• قصيدة د. زينب أبو سنه
أنا زَينَبُ الصُّغرَىٰ، سَمِيَّةُ جَدَّتي
بِنتُ البَــتــــولِ كَــــريمَةُ الآبـــــاءِ
وأبي عَلِيٌّ بابُ عِلمِ المُصطفىٰ
الفـــارسُ المِغوارُ في الهَيْجـــاءِ
وسَليلةُ الحَسَنَينِ سِبطَيْ أحمَدٍ:
وهُما “الحَليمُ”، و”سيِّدُ الشُّهداءِ”
جَدِّي رَسولُ اللهِ، وهْوَ حَبيبُهُ
«طَــهَ» النَّذيــرُ وأعظَمُ البُشَراءِ
مَنْ فِي الخَليقَةِ والدُّنىٰ كمُحمدٍ
أهدَىٰ إلىٰ الأكوانِ كُلَّ ضيــاءِ
في كُلِّ عَصرٍ فارِسٌ ومُجدِّدٌ
يَقِــفُ الزَّمــــــانُ لذِكرهِ بثَنــــاءِ
أمَّا «مُحَمَّدُ» فالعُصورُ تَزُفُّهُ
ولَهُ بهــا دَيمومَةُ الإبقـــــاءِ
يُمناهُ تَمنَحُ للوُجودِ بَهاءَهُ
لِمَ لا و«أحمَدُ» مِنحَةُ المِعطاءِ
أنداؤهُ فاضَتْ، وعَمَّ ضِياؤهُ
فاستَغرَقا الدُّنيا بلا استِثناءِ
فالجُودُ مَوقوفٌ عَلَيهِ وآلِهِ
كَفُّ الكَريمِ، وهَل تُصابُ بِداءِ
غَوثٌ وغَيثٌ للخَلائقِ يُرتَجىٰ
مِنْ أَهْلِ أَرضٍ أو أُهَيْلِ سَمـــاءِ
عَفوٌ وصَفحٌ والسَّماحةُ شِيمَةٌ
عِندَ اقتدارٍ، لَيسَ عَن إعياءِ
واسألْ قُرَيشًا في غَداةِ سُقوطِها
قالَ: اذهبوا في زُمرةِ الطُّلَقاءِ
يا كَوْنُ: حَقًّا هَل شَهِدتَ كسَيِّدي
مِن وَقتِ “كُنْ” و”الفَتْقِ” والإحيــــاءِ
بِجــوامعِ الكَلِــمِ العَظيــمِ حَديثُهُ
بين العَـوامِ وصَفوةِ الجُلَســـاءِ
والحَقُّ أبلجُ في يَديهِ مؤيَّدٌ
في وَجهِ كُلِّ مُجادِلٍ خَطَّـــــاءِ
وَالحَزْم، والعَزْمُ الشَّديدُ شَكيمَةٌ
عِندَ النِّزالِ ومُلتَقىٰ الأعـــداءِ
تَقواهُ زانَتْهُ، وجَمُّ حَيـــائِهِ
والحِلمُ؛ زانا حُسنَهُ للرَّائي
لا ذَرَّةً مِن كِبرِ نَفسٍ أو هَوًى
في قَلبِ «طَهَ» أشرَفِ الأُمَناءِ
يَمشي الهُوَينا واثِقًا في هَيبَةٍ
لا يَحتَفي بالمَدحِ والإطراءِ
إِرثُ الشَّفاعَةِ خالِصٌ لـــ«مُحَمّدٍ»
ولَهُ الوَسيلةُ دونَما غُرَمـــــاءِ
يا خَيرَ مَبعوثٍ وأكرَمَ مُجتَبًى
يا خـــاتَمًا للشِّرعَةِ الغَــــرَّاءِ
يا عاقِبًا للسَّابقين مِنَ الأُلىٰ
جاؤوا بذِكرِكَ يا أبا الزَّهــراءِ
أثنَىٰ عَلَيكَ اللهُ في قُرآنِهِ
يا قاسِمَ الآلاءِ والنَّعْمَـــــــاءِ
يا عِزَّ قَدرِك في السَّماءِ وفي الدُّنىٰ
يَرنو إليكَ الكَونُ في استِجداءِ
بَيتُ النُّبوَّةِ والكَرامَةِ والهُدَىٰ
لَبَّىٰ لكَ الدَّاعي وآبَ النَّائي
أسرَىٰ بِكَ اللهُ العَظيمُ لقُدسِهِ
واصطَفَّ خَلفَكَ سائِرُ النُّبآءِ
وازدانَتِ السَّبعُ الطِّباقُ وشُرِّفَت
بعُروجِكُم للسِّدْرَةِ العَصْمَــــــــــاءِ
لاقاكَ رُسْلٌ أيَّدوكَ وبارَكـــوا
في كُلِّ مَرْقًى جُزتَ في العَلياءِ
