المستشارة القانونية : فاطمة درباش
يمكن تعريف التدابير الاحترازية بأنها مجموعة من الإجراءات القانونية تواجه خطورة إجرامية كامنة في شخصية مرتكب الجريمة ، تهدف إلى حماية المجتمع ، من خلال منع المجرم من العودة إلى ارتكاب جريمة جديدة .
العقوبة توقع على مرتكب الجريمة حيث يتوافر الخطأ والصلاحية للمسؤولية العقابية. أما التدبير الاحترازي فهو يوقع حيث تتوافر الخطورة الإجرامية أي احتمال إقدام المجرم على ارتكاب جرائم تالية.
من أهم عناصر التدابير الاحترازية التي تقوم عليها أولا أن التدابير الاحترازية لها طابع الإجبار والقسر ويعني ذلك أن تطبيقها لا يرتهن بإرادة من تفرض عليه ، بل هي ملزمة له ، ولو شملت تدابير علاجية أو أساليب مساعدة لا يرغب الشخص في الاستفادة منها. ثانيا، أن ارتباط الاحترازي بالخطورة الإجرامية ويعني ذلك أن فرض التدابير وزوالها مرهون بدرجة الخطورة . كما يعني الارتباط بين التدبير الاحترازي والخطورة أن كل تطور ينشأ على الخطورة ، يستلزم بالضرورة تعديلا في التدبير ، سواء من حيث نوعه أو مدته أو كيفية تنفيذه .
العنصر الثالث، تجرد التدبير الاحترازي من الفحوى الأخلاقية فالتدبير الاحترازي يقتضي إلى مواجهة الخطورة الإجرامية ، ويعتبر مجرد أسلوب للدفاع الاجتماعي ضد هذه الخطورة ، ويعني ذلك أنه لا يستند إلى فكرة المسؤولية الأخلاقية القائمة على الخطيئة .أما العنصر الرابع، فهو أن الإيلام ليس مقصودا في التدبير الاحترازي وتلك نتيجة منطقية لتجرد التدبير من الفحوى الأخلاقية . ولا يخل بهذه الخاصية من خصائص التدبير ما قد يتضمنه تنفيذه من إيلام تفرضه طبيعته ، وبحسب إذا كان من التدابير السالبة أو المقيدة للحرية.
وأخيرا، فإن التدبير الاحترازي لا يحدث إلا إذا كان من يخضع له قد ارتكب جريمة فالخطورة الإجرامية التي يتجه التدبير الاحترازي إلى مواجهتها تنشأ حين يرتكب الفرد فعلًا جريمة ، ويهدف إنزال التدبير إلى مواجهة احتمال ارتكابه جريمة أخرى.
إذاً فالتدبير الاحترازي هو مجموعة الإجراءات التي يقررها القانون ويوقعها القضاء لمواجهة الخطورة الإجرامية الكامنة في شخصية مرتكب الجريمة ، بهدف حماية المجتمع من هذه الخطورة.
وتتنوع التدابير الاحترازية أولاً/من حيث موضوعها وهنا تنقسم إلى تدابير شخصية وتدابير عينية، والتدابير الشخصية هي التي يكون موضوعها شخص المجرم وتنقسم بدورها إلى تدابير سالبة للحرية كالإيداع في محل معين، كإيداع المجنون مستشفى الأمراض العقلية، أو تدابير مقيدة للحرية كالوضع تحت مراقبة الشرطة.
أما التدابير العينية فهي التي تنصب على شيء مادي استخدمه الجاني في جريمته مثل مصادرة الأشياء المستعملة في جناية أو جنحة أو تتحصل منها ومصادرة الأشياء التي تعتبر حيازتها جريمة كالمواد المخدرة.
ثانيا/تتنوع من حيث سلطة القاضي في شأنها وتنقسم إلى تدابير وجوبية وتدابير جوازية، والتدابير الوجوبية هي التي يلتزم القاضي بإنزالها، أما التدابير الجوازية فهي التي تكون له في شأنها سلطة تقديرية.
ثالثا/ومن حيث وسائلها في مواجهة الخطورة الإجرامية وتنقسم إلى تدابير تهذيبية مثل التدابير التي تطبق على الأحداث المنحرفين وتدابير علاجية.
رابعا/تتنوع التدابير الاحترازية من حيث علاقتها بالعقوبة وهنا تنقسم إلى تدابير لا يتصور اجتماعها إلى جانب العقوبة وإنما توقع بمفردها وذلك إذا كان المجرم غير أهل للمسؤولية الجنائية كاعتقال المجرم المجنون، وتدابير يتصور اجتماعها إلى جانب العقوبة وذلك إذا توافرت لدى المجرم الأهلية للمسؤولية الجنائية كاعتقال المجرم الشاذ أو المعتاد علي الإجرام .