الإبهار في تجربة البوسيفي الإبداعية :: إطلالة سريعة !

الإبهار في تجربة البوسيفي الإبداعية :: إطلالة سريعة !

بقلم :: محمد الزنتاني 

عن منشورات دار الرواد ، و من مطبوعاتها للعام 2017 م ، صدرت المجموعة الشعرية ” لعلّها شجرة بعيدة ” للشاعر محمود البوسيفي .

محمود البوسيفي طاقة أدبية إبداعية خلاّقة ، تقدم نفسها عبر نصوص متأنية ومبهرة ، لم يشغلها الهم الصحفي ، رغم انشغالها الطويل به ، و الذي أعطت له أبعادا مهنية مهمة ، و أسبغت عليه أسلوبا كتابيا خلاّقا ، عبر مسيرة مضنية لكنها ناجحة إلى حد كبير .
فمن الإبداع الفني في الكتابة الصحفية المتجاوزة ، و السرد المبهر للحدث و الأحداث من خلال المتابعات الجادة للشأن السياسي و الاجتماعي و الأدبي ،
إلى تجليات النصوص الشعرية في معانقتها الحميمة لمدرسة الارتجال التي دأبت دائما على التواشج مع طرائق السرد المتدفق الحر ، بلغة سهلة و مرنة ، و لكنها لا تنصاع و لا تطاوع إلا من عمل بدأب للكشف عن أسرارها و مكنوناتها . .
من خلال كل ذلك أشعر بسعادة غامرة ، وأنا أتابع هذا الدفق و التدفق ، النابع من روح شفافة لا تريد أن تكف عن البوح و التجلّي ، و التي أبهرتني في أوقات سابقة عدة مرات ، وآخرها من خلال نص ( عاصفة البنت ، التي عبرت الشتاء دفعة واحدة ) و الذي قرأته قبل إدراجه في هذه المجموعة !
اتسمت التجربة الابداعية للأستاذ محمود ، وفقا لما تيسر لي من متابعته في أوقات سابقة بالإبهار ، و ذلك من خلال قدرتها و تمكّنها من خلق الكثير من الكائنات خلقا فنيا بديعا ، يشعل فيها جذوة الحياة و ينثر عبر تفرعاتها المتشعبة و المتعددة ، الدهشة في كل مكوناتها المتخيلة ، فتنبجس الإضاءات الباهرة عبر الدروب المعتمة ، و تجعل الحقول تجلي عنها قتامة الأفق ، و تطلق نسائمها لتنعش الجوار ،
فلعل بعض الومضات من هذه المجموعة الشعرية الرائعة ، تقودنا إلى رمزية صورة الغلاف البديعة ، و إلى ما يمكن أن يبوح به العنوان المبهر!
أعني . . ” لعلّها شجرة بعيدة ” !
أو لعلّها حقا و كما أراها في الواقع شجرة بعيدة ، لكنها في الإبداع ، ربما تقبع بكبرياء و أنفة في الجوار ، لمن يريد أن يترصّد و لا يفقد الأمل !
()
في ركن الممر الأنيق ،
يرتعش قنديل كهربائي ،
من خامة الزنك !
(
)
قال الصبي أمام المصعد :
إن الضوء ، يلعب !
. .
و لم يقل أحد من الواقفين أمام الباب المغلق ،
شيئا ،
رغم أنه لم يكن أمام المصعد ،
أحد غيري !
()
لا طير في الأفق ،
لا رائحة للبرتقال !
(
)
يهرم الشاعر تحت سترته ،
لكنه حين يقف ،
شاهر قلبه ،
يسترد العواصم و الهواجس ،
و لا يعود يفكر ،
إلا بالنساء !
()
أسدل الستائر ،
و أحكم إغلاق النوافذ ،
تحقق من قفل مصادر المياه و مفاتيح الإضاءة ،
جمّد بقية الجملة في حنجرة المذيع ،
سمع الصمت يعربد في المكان ،
. .
على الأحلام ، سحب الغطاء إلى رأسه ،
و تكوّم كجنين ،
و نام !
(
)
نهارات مايو ،
تشبه الثياب القديمة !
()
ما زلت أيها الدرويش ،
ممعنا في ابتكار النوايا الطيبات ،
ما زلت تفترض البياض !
(
)
لا شيء يثير الدهشة في الجوار ،
لا شيء تقريبا !
()
لم يعد ثمة سياج حول حقل القرنفل ،
حتى أنه لم يعد هناك داع ،
للذهاب للنوم . .
لاصطياد ما تبقى من ضحك ،
و ما تيسر من بكاء !
(
)
لا تكترث ،
سوف يأتيك البريد بحصيلة الخيبات !
. . . . .
(( و من تضاعيف ” كتاب الغربة ” المدرج في المجموعة ، نقتطف )) :
()
الغربة ، أن تبتكر حديقة ،
دون عطر !
(
)
الغربة ، أن تتبعثر ،
و لا أحد في الجوار !
()
الغربة ، محطة خارج الطريق !
(
)
الغربة ، لهاث لا يتوقف !
. . .
(( تحية محبة و تقدير و احترام ، للمواطن الليبي محمود البوسيفي )) !

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :