين“ . وكما هو واضح، فقد حرم هذا القانون زوج الليبية المتزوجة من أجنبي وأبناءها من الجنسية الليبية، وهم يعتبرون من حيث الأصل أجانب. وبالرغم من أن المادة 11 من القانون أجازت لمصلحة الجوازات والجنسية بوزراة الداخلية منح المتزوجة من أجنبي الجنسية، غير أن هذه المادة غير فعالة في الواقع العملي لسببين: ـ هذه المادة لا تلزم ولا تجبر السلطات في ليبيا بمنح الجنسية لأبناء الليبية المتزوجة من أجنبي، وإنما تركت للسلطات ذات الاختصاص مطلق الحرية واعتبرت المسألة جوازية من حيث المنح أو الرفض، من خلال قولها “يجوز منح …”، وعلى خلاف ذلك، فإن أبناء الليبي المتزوج من أجنبية، يعتبرون ليبيين ويتمتعون بالجنسية الليبية بقوة القانون، ما يعتبر تمييزا واضحاً. ـ المادة نفسها (المادة 11) قيدت منح الجنسية لأبناء الليبية بما تنص عليه اللائحة التنفيذية للقانون، ووفق نصوص المادتين السادسة والسابعة من هذه اللائحة، هناك العديد من الضوابط المتعلقة باكتساب الجنسية في هذه الحالة. حيث لا يجوز منح الجنسية لأبناء الليبية إلا بعد أن يبلغوا سن الرشد، إلا في حالة كان الوالد متوفياً أو مفقوداً بحكم القانون. وإذا بلغ ابن الليبية المتزوجة من أجنبي الرشد، فيجوز أن تمنح له الجنسية الليبية بعد طلبها، وبعد موافقة الوالدين، والجهة المختصة بوزارة الشؤون الاجتماعية على الزواج الذي كان قد تم بين أبويه، كما جاء في اللائحة أنه يحظر منح الجنسية الليبية لأبناء المواطنات الليبيات المتزوجات من فلسطيني الجنسية. 2ـ حقوق التعليم والصحة والتملك لا يحق لأبناء الليبية المتزوجة من أجنبي التمتع بمجانية التعليم والرعاية الصحية، بسبب اعتبارهم أشخاصاً غير ليبيين، حيث يصادر حقهم كاملاً في المواطنة. ولايعترف لهم بأية حقوق مدنية أو سياسية. كما أن التشريعات الليبية لا تعطي للأجنبي المتزوج من ليبية الحق بتملك العقارات والمباني إلا لغاية استثمارية، وبشرط شراكته مع أسهم ليبية أو رأس مال ليبي، أما تملك المنقولات فجائزة وممكنة. وفضلا عن أنه لا يمكن للرجل الأجنبي المتزوج من ليبية أن يتملك عقاراً في ليبيا في حياتها، فإنه إذا توفيت زوجته، تثير مسألة انتقال الميراث إليه إشكالية، من حيث إمكانية انتقال ملكية العقار إليه، في ظل عدم جواز تملّكه في ليبيا، طالما أنه لا يملك جنسيتها. فيما يمكن انتقال ملكية العقار للأولاد الناجمين عن هكذا زواج بمجرد وفاة الأم. وبالرغم من أن الحق في التعليم والصحة مكفولان بموجب المواثيق الدولية ولا يجوز التمييز فيها، إلا أن وزارة التعليم التابعة لحكومة الوفاق الوطني في ليبيا أصدرت قرارا حددت بموجبه وفرضت رسوما مالية على كل شخص أجنبي يرغب في الالتحاق بالمدارس الحكومية، ولم تستثن من ذلك أبناء الليبية، فيما أن أبناء الليبي يمكن لهم الدراسة مجانا. وفي هذا السياق، أوضحت “ع. م” (45 عاماً)، وهي امرأة ليبية من “سبها” ومتزوجة من شخص سوداني الجنسية، أنها تعاني وضعاً تمييزياً صعبا للغاية، وذلك عقب حصول ابنتها على معدل عالٍ في الثانوية العامة، غير أنه من ذلك تعذر التحاقها بكلية الطب البشري في ليبيا، كون هذا التخصص مقصورا على الليبيين فقط، ومع افتراض إمكانية دخول هذا التخصص في بعض الجامعات، فلابد من دفع مبالغ مالية كبيرة نظير ذلك. 3ـ صعوبة استخراج المستندات ومن الإشكاليات الأخرى التي تواجه الليبيات المتزوجات من أجانب صعوبة الحصول على الأوراق والمستندات الثبوتية، خصوصا إذا لم تأذن الجهة المختصة بهذا الزواج، أو ماطلت فيه، إو في حالة تم الزواج خارج ليبيا وكان هناك احتياج لإجراءات داخل ليبيا كعودة المرأة الليبية المتزوجة من أجنبي مع أولادها لزيارة بلدها التي لا تعترف لها بهذا الزواج. وفي هذا الصدد، قالت “م. خ” (33 عاما)، وهي ليبية متزوجة من شخص مصري الجنسية منذ عدة سنوات، إنها تشعر بالندم على زواجها كلما فكرت بمصيرها ومصير ابنها وزوجها المختطف على أيدي مجموعات مسلحة. وقالت في إفادة لفريق الأورومتوسطي: “لو تزوجت من شخص ليبي الجنسية لما كان هذا وضعي، حيث لم أتمكن من الحصول على أوراق ثبوتية لابني من مصلحة الجوازات والجنسية، خاصة وأن زواجي تم دون موافقة من وزارة الشؤون الإجتماعية“. وأوضحت “م. خ” أنه من الصعب عليها الحصول على وثائق ثبوتية من السجل المدني للدولة الليبية، الذي يرفض التعامل مع أي ليبية تتزوج من أجنبي أو مع أبنائها، وخاصة لو تم الزواج بالأجنبي دون موافقة وزارة الشؤون الاجتماعية.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :