الايام دول .. وكل دولة ورجالها …. شعبان يونس الثائب

الايام دول .. وكل دولة ورجالها …. شعبان يونس الثائب

24 ديسمبر كان يوماً من أيام ليبيا الخالدة وعيداً وطنياً بامتياز ، غنى فيه الاباء والأجداد ورقصوا وهتفوا للملك ادريس السنوسي المفدى صانع الاستقلال وسليل الفاتحين وباني نهضة ليبيا ورمز الدولة المدنية الحديثة ، ولم يكن يخطر ببال  الملك او احد من رجاله اومن شعبه بان احتفال 24 ديسمبر من عام 1968 سيكون اخر احتفال بهذا العهد ، وسياتي يوماً جديدا يصبح  فيه هذا الملك الذي غنوا له وتغنوا بأمجاده  طيلة ثمانية عشر عاماً  خائناً وعميلاً ورجعياً  وعهده الذي كان مجيداً سيصبح بائداً ومتعفن ، وتنقلب عليه جميع وسائل الاعلام التي كانت الى غاية 30 اغسطس 1969 تتغنى بامجاده وامجاد مملكته ، وتتحول بعد يوماً واحداً فقط من هذا التاريخ الى اعلام مضاد يساهم بفاعلية في تشويه حقيقة النظام الذي انقلب عليه مجموهة من ضباطه الذين اقسموا العهد على حمايته ، وبفضل شراسه هذا الاعلام انقلب مع الايام حب الناس للنظام الملكي وللملك الي نقمة وكره  ، ونشاء جيل باكمله لا يعرف شئيا عن ليبيا ما قبل القذافي .

انتهي حكم الملك ادريس السنوسي  بمحاسنه ومساويه ورحل هو ورجاله وحل محله نظام القذافي وجماعته بمختلف مسمايتهم ، وتجسدت حقيقة الايام دول وكل دولة ورجالها على ارض الواقع باعتبارها حقيقة تاريخيه لا بد منها مهما طال زمن الحاكم ورجاله او قصر ،  لقد انتهى عهد الملك وجاء عهداً جديداً اصبح فيه الملازم معمر ابومنيار القذافي عقيداً والرجل الاول في ليبيا وقائداً وملهماً وزعيماً وصقراً وحيداً وباني ليبيا الجديده وانه مجدها وليبيا قبله لم تكن تساوى شئياً وبعده وبدونه لا تساوي شئياً واصبح يوم   الاول من سبتمبر او الفاتح من سبتمبر كما كانوا يطلقون عليه هو عيد الاعياد واليوم الذي تربع فيه ملك الملوك على عرش ليبيا ، رقص فيه الليبيون ايضاً وغنوا وصفقوا ليوم التحرير والانعتاق النهائي الذي اصبحت فيه ليبيا تقود العالم نحو التحرر ، صرفت المليارات على الشعارات الجوفاء ، ومليارات اكثر  على احياء هذا اليوم ، والشعب المسكين المغلوب على امره  يصفق مجبرا وهو لا يملك قوت يومه ، يقف في طوابير الاحتفال وكراديسه جائعا  متحسراً وهو يشاهد في تبدير وتبديد قوته وقوت ابنائه على نزوات الزعيم  وهداياه الذهبيه والماسيه لظيوفه  والتى بلغت دروتها في العيد الواحد والاربعين الذي اهدى فيه لكل ضيف من ضيوف الاحتفال قلاده وعقد ذهبيان ، ولم يخطر بباله وبال المحيطين به والمحتفلين معه بان هذا الاحتفال وبهذا البدخ سيكون الاخير بهذه المناسبه ، وان العيد القادم سيحل عليه  وهو خائفاً مرتعدً مختفياً في جحور تحت الارض ، وانه سيشرب من كاس اكثر مراره من الكاس الذي سقاه لمن كانوا قبله في الحكم وانقلب عليهم ، وانتهى هو ورجاله وعيد اعياده في مشهد تريجدي مساوى من اكثر المشاهد ماسويه وتريجيدية عبر التاريخ .