يا خَيرَ مَوْجودٍ لأعظَمِ مُوجِدٍ
بِكَ شُقَّ ثَوبُ الليلةِ الدَّهْمـــــاءِ
الحِرزُ أنتَ، كَذا النَّبيُّ المُصطفىٰ
مِسْكًا تَضَوَّعَ فارِهَ الأجـــواءِ
يا ناصِرًا للحَقِّ بالحَقِّ اهتَدىٰ
يا مُعتِقَ الإنسانِ مِنْ ظَلْمَاءِ
يا أيُّها الطَّودُ العَظيمُ تَفَرُّدا
يا مَطلِعَ الإشراقِ في الأنحاءِ
يا نُورَ نُورِ النُّورِ أنتَ ضياؤنا
يا مَهبِطَ الأنوارِ في الإنشــــــــــاءِ
طَابَتْ بكَ الأخلاقُ، أنتَ تَمامُها
سَوَّاك رَبُّكَ طَيِّبَ السِّيمــــــاءِ
فالكُلُّ نَقصٌ لا سِواكَ مُكمَّلٌ
وبِكَ اكتِمالُ نَواقِصِ الأحيـــاءِ
إِنْ شِئتَ جاءتكَ الجِبالُ تَذَلُّلاً
ومَلائِكُ الرَّحمٰنِ في استرضــاءِ
يا دُرَّةَ الأكوانِ أنتَ مُؤمَّنٌ
وقَّاكَ ربُّكَ مِنْ كُيودِ عِداءِ
يا مَنْ أتاكَ العِلمُ وَحيَ مُعَلِّمٍ
وجَميعُ نُطقِكَ جَلَّ عَن أهواءِ
والكَونُ يَسبَحُ في فضائِك هانِئًا
مُتَقــلِّـبًا بِــبَكـــارَةِ الأضـــواءِ
في كُلِّ يَومٍ لي بِعِشقِكَ صَوْلَةٌ
ودَبيبُ شَوقي يَصطَلي بدِمائي
فاسمَحْ لقَلبي يا حَبيبُ بِجَذبَةٍ
وبِدَعــــوَةٍ للـــرَّوضَــــةِ الغنَّـــــاءِ
حُبًّا رَسولَ اللهِ مِصباحَ الهُدىٰ
يا سَيِّدَ الكُرَمـــــــاءِ والشُّفَعــــاءِ
اليَومَ بعدَ اليَومِ يَربو عِشقُكُم
بَينَ الضُّلوعِ فتَمَّحي ظَلمائي
قَلبي علىٰ نَهجِ المَحَبَّةِ قابِضٌ
مِنْ بَدءِ إشراقي، ليَومِ رِثائي
هَل تَجمُلُ الدُّنيا ولا الأخرىٰ سِوىٰ
بجميلِ ذِكرِكَ سَيِّدي وضيائي
يا واحَةً تَحوي القُلوبَ مَحبَّةً
بِحَنانِكُم، وبِفِطـــرةٍ سَمحــــــاءِ
هذا كِتابُ اللهِ أُنزِلَ للوَرَىٰ
وعلىٰ يَدَيكَ يَجيءُ كُلُّ سَخــاءِ
يا مَن أظَلَّتهُ السَّحابَةُ في الفَلا
والنَّخلُ مالَ تخَشُّعًا بحَيـاءِ
والجِذعُ حَنَّ مِن ابتِعادِكَ باكِيًا
عَجَبًا لجَفوَةِ عُصبَةِ البَغْضاءِ
جَعَلَ الإلَهُ لَكَ التُّرابَ مُطَهَّرًا
لِحَقيقةٍ تَخْفَىٰ عَنِ الحُكَماءِ
ونُصِرتَ بالرُّعبِ الشَّديدِ كَرامَةً
وبُعِثتَ للثَّقَلينِ دونَ مِراءِ
ما سُلَّ سَيفُكَ للجِهادِ شَريعَةً
إلَّا لدَرءِ الشِّــــركِ والشُّـــركاءِ
قتَلوا وفودَكَ للسَّلامِ خيانةً
وأَمرتَ جُندَكَ: لا لسفكِ دماءِ
أوفوا العُهودَ وأَنذِروا أعداءَكم
قبل الحروبِ وأبلغوا أنبائي
لا تَقْطَعوا زرعًا وكُفُّوا بأَسَكُمْ
عن طَاعنينَ وصِبيةٍ ونِساءِ
فالدينُ بالحُسنىٰ وليسَ تجبُّرًا
لا دينَ بالإكـــراهِ والإقصــــاءِ
يا رائفًا بالمؤمنينَ وراحمًا
وعليكَ في اللأواءِ كُلُّ رَجاءِ
يا راعِيًا كُلَّ الثَّواكلِ مِنَّةً
