بقلم :: محمد عمر غرس الله
مع دخول العام الجديد 2018 ورغم إنها نفس الأيام، و”الإنسان هو من يصنع الفرق”، الا إننا نتفائل بما نُقسم من أيام ومن أسابيع وشهور وسنوات، ونحن نودع العام ونستقبل عام جديد، ثمة كلمة لا بد من قولها في قصتي مع “الرأي الفكري”، الذي لم يضرني شيء كما ضرني، رغم ترديدنا “إن الإختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية”، فعلى فضاء النشر الصحفي والاكاديمي وعلى هذا الفضاء الفيسبوكي، كتبت مجموعة من “الدراسات والأراء والمقالات التحليلية” المتنوعة التي تركز على موضوع “المرحلة التي تمر بها أُمتنا”، وبلادي ليبيا – خاصة – منذ بدء الاحداث بداية 2011، حاولت الإجتهاد ما إستطعت – محكوماً بظروف “الزمان والمكان” كإنسان – تقديم تأصيل فكري لما حصل ويحصل حول الأسباب والتجليات (المحلية والعربية والدولية) يعين أمتي وبلدي وأهلي، لفهم أعمق حاولت التفرغ له، ولم أستخدم أكثر من الأُسلوب الفكري البحثي الرصين في ذلك، ونشرته عبر المواقع الالكترونية والصحف الورقية” في المنطقة العربية، وتم نشره عبر الفضاء “الفيسبوكي على صفحتي هذه، وصفحات شخصية وعامة اخرى، والفضاء التويتري ، او قدمته في “ندوة” منقولة على الهواء مباشرة، أو في “مداخلة فكرية” عبر أحد القنوات التلفزيونية، فأنا “باحث” لم أُغادر “الجامعة والمكتبة ومركز البحث الأكاديمي”.
لم أكن مزاحماً لأحد، ولا منافساً في منصب ولا مغنم، ولا قدرة لي في التأثير على الأحداث، ولم يكن أُسلوبي فجاً او سيئاً، ولم أستخدم إلا الصيغ المتعارف عليها في الطرح الفكري، والنصوص التي نشرتها تشهد بذلك، ولا أنزه نفسي فأنا بشر كبقية الناس أخطيء وأصيب ولم أقل إن ما كتبته لا يحتمل الخطاء او عدم الدقة أو إن وقته غير مناسب، فأنا مجرد مجتهد فإن أصبت فلي أجران ، وإن أخطاءت فلي أجر المحاولة.
لكن هذا “الإجتهاد الفكري” جر علي الكثير من الأذى، علقوا صورتي في أكثر من صفحة ونشروها وكتبوا تحتها ما لايخطر على بال من التهم (وعرفتهم جميعاً تقريباً)، وجهوا لي التهم ووصفوني باقضع الأوصاف، كتبوا بما يسؤني كلما وجدوا لي مقالاً او صورة، والبعض من أعز اصدقائي قاطعني بل منهم من لم يترك فرصة الا وأساء لي فيها، والبعض القليل للأمانة عاد وإعتذر، والبعض الاخر ارسل ينكر ما فعل.
للأسف سببوا لي أذى معنوي كبير وظلموني بدون مبرر، ولا أعرف مالذي دهى بعض من أعز أصدقائي ومعارفي، والبعض ممن تعرفت عليهم عبر هذا الفضاء، والبعض ممن لم أعرفهم مسبقاً، الذين تعرضوا لي بشكل محموم، إُناس ليس بيني وبينهم سوى الود والمحبة والتقدير من ناحيتي، البعض منهم من أعز ألاصدقائي ومعارفي، ممن يأكل في بيتي وينام فيه وأنا افعل ذلك في بيته، ومنهم من بيننا إحترام وتقدير، وكنت حريص على إبداء ذلك لهم حتى بعدما أساؤ لي، وأخرون لا اعرفهم عن قرب وليس بيننا ما يدعوهم للتعرض لي، ومنهم من يعرفني عن بعد، منهم من كتب بما يسؤني هنا على صفحتي هذه لمجرد إني أبديت رأيي وليس أكثر من ذلك، ومنهم من تحدث معي على الخاص بطريقة اقل من مستوى الأحترام الذي كان بيننا وبقيت أحافظ عليه رغم إساءته، كانت ردودي عليهم جميعاً في حدود الأدب ولم أتجاوز مع اياً منهم خط الأدب والإحترام، ولم أوجه لهم سوى اللوم الأخوي، ومنهم من تجاهلته تماماً وأبقيت ما كتبه يدينه ويدن أخلاقه، وهو حر فيما يقدم نفسه عليه، وإعتمدت البيت القائل:
كن كالنخيل عن الأحقاد مرتفعاً … يرمى بحجر فيرمي أطيب الثمر
إعي إنه الإنسان مهما بدا لك قريباً او صديقاً او مجرد شخص عابر، فالأيام طوال والصدمة جعلت الكثيرين يتفرغون لأكل لحوم الناس، خاصة الذين يجدون صفحات التواصل الاجتماعي مجالاً لخوض المعارك ويعتقدون بحسمها بـــــــــــ “كلمة جارحة او سب او توجيه تهمة”، وأعي أن مواقع التواصل الاجتماعي حطمت جدار “التناسب الفكري وحتى الاخلاقي” فالكل معاً دون أي تحديد لمستوى هذا او ذاك، كما أني اعي إنها ضريبة الإجتهاد الفكري والجراءة على القضايا الفكرية، فبعض الحقائق حينما تقال تكون صادمة، وإن الإنسان غالباً يطرب وتلذذ بالرأي الذي يسير على هواه، ويحقد ويكره الرأي وصاحب الرأي الذي يقول عكس ما يرى، حتى وهو الحقيقة، فالحقيقة أحياناً كثيرة صادمة ومُرة ومؤلمة، والناس غالباً لا يعلمون إن الرأي المختلف حوله، والمختلف عن رأيهم، أكثر فائدة لهم من الرأي الذي يتفقون معه، لأنه ينبههم لما لا يرون ولا يعرفون او الذي لا يريدون معرفته.
هدانا الله تعالى وإياكم جميعاً لما فيه الخير وطهر الله قلوبنا ونفوسنا من الحقد والبغضاء، وعام جديد إن شاء الله افضل على أمتنا المقاومة الصامدة.