انتهى 1 سبتمبر كما انتهى 24 ديسمبر من قبله ، وجاء بعدهم 17 فبراير ، واصبح العهدان الملكلي والجماهيري من الماضي ، الساحة الخضراء التى كانت مطلية باللون الاخضروتعج بالرايات الخضراء واللافتات التى كانت مؤيده للقائد والصقر والزعيم وملك الملوك عادت الي اسمها الاول ميدان الشهداء وتزينت بالرايات المخططه واللافتات التى تتغني بالحرية والانعتاق الحقيقي وتندد بجرائم الطاغيه ، والاعلام صار هو ايضا يتغني بانتهاء عهد الطاغي والديكتاتور والشاد والفاسق والمجرم  الذي كان بالامس مسخرا له وحده ولا يذكر فيه احدا بالاسم غيره باعتباره  قائداً ومعلماً وزعيماً وملك الملوك ، ومرة اخرى تبرز حقيقة الايام دول  وكل دولة ورجالها ، وانتهى دور القذافي ورجاله واصبحوا مطلوبين ومطاردين وبرز دور رجال 17 فبراير ، وهذا حال الدنيا وسنة الله في خلقه والايام دواره ولا تدوم لا حد .

خلاصة القول يا ساده .. ان 24 دبسمبر و1 سبتمبر و17 فبراير مجرد تواريخ ينتهى بريقها بغياب رجالها وانتهاء عهدها ولايبقي سوى اثرها وذكرها في متون التاريخ بما قدمته من صالح الاعمال او طالحها والايام كفيلة باظهار حقيقة رجال كل عهد ، اعياد كثيرة وتواريخ  يصعب حصرها كان يحتفل بها اجدادنا قبل 24 دبسممبر عبر تاريخ ليبيا الطويل ، كانوا يعتقدون وهم يحتفلون بها  انها اعباد دائمه ولا يتخيلون ابداً بانها ستكون في يوم من الايام من الماضي ، وبان من يحتفون به ويحتفلون بيوم جلوسه على العرش ويعتبرونه الزعيم وان لا زعيم بعده سينتهي كما انتهوا من سبقوه ، ولا يبقى من ايامه سوى ما قدمه لشعبه ووطنه وان دولته ستبيد كما سادت دات يوم  ، وبالمقابل اعياد كثيرة وزعماء عددهم في عالم  الغيب سيحتفل بهم ابنائنا واحفادنا بعد 17 فبراير في مستقبل الايام .

لقد رحل اجدادنا من قبلنا ، وسنرحل نحن كما رحلوا وسنترك خلفنا ابناء واحفاد كما تركونا ، ومن تركناهم هم ايضاً سيرحلون ويتركون عالمهم لغيرهم كما تركناه لهم وتركوه لنا ، انها سنة الحياة التى يجب ان نتعلم منها باننا لا نملك من اوطننا بل ومن الدنيا كلها سوى الفترة التى كتبها الله لنا بان نعيشها ، وهي بمقياس الزمن قصيرة جدا ولا تساوي قطرة من بحر او حبة رمل من حبات رمال الصحراء الشاسعه ، كلنا راحلون مهما طال بنا الزمان وهذه الارض الطيبة باقية ، والاوطان بالنسبة لنا ليست اكثر من محطة ونحن مجرد عابرون منها ، وليست اكثر من امانات يتداول استلامها الخلف عن السلف ، والواجب الوطنى والاخلاقي يفرض علينا تسليم هذا الوطن  لمن سياتي بعدنا افضل مما وجدناها عليه او على الاقل كما هو وليس اسواء ، وانه من العيب بل جريمة لا تغتفر ان ندمر ما بناه الاجداد عبر تاريخ بلادنا الطويل ونترك للاحفاد  واجيال المستقبل انقاض وطن ستظل لعتة تدميره تلاحقنا الي ابد الابدين ، فهل من استفاقه لا اصلاح ما تم افساده قبل فوات الاوان .. الفرصة مازالت امامنا ان عرفنا كيف نستفيد منها ، وتنازلنا عن انانيتنا من اجل اجيال المستقبل .

شعبان يونس الثائب

9/08/2015

 

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :