الديمقراطية الشاملة نفي للعدالة في ليبيا

الديمقراطية الشاملة نفي للعدالة في ليبيا

  • د / سعد الأريل

عندما قامت ثورة 17 فبراير كان حلما يراود كل الليبيين الأحرار في أن يظلوا على استقلالهم الاجتماعي و السياسي الذى حرموا منه 4 عقود في ظل مركزية فاشية أتت على الأخضر و اليابس لكن هذا الحلم بدأ يتبخر في ظل ( اليعاقبة ) الإسلاميين الذين أرادوا أن يديروا عجلة التاريخ للوراء فنشروا الانقسام ما بين أفراد الشعب الواحد بدون أجندة مشروعة سوى نظرية ( الشريعة ..ياشيخ ) و حكم ( الشورى ) التي عفا عليها التاريخ و لا تمثل النظام الديموقراطي الحضاري اليوم ..فالشورى هي حكم الأقلية الألوجاركية لعبادة الفرد وهي غير الديمقراطية وهي التي ترنو إلى حكم الفرد و ليس الأقلية .. فالحرية هي حكم يتعلق بالفرد .. الواقع الهيئة الدستورية ابتعدت فكريا عن الواقعية الليبية و خرجت علينا بدستور منافٍ للواقعية الليبية فيما يتعلق بالجغرافيا السياسية للبلاد .. و خاصة في الإدارة المحلية .. فنفت كل أشكال حكم الأقاليم وهو حكم ( الفيدرالية ) فنحن قُطْر غير متجانس جغرافيًا فلدينا ثلاثة أقاليم متباعدة جغرافيا يفصل بعضها عن بعض آلاف الأميال ,ليس من الممكن إقرار حكم وجها لوجه سياسيا ..لقد ارتكب واضعوا الدستور خطأ فاحشا في مصير الشعب الليبي الذى عانى عصر المركزية المريرة و عدم العدالة في أي اتجاه .. و هذا يرجع إلى عدم ثقافة أولئك الذين اختيروا لهذا المرجع المصيري ليعيد لنا مأساة المركزية المتخلفة ثانية .. و فيما أطلقوه من حجج واهية حول اللامركزية لايصل إلى الفيدرالية وهى حكم وجها لوجه و ليس فوقيا أو خارجا عن إرادة الجماهير ..نحن في المنظور العلمي الذى يعيق الديموقراطية الشاملة أي المركزية هو التموضع السكاني المتشتت في البلاد .. ثم العامل السياسي للإقليم فهناك تباعد كبير في حركة السكان من حيث الكثافة السكانية التي تؤثر في صناعة القرار.. فإقليم ( طرابلس ) يمثل 60% من السكان وله الأغلبية الممكنة تشريعيا و تنفيذيا عن باقى الأقاليم الأخرى فبرقة تمثل 30% وفزان 10% .. عندما كنت في مجلس التخطيط كانت الميزانيات ترصد مركزيا لحصة كل مدينة من الميزانية العامة للدولة فكان نصيب مدينة ( بنغازى ) 16% من الموازنة وكان سكان الإقليم البرقاوي يتلقون جل الخدمات من المدينة مما أربك أي خطة في مدينة بنغازي لتقديم الخدمات وهنا تظهر عدم العدالة في توزيع الثروة القومية و لكن في ظل اعتبار الإقليم وحدة واحدة هنا يبرز دور التخطيط ..هذا من ناحية توزيع الثروة أما بالنسبة للخدمات فهناك إعاقة كبيرة للحصول على الخدمات التي تمركزت في المركز و يرجع إلى الأمر السياسي .. حيث الكثافة السكانية هي عامل في التفرقة في صناعة القرار و خاصة الخدمي و المشروعات .. فلماذا تبنى ناطحات السحاب في طرابلس و تضل الأقاليم الباقية تسكن الأكواخ ؟ إن مصير الأقاليم يتمثل في التمسك بالنظام الفيدرالي وهو المخرج من تطبيق الديمقراطية الشاملة و ليس هناك خلاص سوى تطبيق الفيدرالية ومن ثَمّ على مجلس النواب تصحيح الوضع في بنود الحكم المحلى لأنه يملك سلطة القرار.. فالديموقراطية الشاملة خطر على العدالة الاجتماعية.

شـــارك الخبر علي منصات التواصل

صحيفة فــــسانيا

صحيفة أسبوعية شاملة - منبع الصحافة الحرة

شاركنا بتعليقك على الخبر :