د. قيس عمران اخليف
كان المريض سالم يجلس خلف سيارة الإسعاف في موقف السيارات بمستشفى القلب في مساء مقمر هادئ، و قد أخفى نفسه بطريقة تشابه طريقة شباب الثانوية الهاربون من المدرسة ليدخنوا بعيدا عن أعين الأساتذة، و هو يلتفت يمينا و يسارا.
كانت الطبيبة سهى المناوبة تمشي بالممر باتجاه غرفة الطوارئ عندما شاهدته من نافذة المستشفى ، فخرجت مسرعة باتجاه سالم .
قالت له : رجاء سيد سالم العودة لسريرك و التوقف على التدخين .
خجل سالم من نفسه فرمي السيجارة على الأرض و أطفأها بدعسة قوية برجله المنتفخة بسوائل الجسم .دخل سالم إلى سريره و تمدد فيه ، فقد كان يعاني من فشل بالقلب أثر على نسبة الأكسجين و حيوية أعضائه الأخرى لذلك منع عنه الأطباء التدخين بشكل نهائي.
نظر مليا في الغرفة حيث يجاوره الحاج صالح المريض الذي يعاني من خلل بعمل صمامات القلب و السيد مسعود مدرس الثانوي الذي أصيب أثناء التدريس بتوقف قلب مفاجئ، و من ثم اتجه بنظره للنافذة المتكونة من زجاج و شبكة حماية من الحشرات بين الزجاج و حديد الحماية.
أخرج سالم سكينا صغيرا من حقيبته وقام بصنع ثقب صغير في الشبكة. ثم أنه أخرج سيجارا من حقيبته وأشعله وأخرجه خلال الثقب وصار يدخن بكل هدوء.
في الصباح كان جميع الطاقم الطبي يجري باتجاه سرير سالم الشاب الثلاثيني الذي عانى كثيرا منذ لحظة دخوله للمستشفى و ها هو ينتهي به المطاف و قد توقف قلبه بعد سيجارته الأخيرة التي أصر أن يشربها حتى لو فقد حياته، فكانت سيجارته الأخيرة.