ومَحَوتَ كُلَّ فَواجِعِ التُّعَساءِ
أطفَأتَ جَمرَ الحُزْنِ بَينَ صُدورِهم
وجَبَرتَ كَسْرَ خَواطِرِ الضُّعَفاءِ
كُلُّ الأرامِلِ في رِحابِكَ أُكرِمَتْ
بالجُودِ والرَّحَمـــاتِ والإيــــــواءِ
ما مِنْ يَتيمٍ في جِواركَ مُبتَلًى
عامَلتَهم كالأهلِ والأبنـــــــاءِ
أعلَيتَهم قَدرًا وكُنتَ وَليَّهم
فتَبدَّلَتْ أحزانُهم بِرِضـــــــاءِ
يا سِدرَةً للعاشِقين ووجهَةً
للوالِهينَ وقِبلَةَ العُرَفــــــــاءِ
وبكَ الجَمادُ مَعَ الدّوابِ تَشَرَّفَت
بالذِّكرِ والتَّكريمِ والأسمــــــــاءِ
أهدَيتَها أسماءَهــــــا فتَميَّزَت
عَن جِنسِها مِن جُملَةِ الأشياءِ
فانظُر إلىٰ ذاتِ الفُضولِ ودُلدُلٍ
والحَتفِ واليَعسوبِ والقَصواءِ
ثُمَّ الرّسوبِ معَ القَضيبِ ومخذمٍ
والحَمدِ واليَعفورِ والعَضبــــاءِ
والسَّكبِ والمأثورِ ثمَّ مُلاوِحٍ
والوردِ والبتَّارِ والرَّوحـــــاءِ
ثُمَّ العقابِ معَ السَّحابِ جَليلَةٍ
والبُردةِ السَّوْدَاء والخَضـــراءِ
مِن بَعدِ ذلكَ ذو الفِقارِ وقَصعَةٌ
غرَّاءُ تكفي جُملَةَ النُّزَلاءِ
فمَتاعُكم وسِلاحُكم ورِكابُكم
رُفِعَتْ بِذِكرٍ شاعَ في الأرجــــاءِ
فاذكُر بفَضلِكَ يا كَريمُ بُنَيَّةً
جاءَت إليكَ وخُصَّها بنِداءِ
وابسُط يَدَيكَ بماءِ حَوضِكَ واسقِني
ماءَ التُّقىٰ يَنساب في أعضــــائي
وانظُر بعَطفٍ يا كريمُ لبُردتي
واقبَل قَليلي واستَجِب لِرَجائي
ليسَ المُكافئُ كالوَصولِ تَكَرُّمًا
ولأنتَ أهلُ الوَصلِ والآلاءِ
دامَتْ بِكَ النُّعمَىٰ علىٰ بَشَريةٍ
رَغمَ الجُحودِ وسَوْءةِ البُغَضاءِ
ولوِ استَجابوا للنِّداءِ وسَلَّموا
لِلحَقِّ، ما ظَلُّوا علىٰ البَأساءِ
ما أحوَجَ الإنسانَ للهَدْيِ الَّذي
أرْسَتْ يَداكَ بحِكمَةِ الحُصَفاءِ
عِلمًا وإحسانًا وعَدلًا جِئتَنا
فطَغَتْ شُعوبٌ واعتَلَت بدِماءِ
واستُعبِدَ الأحرارُ مِن إخوانِهم
وتَنابَذَ الأقـــوامُ باستِقــــــواءِ
واستُضْعِفَتْ أُمَمٌ وسادَت عُصبَةٌ
بالمالِ والتَّضليلِ والإغــــــواءِ
غابَتْ عنِ الإنسانِ حِكمَةُ خَلقِهِ
في غَمرةِ الشَّهواتِ والخُيَلاءِ
يا أيُّها الإنسانُ عُدْ لمُحَمَّدٍ
تَلقَ الإخاءَ وألفةَ الفُرَقـــاءِ
وانظُر إلىٰ ما جاءَ في دُستُورهِ
تَجِدِ السَّلامَ تَحيَّةَ النُّبلاءِ
والعَدلَ والإحسانَ شَرعًا مُثْبَتًا
والشُّكرَ في السَّراءِ والضَّــــراءِ
فاهرَعْ إلىٰ المُختارِ واسلُكْ دَربَهُ
تَنعَمْ بفَضلٍ بَعدَ طُولِ شَقاءِ
قُل: جِئتُ مُعتَذِرًا إليكَ، وخافِقي
يَسعَىٰ إليكَ تَحُثُّهُ أرجائي
صَلَّىٰ عَلَيكَ اللهُ في عَليائِهِ
والآلِ طُرًّا دونَما إِحصــــــاءِ